الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿أوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَماواتِ والأرْضَ بِقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مِثْلَهم بَلى وهو الخَلاقُ العَلِيمُ﴾ ﴿إنَّما أمْرُهُ إذا أرادَ شَيْئًا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ﴿فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ هَذا تَقْرِيرٌ وتَوْقِيفٌ عَلى أمْرٍ تَدُلُّ صِحَّتُهُ عَلى جَوازِ بَعْثِ الأجْسادِ مِنَ القُبُورِ وإعادَةِ المَوْتى. وجُمِعَ الضَمِيرُ جَمْعُ مَن يَعْقِلُ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ "مِثْلَهُمْ"﴾ مِن حَيْثُ كانَتا مُتَضَمِّنَتَيْنِ مَن يَعْقِلُ مِنَ المَلائِكَةِ والثَقَلَيْنِ. هَذا تَأْوِيلُ جَماعَةٍ مِنَ المُفَسِّرِينَ، وقالَ الرُمّانِيُّ وغَيْرُهُ: الضَمِيرُ عائِدٌ عَلى الناسِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: فَهم مِثالٌ لِلْبَعْثِ، وتَكُونُ الآيَةُ نَظِيرَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَخَلْقُ السَماواتِ والأرْضِ أكْبَرُ مِن خَلْقِ الناسِ﴾ [غافر: ٥٧]، وقَرَأ سَلامُ أبُو المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي إسْحَقَ، ويَعْقُوبُ، والأعْرَجُ: "وَيَقْدِرُ" عَلى الِاسْتِقْبالِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: "بِقادِرٍ" عَلى اسْمِ الفاعِلِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: "الخَلّاقُ"، وقَرَأ الحَسَنُ: "الخالِقُ". ورَفَعَ "فَيَكُونُ" عَلى مَعْنى: فَهو يَكُونُ، وهي قِراءَةُ الجُمْهُورِ، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، والكِسائِيُّ: [فَيَكُونَ] بِالنَصْبِ، قالَ أبُو عَلِيٍّ: لا يَنْصِبُ الكِسائِيُّ إذا لَمْ تَتَقَدَّمْ (أنْ)، ونَصَبَ ابْنُ عامِرٍ وإنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ (أنْ)، والنَصْبُ هاهُنا قِراءَةُ ابْنِ مُحُيْصِنٍ، وقَوْلُهُ تَعالى: (p-٢٦٩)﴿ "كُنْ"﴾ أمْرٌ لِلشَّيْءِ المُخْتَرَعِ عِنْدَ تَعَلُّقِ القُدْرَةِ بِهِ لا قَبْلَ ذَلِكَ ولا بَعْدَهُ، وإنَّما يُؤْمَرُ تَأْكِيدًا لِلْقُدْرَةِ وإشارَةً بِها، وهَذا أمْرٌ دُونَ حُرُوفٍ ولا أصْواتٍ، بَلْ مِن كَلامِهِ القائِمِ بِالذاتِ. ثُمَّ نَزَّهَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى نَفْسَهُ تَنْزِيهًا عامًّا مُطْلَقًا، وقَرَأ الجُمْهُورُ: "مَلَكُوتُ"، وقَرَأ الأعْمَشُ والتَيْمِيُّ: "مَلَكَةُ" ومَعْناهُ: ضَبْطُ كُلِّ شَيْءٍ والقُدْرَةُ عَلَيْهِ. كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ يس والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب