الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿إنَّ الشَيْطانَ لَكم عَدُوٌّ فاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إنَّما يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِن أصْحابِ السَعِيرِ﴾ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصالِحاتِ لَهم مَغْفِرَةٌ وأجْرٌ كَبِيرٌ﴾ ﴿أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ﴾ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الشَيْطانَ﴾ الآيَةُ... يُقَوِّي قِراءَةَ مَن قَرَأ: "الغَرُورُ" بِفَتْحِ الغَيْنِ، وقَوْلُهُ: ﴿فاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ أيْ: بِالمُبايَنَةِ والمُقاطَعَةِ والمُخالَفَةِ لَهُ بِاتِّباعِ الشَرْعِ. و"الحِزْبُ": الحاشِيَةُ والصاغِيَةُ، واللامُ في "لِيَكُونُوا" لامُ الصَيْرُورَةِ: لِأنَّهُ لَمْ يَدْعُهم إلى السَعِيرِ، وإنَّما اتَّفَقَ أنْ صارَ أمْرُهم عن دُعائِهِ إلى ذَلِكَ، و"السَعِيرُ" طَبَقَةٌ مِن طَبَقاتِ جَهَنَّمَ، وهي سَبْعُ طَبَقاتٍ. وقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِداءِ، وهَذا هو الحَسَنُ لِعَطْفِ الَّذِينَ (p-٢٠٤)آمَنُوا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُما جُمْلَتانِ تَعادَلَتا، وجَوَّزَ بَعْضُ الناسِ أنْ يَكُونَ "الَّذِينَ" بَدَلًا مِنَ الضَمِيرِ في "يَكُونُوا"، وجَوَّزَ غَيْرُهُ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ خَفْضٍ بَدَلًا مِن "أصْحابِ"، وهَذا مُحْتَمَلٌ، غَيْرَ أنَّ الِابْتِداءَ أرْجَحُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَمَن زُيِّنَ لَهُ﴾ الآيَةُ... تَوْقِيفٌ، وجَوابُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ عِنْدَ الكِسائِيِّ: تَذْهَبُ نَفْسُكَ حَسَراتٍ عَلَيْهِ، ويُمْكِنُ أنْ يَتَقَدَّرَ: كَمَنِ اهْتَدى، ونَحْوُ هَذا مِنَ التَقْدِيرِ، وأحْسَنُها ما دَلَّ اللَفْظُ بَعْدُ عَلَيْهِ، وقَرَأ طَلْحَةُ: "أمَّنْ" بِغَيْرِ فاءٍ، وهَذِهِ الآيَةُ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ عن كُفْرِ قَوْمِهِ، ووَجَبَ التَسْلِيمُ لِلَّهِ تَعالى في إضْلالِ مَن شاءَ وهِدايَةِ مَن شاءَ، وأمَرَ نَبِيَّهُ ﷺ بِالإعْراضِ عن أمْرِهِمْ، وألّا يَبْخَعَ نَفْسَهُ أسَفًا عَلَيْهِمْ. وقَرَأ الحَسَنُ: "تَذْهَبَ" بِفَتْحِ التاءِ والهاءِ "نَفْسُكَ" بِالرَفْعِ، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، وقَتادَةُ، وعِيسى، والأشْهَبُ: "تُذْهِبْ" بِضَمِّ التاءِ وكَسْرِ الهاءِ "نَفْسَكَ" نَصْبًا، ورُوِيَتْ عن نافِعٍ. و"الحَسْرَةُ": هَمُّ النَفْسِ عَلى فَواتِ أمْرٍ، واسْتَشْهَدَ ابْنُ زَيْدٍ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿أنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ﴾ [الزمر: ٥٦]، ثُمَّ تَوَعَّدَ الكَفَرَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب