الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهم أكْثَرُ الأوَّلِينَ﴾ ﴿وَلَقَدْ أرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ ﴿فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ﴾ ﴿إلا عِبادَ اللهِ المُخْلَصِينَ﴾ ﴿وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ﴾ ﴿وَنَجَّيْناهُ وأهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ﴾ ﴿وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾ ﴿وَتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ ﴿سَلامٌ عَلى نُوحٍ في العالَمِينَ﴾
مَثَّلَ تَعالى لِقُرَيْشٍ في هَذِهِ الآيَةِ بِالأُمَمِ الَّتِي ضَلَّتْ قَدِيمًا، وجاءَها الإنْذارُ، وأهْلَكَها اللهُ بِعَدْلِهِ، وقَوْلُهُ: ﴿فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ﴾ يَقْتَضِي الإخْبارُ بِأنَّهُ عَذَّبَهُمْ، ولِذَلِكَ حَسُنَ الِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ: ﴿إلا عِبادَ اللهِ﴾.
ونِداءُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَلامُ قَدْ تَضَمَّنَ أشْياءَ: مِنها الدُعاءُ عَلى قَوْمِهِ، ومِنها سُؤالُ النَجاةِ، ومِنها طَلَبُ النُصْرَةِ، وفي جَمِيعِ ذَلِكَ وقَعَتِ الإجابَةُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ﴾ يَقْتَضِي الخَبَرَ بِأنَّ الإجابَةَ كانَتْ عَلى أكْمَلِ ما أرادَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَلامُ. و﴿الكَرْبِ العَظِيمِ﴾، قالَ السُدِّيُّ: هو الغَرَقُ، ومِنَ الكَرْبِ تَكْذِيبُ الكَفَرَةِ، ورُكُوبُ الماءِ وهَوْلِهِ، قالَ الرُمّانِيُّ: الكَرْبُ: الخَبَرُ الثَقِيلُ عَلى القَلْبِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، وقَتادَةُ: أهْلُ الأرْضِ كُلُّهم مِن ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، قالَ الطَبَرِيُّ: والعَرَبُ مِن أولادِ سامٍ، والسُودانُ مِن أولادِ حامٍ، والتُرْكُ والصَقْلَبُ وغَيْرُهم مِن أولادِ يافِثٍ. ورُوِيَ عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ «أنَّ النَبِيَّ ﷺ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ وقالَ: "سامٌ وحامٌ ويافِثٌ"،» وقالَتْ فِرْقَةٌ: إنَّ اللهَ تَعالى أبْقى ذُرِّيَّةَ نُوحٍ، ومَدَّ نَسْلَهُ، وبارَكَ في ضِئْضِئِهِ، ولَيْسَ الأمْرُ بِأنَّ أهْلَ الأرْضِ انْحَصَرُوا إلى (p-٢٩٤)نَسْلِهِ، بَلْ في الأُمَمِ مَن لا يَرْجِعُ إلَيْهِ، والأوَّلُ أشْهَرَ عِنْدَ عُلَماءِ الأُمَّةِ، وقالُوا: نُوحٌ هو آدَمُ الأصْغَرُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ مَعْناهُ: ثَناءً حَسَنًا جَمِيلًا باقِيًا آخِرَ الدَهْرِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ، ومُجاهِدٌ، والسٌدِّيُّ، وقَوْلُهُ: ﴿ "سَلامٌ"﴾ - عَلى هَذا التَأْوِيلِ - رَفْعٌ بِالِابْتِداءِ مُسْتَأْنَفٌ، سَلَّمَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ لِيَقْتَدِيَ بِذَلِكَ البَشَرُ، قالَ الطَبَرِيُّ: هَذِهِ أمَنَةٌ مِنهُ لِنُوحٍ في العالَمِينَ أنْ يَذْكُرَهُ أحَدٌ بِسُوءٍ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
هَذا جَزاءُ ما صَبَرَ طَوِيلًا عَلى أقْوالِ الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ.
وقالَ الفَرّاءُ وغَيْرُهُ مِنَ الكُوفِيِّينَ: قَوْلُهُ: ﴿ "سَلامٌ"﴾ الآيَةُ، جُمْلَةٌ في مَوْضِعِ نَصْبٍ بـِ"تَرَكْنا"، وهَذا هو المَتْرُوكُ عَلَيْهِ، فَكَأنَّهُ قالَ: وتَرَكْنا عَلى نُوحٍ تَسْلِيمًا، يُسَلَّمُ بِهِ عَلَيْهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وفي قِراءَةِ عَبْدُ اللهِ: [سَلامًا] نَصْبًا بـِ"تَرَكْنا". صَلّى اللهُ عَلى نُوحٍ وعَلى أهْلِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا، وشَرَّفَ وكَرَّمَ، وعَلى جَمِيعِ أنْبِيائِهِ.
و﴿فِي الآخِرِينَ﴾ مَعْناهُ: في الباقِينَ غابِرَ الدَهْرِ، والقِراءَةُ بِكَسْرِ الخاءِ: وما كانَ مِن إهْلاكٍ فَهو بِفَتْحِها.
{"ayahs_start":71,"ayahs":["وَلَقَدۡ ضَلَّ قَبۡلَهُمۡ أَكۡثَرُ ٱلۡأَوَّلِینَ","وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا فِیهِم مُّنذِرِینَ","فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِینَ","إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِینَ","وَلَقَدۡ نَادَىٰنَا نُوحࣱ فَلَنِعۡمَ ٱلۡمُجِیبُونَ","وَنَجَّیۡنَـٰهُ وَأَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلۡكَرۡبِ ٱلۡعَظِیمِ","وَجَعَلۡنَا ذُرِّیَّتَهُۥ هُمُ ٱلۡبَاقِینَ","وَتَرَكۡنَا عَلَیۡهِ فِی ٱلۡـَٔاخِرِینَ","سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحࣲ فِی ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق