الباحث القرآني

(p-١٩١)قوله عزّ وجلّ: ﴿والَّذِينَ يَسْعَوْنَ في آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولَئِكَ في العَذابِ مُحْضَرُونَ﴾ ﴿قُلْ إنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ لَهُ وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ وهو خَيْرُ الرازِقِينَ﴾ لَمّا ذَكَرَ تَعالى المُؤْمِنِينَ العامِلِينَ الصالِحاتِ وثَوابَهَمْ عَقَّبَ بِذِكْرِ ضِدِّهِمْ وذِكْرِ جَزائِهِمْ لِيَظْهَرَ تَبايُنُ المَنازِلِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "مُعاجِزِينَ"، وفِرْقَةٌ "مُعَجِّزِينَ"، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُها. و"مُحْضَرُونَ" مِنَ الإحْضارِ والإعْدادِ. ثُمَّ كَرَّرَ القَوْلَ بِبَسْطِ الرِزْقِ وقَدْرِهُ تَأْكِيدًا وتَبْيِينًا، وقَصَدَ بِهِ هاهُنا رِزْقَ المُؤْمِنِينَ، ولَيْسَ سَوْقُهُ عَلى المَعْنى الأوَّلِ الَّذِي جُلِبَ لِلْكافِرِينَ، بَلْ هَذا هُنا عَلى جِهَةِ الوَعْظِ والتَزْهِيدِ في الدُنْيا، والحَضِّ عَلى النَفَقَةِ في الطاعاتِ، ثُمَّ وعَدَ بِالخَلَفِ في ذَلِكَ وهو بِشَرْطِ الِاقْتِصادِ والنِيَّةِ في الطاعَةِ ودَفْعِ المَضَرّاتِ وعَدٌ مُنْجَزٌ، إمّا في الدُنْيا، وإمّا في الآخِرَةِ. ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: « "إنَّ اللهَ قالَ لِي: أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ"،» وفي البُخارِيِّ: « "أنَّ المَلَكَ يُنادِي كُلَّ يَوْمٍ، اللهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويَقُولُ مَلَكٌ آخَرُ: اللهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا".» وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازِقِينَ﴾ فَمِن حَيْثُ يُقالُ في الإنْسانِ: إنَّهُ يَرْزُقُ عِيالَهُ، والأمِيرُ جُنْدَهُ، لَكِنَّ ذَلِكَ مِن مالٍ يُمَلَّكُ عَلَيْهِمْ، واللهُ تَعالى مِن خَزائِنَ لا تَفْنى، ومِن إخْراجٍ مِن عَدَمٍ إلى وُجُودٍ. وقَرَأ الأعْمَشُ: "وَيُقَدِّرُ" بِضَمِّ الياءِ وشَدِّ الدالِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب