الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَأرْسَلْناهُ إلى مِائَةِ ألْفٍ أو يَزِيدُونَ﴾ ﴿فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهم إلى حِينٍ﴾ ﴿فاسْتَفْتِهِمْ ألِرَبِّكَ البَناتُ ولَهُمُ البَنُونَ﴾ ﴿أمْ خَلَقْنا المَلائِكَةَ إناثًا وهم شاهِدُونَ﴾ ﴿ألا إنَّهم مِن إفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ﴾ ﴿وَلَدَ اللهُ وإنَّهم لَكاذِبُونَ﴾ ﴿أصْطَفى البَناتِ عَلى البَنِينَ﴾ ﴿ما لَكم كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ ﴿أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ ﴿أمْ لَكم سُلْطانٌ مُبِينٌ﴾ ﴿فَأْتُوا بِكِتابِكم إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾
قالَ الجُمْهُورُ: إنَّ هَذِهِ الرِسالَةَ إلى مِائَةِ ألْفٍ في رِسالَتِهِ الأُولى الَّتِي أبَقَ بَعْدَها، ذَكَرَها اللهُ تَعالى في آخِرِ القَصَصِ تَنْبِيهًا عَلى رِسالَتِهِ، ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهم إلى حِينٍ﴾، وتَمْتِيعُ تِلْكَ الأُمَّةِ هو الَّذِي أغْضَبَ يُونُسَ عَلَيْهِ السَلامُ حَتّى أبَقَ، وقالَ قَتادَةُ، وابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا: هَذِهِ الرِسالَةُ أُخْرى بَعْدَ أنْ نُبِذَ بِالعَراءِ، وهي إلى أهْلِ نِينَوى مِن ناحِيَةِ المُوصِلِ.
وقَرَأ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "وَيَزِيدُونَ" بِالواوِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿ "أو يَزِيدُونَ"،﴾ فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "أو" بِمَعْنى (بَلْ)، وكانُوا مِائَةَ ألْفٍ وثَلاثِينَ ألْفًا، وقالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَبِيِّ ﷺ: « "كانُوا مِائَةً وعِشْرِينَ ألْفًا"،» وقالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: كانُوا مِائَةً وسَبْعِينَ ألْفًا، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ: "بَلْ يَزِيدُونَ"، وقالَتْ فِرْقَةٌ "أو" هُنا بِمَعْنى الواوِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هي لِلْإبْهامِ عَلى المُخاطَبِ، كَما تَقُولُ: "ما عَلَيْكَ أنْتَ، أنا أُعْطِي فُلانًا دِينارًا أو ألْفَ دِينارٍ"، ونَحْوُ هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ (p-٣١٤)الأمْرِ شَيْءٌ أو يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أو يُعَذِّبَهم فَإنَّهم ظالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨]، وهَذا المَعْنى قَلِيلُ التَمَكُّنِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أو يَزِيدُونَ﴾. وقالَ المُبَرِّدُ وكَثِيرٌ مِنَ البَصْرِيِّينَ: المَعْنى عَلى نَظَرِ البَشَرِ وحَذَرِهِمْ، أيْ: مَن رَآهم قالَ: هم مِائَةُ ألْفٍ أو يَزِيدُونَ.
ورُوِيَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهم إلى حِينٍ﴾ أنَّهم خَرَجُوا بِالأطْفالِ وأولادِ البَهائِمِ، وفَرَّقُوا بَيْنَها وبَيْنَ الأُمَّهاتِ، وناحُوا وضَجُّوا وأخْلَصُوا، فَرَفَعَ اللهُ عنهُمْ، والتَمْتِيعُ هُنا هو بِالحَياةِ، والحِينُ: آجالُهُمُ السابِقَةُ في الأزَلِ، قالَهُ قَتادَةُ، والسُدِّيُّ، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: [حَتّى حِينٍ]، وفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهم إلى حِينٍ﴾ مِثالٌ لِقُرَيْشٍ: أيْ: إنْ آمَنُوا أمِنُوا كَما جَرى لِهَؤُلاءِ، ومِن هَنا حَسُنَ انْتِقالُ القَوْلِ والمُحاوَرَةِ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاسْتَفْتِهِمْ﴾، فَإنَّما يَعُودُ ضَمِيرُهم عَلى ما في المَعْنى مِن ذِكْرِهِمْ.
و"الِاسْتِفْتاءُ": السُؤالُ، وهو هُنا بِمَعْنى التَقْرِيعِ والتَوْبِيخِ، عَلى قَوْلِهِمْ عَلى اللهِ، البُهْتانَ وجَعْلِهِمُ البَناتِ لِلَّهِ تَعالى عن ذَلِكَ. وأمَرَهُ بِتَوْقِيفِهِمْ عَلى جِهَةِ التَوْبِيخِ أيْضًا، هَلْ شاهَدُوا أنَّ المَلائِكَةَ إناثٌ فَيَصِحُّ لَهُمُ القَوْلُ بِهِ.
ثُمَّ أخْبَرَ تَعالى عن فِرْقَةٍ مِنهم بَلَغَ بِها الإفْكُ والكَذِبُ إلى أنْ قالَتْ: ولَدَ اللهُ المَلائِكَةَ لِأنَّهُ نَكَحَ في سَرَواتِ الجِنِّ، وهَذِهِ فِرْقَةٌ مِن بَنِي مُدْلَجٍ فِيما رُوِيَ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿أصْطَفى﴾ ألِفَ قَطْعٍ هي لِلِاسْتِفْهامِ، وهَذا عَلى جِهَةِ التَقْرِيرِ والتَوْبِيخِ عَلى نِسْبَتِهِمْ إلَيْهِ اخْتِيارَ الأدْنى عِنْدَهُمْ، وقَرَأ نافِعٌ في رِوايَةِ إسْماعِيلَ: [اصْطَفى] بِصِلَةِ الألِفِ عَلى الخَبَرِ، كَأنَّهُ يَحْكِي شَنِيعَ قَوْلِهِمْ، ورَواها إسْماعِيلُ عن أبِي جَعْفَرٍ، وشَيْبَةُ.
ثُمَّ قَرَّرَ ووَبَّخَ وعَرَضَ لِلتَّذَكُّرِ والنَظَرِ، واسْتَفْهَمَ عَنِ البُرْهانِ والحُجَّةِ عَلى جِهَةِ التَقْرِيرِ وضَمِّهِمُ الِاسْتِظْهارِ بِكِتابٍ أو أمْرٍ يُظْهِرُ صِدْقَهم. وقَرَأ الجُمْهُورُ: " تَذَّكَّرُونَ " مُشَدَّدَةَ الذالِ والكافِ، وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِسُكُونِ الذالِ وضَمِّ الكافَ خَفِيفَةً.
{"ayahs_start":147,"ayahs":["وَأَرۡسَلۡنَـٰهُ إِلَىٰ مِا۟ئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ یَزِیدُونَ","فَـَٔامَنُوا۟ فَمَتَّعۡنَـٰهُمۡ إِلَىٰ حِینࣲ","فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَلِرَبِّكَ ٱلۡبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلۡبَنُونَ","أَمۡ خَلَقۡنَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ إِنَـٰثࣰا وَهُمۡ شَـٰهِدُونَ","أَلَاۤ إِنَّهُم مِّنۡ إِفۡكِهِمۡ لَیَقُولُونَ","وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ","أَصۡطَفَى ٱلۡبَنَاتِ عَلَى ٱلۡبَنِینَ","مَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ","أَفَلَا تَذَكَّرُونَ","أَمۡ لَكُمۡ سُلۡطَـٰنࣱ مُّبِینࣱ","فَأۡتُوا۟ بِكِتَـٰبِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ"],"ayah":"مَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق