الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالا كُنّا نَعُدُّهم مِنَ الأشْرارِ﴾ ﴿أتَّخَذْناهم سِخْرِيًّا أمْ زاغَتْ عنهُمُ الأبْصارُ﴾ ﴿إنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أهْلِ النارِ﴾ ﴿قُلْ إنَّما أنا مُنْذِرٌ وما مِن إلَهٍ إلا اللهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ ﴿رَبُّ السَماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما العَزِيزُ الغَفّارُ﴾
الضَمِيرُ في "قالُوا" لِأشْرافِ الكُفّارِ ورُؤَسائِهِمْ، أخْبَرَ اللهُ عنهم أنَّهم يَتَذَكَّرُونَ - إذا دَخَلُوا النارَ - لِقَوْمٍ مِن مُسْتَضْعَفِي المُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُونَ هَذِهِ المَقالَةَ، وهَذا مُطَّرِدٌ في كُلِّ أُمَّةٍ جاءَها رَسُولٌ، ورُوِيَ أنَّ القائِلِينَ مِن كُفّارِ عَصْرِ النَبِيِّ ﷺ هُمْ: أبُو جَهْلٍ بْنُ هِشامٍ، وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وأهْلُ القَلِيبِ، ومَن جَرى مَجْراهُمْ، وأنَّ الرِجالَ الَّذِينَ (p-٣٦٠)يُشِيرُونَ إلى ذِكْرِهِمْ هم عَمّارُ بْنُ ياسِرٍ، وصُهَيْبٌ ومِثْلُهُمْ، قالَهُ مُجاهِدٌ وغَيْرُهُ. والمَعْنى: كُنّا في الدُنْيا نَعُدُّهم أشْرارًا لا خَلاقَ لَهم.
وأمالَ الراءَ مِنَ "الأشْرارِ": أبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، والكِسائِيُّ، وفَتَحَها ابْنُ كَثِيرٍ، وعاصِمٌ، وأشَمَّ نافِعٌ، وحَمْزَةُ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "اتَّخَذْناهُمْ" بِألِفِ وصْلٍ، ومَعْناها عَلى أنْ يَكُونَ ذَلِكَ في مَوْضِعِ الصِفَةِ لِـ"رِجالٍ"، وقَرَأ الباقُونَ بِألِفِ قَطْعٍ لِلِاسْتِفْهامِ، ومَعْناها تَقْرِيرُ أنْفُسِهِمْ عَلى هَذا، عَلى جِهَةِ التَوْبِيخِ لَها والأسَفِ، أيْ: أتَّخَذْناهم سُخْرِيًّا ولَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، واسْتَبْعَدَ مَعْنى هَذِهِ القِراءَةَ أبُو عَلِيٍّ.
وقَرَأ نافِعٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "سُخْرِيًّا" بِضَمِّ السِينِ، وهي قِراءَةُ الأعْرَجِ، وشَيْبَةَ، وابْنِ مَسْعُودٍ وأصْحابِهِ، وأبِي جَعْفَرٍ، ومُجاهِدٍ، والضَحّاكِ، ومَعْناها مِنَ السُخْرَةِ والِاسْتِخْدامِ، وقَرَأ الباقُونَ بِكَسْرِ السِينِ، وهي قِراءَةُ الحَسَنِ، وأبِي رَجاءٍ، وعِيسى، وابْنِ مُحَيْصِنٍ، ومَعْناهُ المَشْهُورُ مِنَ السَخَرِ الَّذِي هو الهُزْءُ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ إنِّي أتَتْنِي لِسانٌ لا أُسَرُّ بِها ∗∗∗ مِن عَلْوَ لا كَذِبٌ فِيها ولا سَخَرُ
وقالَتْ فِرْقَةٌ: يَكُونُ كَسْرُ السِينِ مِنَ التَسْخِيرِ. و"أمْ" في قَوْلِهِمْ: ﴿أمْ زاغَتْ﴾ مُعادِلَةٌ لِـ"ما" في قَوْلِهِمْ: ﴿ما لَنا لا نَرى﴾، وذَلِكَ أنَّها قَدْ تُعادِلَ ما يُعادِلُ "مَن"، وأنْكَرَ بَعْضُ النَحْوِيِّينَ هَذا وقالَ: إنَّها لا تَعادِلُ إلّا الألِفَ فَقَطْ، والتَقْدِيرُ في هَذِهِ الآيَةِ: أمَفْقُودُونَ (p-٣٦١)هم أمْ زاغَتْ؟ ومَعْنى هَذا الكَلامِ: ألَيْسُوا مَعَنا أمْ هم مَعَنا؟ ولَكِنَّ أبْصارَنا تَمِيلُ عنهم فَلا نَراهُمْ؟ و"الزَيْغُ": المَيْلُ.
ثُمَّ أخْبَرَ اللهُ تَعالى نَبِيَّهُ ﷺ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أهْلِ النارِ﴾، و"تَخاصُمُ" بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: "لَحَقٌّ". وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "تَخاصُمَ بِفَتْحِ المِيمِ، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "تَخاصُمٌ" بِالتَنْوِينِ ﴿أهْلِ النارِ﴾ بِرَفْعِ اللامِ.
ثُمَّ أمَرَ تَعالى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ بِأنْ يَتَجَرَّدَ لِلْكُفّارِ مِن جَمِيعِ الأغْراضِ إلّا أنَّهُ مُنْذِرٌ لَهُمْ، وهَذا تَوَعَّدٌ بَلِيغٌ مُحَرِّكٌ لِلنُّفُوسِ. وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ.
{"ayahs_start":62,"ayahs":["وَقَالُوا۟ مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالࣰا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ ٱلۡأَشۡرَارِ","أَتَّخَذۡنَـٰهُمۡ سِخۡرِیًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ","إِنَّ ذَ ٰلِكَ لَحَقࣱّ تَخَاصُمُ أَهۡلِ ٱلنَّارِ","قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ مُنذِرࣱۖ وَمَا مِنۡ إِلَـٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُ ٱلۡوَ ٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ","رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفَّـٰرُ"],"ayah":"إِنَّ ذَ ٰلِكَ لَحَقࣱّ تَخَاصُمُ أَهۡلِ ٱلنَّارِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق