الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذا القُرْآنِ ولا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ولَوْ تَرى إذِ الظالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أنَحْنُ صَدَدْناكم عَنِ الهُدى بَعْدَ إذْ جاءَكم بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ﴾ حُكِيَتْ في هَذِهِ الآيَةِ مَقالَةٌ قالَها بَعْضُ قُرَيْشٍ، وهي أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِالقُرْآنِ ولا بِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَوْراةِ والإنْجِيلِ والزَبُورِ، فَكَأنَّهم كَذَّبُوا بِجَمِيعِ كُتُبِ اللهِ، وإنَّما فَعَلُوا هَذا (p-١٨٨)لَمّا وقَعَ الِاحْتِجاجُ عَلَيْهِمْ بِما في التَوْراةِ مِن أمْرِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: "الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ" هي الساعَةُ والقِيامَةُ، وهَذا خَطَأٌ لَمْ يَفْهَمْ قائِلُهُ أمْرَ "بَيْنَ اليَدِ" في اللُغَةِ وأنَّهُ المُتَقَدِّمُ في الزَمَنِ، وقَدْ بَيَّنّا مَعْناهُ فِيما تَقَدَّمَ. ثُمَّ أخْبَرَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى نَبِيَّهُ عن حالَةِ الظالِمِينَ في صِيغَةِ التَعْجِيبِ مِن حالِهِمْ، وجَوابُ "لَوْ" مَحْذُوفٌ، و﴿يَرْجِعُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ﴾ أيْ يُرِيدُ: يَتَحاوَرُونَ ويَتَجادَلُونَ، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الجَدَلَ بِأنَّ الأتْباعَ والضُعَفاءَ مِنَ الكَفَرَةِ يَقُولُونَ لِلْكُفّارِ ولِلرُّؤُوسِ - عَلى جِهَةِ التَذْنِيبِ والتَوْبِيخِ ورَدِّ اللائِمَةِ عَلَيْهِمْ -: لَوْلا أنْتُمْ لَآمَنّا نَحْنُ واهْتَدَيْنا، أيْ: أنْتُمْ أغْوَيْتُمُونا وأمَرْتُمُونا بِالكُفْرِ، فَقالَ لَهُمُ الرُؤَساءُ - عَلى جِهَةِ التَقْرِيرِ والتَكْذِيبِ -: أنَحْنُ صَدَدْناكم عَنِ الهُدى؟ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ، أيْ: دَخَلْتُمْ في الكُفْرِ بِبَصائِرِكُمْ، وأجْرَمْتُمْ بِنَظَرٍ مِنكُمْ، ودَعْوَتُنا لَمْ تَكُنْ ضَرْبَةَ لازِبٍ عَلَيْكُمْ؛ لِأنّا دَعَوْناكم بِغَيْرِ حُجَّةٍ ولا بُرْهانٍ، وهَذا كُلُّهُ يَتَضَمَّنُهُ اللَفْظُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب