الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَما يَسْتَوِي البَحْرانِ هَذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وهَذا مِلْحٌ أُجاجٌ ومِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وتَرى الفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾
هَذِهِ آيَةٌ أُخْرى يَسْتَدِلُّ بِها كُلُّ عاقِلٍ، ويَقْطَعُ أنَّها مِمّا لا مَدْخَلَ لِصَنَمٍ فِيهِ، و"البَحْرانِ" يُرِيدُ بِهِما جَمِيعَ الماءِ المِلْحِ وجَمِيعَ الماءِ العَذْبِ حَيْثُ كانَ، فَهو يَعْنِي بِهِ جُمْلَةَ هَذا وجُمْلَةَ هَذا، و"الفُراتُ": الشَدِيدُ العُذُوبَةِ، و"الأُجاجُ": الشَدِيدُ المُلُوحَةِ الَّتِي تَمِيلُ إلى المَرارَةِ مِن مُلُوحَتِهِ. قالَ الرُمّانِيُّ: هو مِن: أجَّجْتُ النارَ، كَأنَّهُ يَحْرُقُ مِن حَرارَتِهِ. وقَرَأ عِيسى الثَقَفِيُّ: "سَيِّغٌ شَرابُهُ" بِغَيْرِ ألْفٍ وبِشَدِّ الياءِ، وقَرَأ طَلْحَةُ: "مَلِحٌ" بِفَتْحِ المِيمِ وكَسْرِ اللامِ.
(p-٢٠٩)وَ"اللَحْمُ الطَرِيُّ": الحُوتُ، وهو مَوْجُودٌ في البَحْرَيْنِ، وكَذَلِكَ الفُلْكُ تَجْرِي في البَحْرَيْنِ، وبَقِيَتِ الحِلْيَةُ وهي اللُؤْلُؤُ والمَرْجانُ، فَقالَ الزَجّاجُ وغَيْرُهُ: هَذِهِ عِبارَةٌ تَقْتَضِي أنَّ الحِلْيَةَ تَخْرُجُ مِنهُما، وهي إنَّما تَخْرُجُ مِنَ المِلْحِ، وذَلِكَ يَجُوزُ، كَما قالَ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿يَخْرُجُ مِنهُما اللُؤْلُؤُ والمَرْجانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]، وكَما قالَ: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ ألَمْ يَأْتِكم رُسُلٌ مِنكُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٠]، والرُسُلُ إنَّما هي مِنَ الإنْسِ.
وقالَ بَعْضُ الناسِ: بَلِ الحِلْيَةُ تَخْرُجُ مِنَ البَحْرَيْنِ؛ وذَلِكَ أنَّ صَدَفَ اللُؤْلُؤِ إنَّما يَلْحَقُهُ - فِيما يَزْعُمُونَ - ماءُ السَماءِ، فَمِنهُ ما يُخْرَجُ ويُوجَدُ الجَوْهَرُ فِيهِ، ومِنهُ ما يَنْشَقُّ في البَحْرِ عِنْدَ مَوْتِهِ ويَقْطَعُهُ فَيَخْرُجُ جَوْهَرُهُ بِالعَطَشِ وغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الحِيَلِ، فَهَذا هو مِنَ الماءِ الفُراتِ، فَنُسِبَ إلَيْهِ الإخْراجُ لِما كانَ مِنَ الحِلْيَةِ بِسَبَبٍ، وأيْضًا فَإنَّ البَحْرَ الفُراتَ كُلَّهُ يَنْصَبُّ في البَحْرِ الأُجاجِ فَيَجِيءُ الإخْراجُ مِنهُما جَمِيعًا، وقَدْ خُطِّئَ أبُو ذُؤَيْبٍ في قَوْلِهِ في صِفَةِ الجَوْهَرِ:
؎ فَجاءَ بِها ما شِئْتَ مِن لَطِمِيَّةِ ∗∗∗ عَلى وجْهِها ماءُ الفُراتِ يَمُوجُ
ولَيْسَ ذَلِكَ بِخَطَإٍ عَلى ما ذَكَرْنا مِن تَأْوِيلِ هَذِهِ الفِرْقَةِ.
و"الفُلْكَ" في هَذا المَوْضِعِ جَمْعٌ بِدَلِيلِ صِفَتِهِ بِجَمْعٍ.
و"مَواخِرَ" جُمَعُ ماخِرَةٍ، وهي الَّتِي تَمْخُرُ الماءَ، أيْ تَشُقُّهُ، وقِيلَ: الماخِرَةُ: الَّتِي تَشُقُّ الرِيحَ، وحِينَئِذٍ يَحْدُثُ الصَوْتُ، والمَخْرُ: الصَوْتُ الَّذِي يَحْدُثُ مِن جَرْيِ السَفِينَةِ بِالرِيحِ، وعَبَّرَ المُفَسِّرُونَ عن هَذا بِعِباراتٍ لا تَخْتَصُّ بِاللَفْظَةِ، فَقالَ بَعْضُهُمُ: المَواخِرُ (p-٢١٠)هِيَ الَّتِي تَجِيءُ وتَذْهَبُ بِرِيحٍ واحِدَةٍ، وقالَ مُجاهِدٌ: الرِيحُ تَمْخُرُ السُفُنَ، ولا تَمْخُرُ الرِيحُ مِنَ السُفُنِ إلّا الفَلَكَ العِظامَ، هَكَذا وقَعَ لَفْظُهُ في البُخارِيِّ، والصَوابُ أنْ تَكُونَ الفُلْكُ هي الماخِرَةُ لا المَمْخُورَةُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ [لِتَبْتَغُوا]﴾ يُرِيدُ بِالتِجارَةِ والحَجِّ والغَزْوِ وكُلِّ سَفَرٍ لَهُ وجْهٌ شَرْعِيٌّ.
{"ayah":"وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡبَحۡرَانِ هَـٰذَا عَذۡبࣱ فُرَاتࣱ سَاۤىِٕغࣱ شَرَابُهُۥ وَهَـٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجࣱۖ وَمِن كُلࣲّ تَأۡكُلُونَ لَحۡمࣰا طَرِیࣰّا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡیَةࣰ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِیهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











