الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَيْلُ نَسْلَخُ مِنهُ النَهارَ فَإذا هم مُظْلِمُونَ﴾ ﴿والشَمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ﴾ ﴿والقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كالعُرْجُونِ القَدِيمِ﴾ ﴿لا الشَمْسُ يَنْبَغِي لَها أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ ولا اللَيْلُ سابِقُ النَهارِ وكُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾
هَذِهِ الآياتُ جَعَلَها اللهُ تَعالى أدِلَّةً عَلى القُدْرَةِ ووُجُوبِ الأُلُوهِيَّةِ لَهُ، و"نَسْلَخُ" (p-٢٤٩)مَعْناهُ: نَكْشِطُ ونُقَشِّرُ، فَهي اسْتِعارَةٌ، و"مُظْلِمُونَ": داخِلُونَ في الظَلامِ، واسْتَدَلَّ قَوْمٌ مِن هَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّ اللَيْلَ أصْلٌ والنَهارَ فَرْعٌ طارِئٌ عَلَيْهِ، وفي ذَلِكَ نَظَرٌ.
و"مُسْتَقَرُّ الشَمْسِ" - عَلى ما رُوِيَ في الحَدِيثِ عَنِ النَبِيِّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ مِن طَرِيقٍ أبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ - «بَيْنَ يَدَيِ العَرْشِ، تَسْجُدُ فِيهِ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ غُرُوبِها،» وفي حَدِيثٍ آخَرَ «أنَّها تَسْجُدُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ ولَها ثَمَّ وجْبَةٌ عَظِيمَةٌ.» وقالَتْ فِرْقَةٌ: مُسْتَقَرُّها هو في يَوْمِ القِيامَةِ حِينَ تُكَوَّرُ، فَهي تَجْرِي لِذَلِكَ المُسْتَقَرِّ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: مُسْتَقَرُّها كِنايَةٌ عن غُيُوبِها؛ لِأنَّها تَجْرِي كُلَّ وقْتٍ إلى حَدٍّ مَحْدُودٍ تَغْرُبُ فِيهِ. وقِيلَ: مُسْتَقَرُّها آخِرُ مَطالِعِها في المُنْقَلَبَيْنِ لِأنَّهُما نِهايَتا مَطالِعِها، فَإذا اسْتَقَرَّ وُصُولُها كَرَّتْ راجِعَةً، وإلّا فَهي لا تَسْتَقِرُّ عن حَرَكَتِها طَرْفَةَ عَيْنٍ، ونَحا إلى هَذا ابْنُ قُتَيْبَةَ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: مُسْتَقَرُّها وُقُوفُها عِنْدَ الزَوالِ في كُلِّ يَوْمٍ، ودَلِيلُ اسْتِقْرارِها وُقُوفُ ظِلالِ الأشْياءِ حِينَئِذٍ.
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ، وعِكْرِمَةُ، وعَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ، وأبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَلامُ. "لا مُسْتَقَرَّ لَها".
وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، والحَسَنُ، والأعْرَجُ: "والقَمَرَ" بِالرَفْعِ عَطْفًا عَلى "اللَيْلُ"، عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلى جُمْلَةٍ، ويَصِحُّ وجْهٌ آخَرُ، وهو أنْ يَكُونَ ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ﴾ ابْتِداءً وخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، كَأنَّهُ قالَ: في الوُجُودِ وفي المُشاهَدَةِ، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِجُمْلَتَيْنِ مِنَ ابْتِداءٍ وخَبَرٍ وابْتِداءٍ وخَبَرٍ، اللَيْلُ واحِدَةٌ، والقَمَرُ ثانِيَةٌ. وقَرَأ الباقُونَ "القَمَرَ" عَلى إضْمارِ فَعْلٍ يُفَسِّرُهُ ﴿ "قَدَّرْناهُ"،﴾ وهي قِراءَةُ أبِي جَعْفَرٍ، وابْنِ مُحَيْصِنٍ، والحَسَنِ - بِخِلافٍ عنهُ -. و"مَنازِلَ" نَصْبٌ عَلى الظَرْفِ، وهَذِهِ المَنازِلُ المَعْرُوفَةُ عِنْدَ العَرَبِ، وهي ثَمانِيَةٌ وعِشْرُونَ مَنزِلَةً، يَقْطَعُ القَمَرُ مِنها كُلَّ لَيْلَةٍ أقَلَّ مِن واحِدَةٍ فِيما يَزْعُمُونَ، وعَوْدَتُهُ (p-٢٥٠)هِيَ اسْتِهْلالُهُ رَقِيقًا، وحِينَئِذٍ يُشْبِهُ العُرْجُونَ، وهو الغُصْنُ مِنَ النَخْلَةِ الَّذِي فِيهِ شَمارِيخُ الثَمَرِ، فَإنَّهُ يَنْحَنِي ويَصْفَرُّ إذا قَدُمَ، ويَجِيءُ أشْبَهَ شَيْءٍ بِالهِلالِ، قالَهُ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ، والوُجُودُ يَشْهَدُ بِهِ، وقَرَأ سُلَيْمانُ التَيْمِيُّ: "كالعِرْجُونِ" بِكَسْرِ العَيْنِ. و"القَدِيمِ" مَعْناهُ: العَتِيقُ الَّذِي قَدْ مَرَّ عَلَيْهِ زَمَنٌ طَوِيلٌ.
و"يَنْبَغِي" هُنا مُسْتَعْمَلَةٌ فِيما لا يُمْكِنُ خِلافُهُ؛ لِأنَّها لا قُدْرَةَ لَها عَلى غَيْرِ ذَلِكَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿ "سابِقُ النَهارِ"﴾ بِالإضافَةِ، وقَرَأ عُبادَةُ: "سابِقُ النَهارَ" دُونَ تَنْوِينٍ في القافِ وبِنَصْبِ "النَهارَ"، ذَكَرَهُ الزَهْراوِيُّ وقالَ: حَذَفَ التَنْوِينَ تَخْفِيفًا. و"الفَلَكُ" - فِيما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما - مُتَحَرِّكٌ مُسْتَدِيرٌ كَفَلْكَةِ المِغْزَلِ، فِيهِ جَمِيعُ الكَواكِبِ. و"يَسْبَحُونَ" مَعْناهُ: يَجْرُونَ ويَعُومُونَ، قالَ مَكِّيٌّ: لَمّا أُسْنِدَ إلَيْها فِعْلُ مَن يَعْقِلُ جُمِعَتْ بِالواوِ والنُونِ.
{"ayahs_start":37,"ayahs":["وَءَایَةࣱ لَّهُمُ ٱلَّیۡلُ نَسۡلَخُ مِنۡهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظۡلِمُونَ","وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِی لِمُسۡتَقَرࣲّ لَّهَاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ","وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَـٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِیمِ","لَا ٱلشَّمۡسُ یَنۢبَغِی لَهَاۤ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّیۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلࣱّ فِی فَلَكࣲ یَسۡبَحُونَ"],"ayah":"وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِی لِمُسۡتَقَرࣲّ لَّهَاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











