الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَما أرْسَلْناكَ إلا كافَّةً لِلنّاسِ بَشِيرًا ونَذِيرًا ولَكِنَّ أكْثَرَ الناسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﴿قُلْ لَكم مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عنهُ ساعَةً ولا تَسْتَقْدِمُونَ﴾ هَذا إعْلامٌ مِنَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى بِأنَّهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ إلى جَمِيعِ العالَمِ، و"الكافَّةُ": الجَمْعُ الأكْمَلُ مِنَ الناسِ، وهي نَصْبٌ عَلى الحالِ، وقَدَّمَها لِلِاهْتِمامِ، وهَذِهِ إحْدى (p-١٨٧)الخِصالِ الَّتِي خُصَّ بِها مُحَمَّدٌ ﷺ مِن بَيْنِ الأنْبِياءِ، الَّتِي حَصَرَها في قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ: « "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنائِمُ ولَمْ تُحَلَّ لِأحَدٍ قَبْلِي، وأُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ، وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وبُعِثَ كُلُّ نَبِيٍّ إلى خاصٍّ مِنَ الناسِ وبُعِثْتُ إلى الأسْوَدِ والأحْمَرِ"،» وفي هَذِهِ الخِصالِ زِيادَةٌ في كِتابِ مُسْلِمٍ. وقَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنَّ أكْثَرَ الناسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ يُرِيدُ بِها العُمُومَ في الكَفَرَةِ، والمُؤْمِنُونَ هُمُ الأقَلُّ. ثُمَّ حَكى عنهم مَقالَتَهم في الهُزْءِ بِأمْرِ البَعْثِ، واسْتِعْجالِهِمْ - عَلى مَعْنى التَكْذِيبِ - بِقَوْلِهِمْ: ﴿مَتى هَذا الوَعْدُ﴾ ؟ فَأمَرَ اللهُ تَعالى نَبِيَّهُ بِأنْ يُخْبِرَهم عن مِيعادُ يَوْمٍ هو يَوْمُ القِيامَةِ، لا يَتَأخَّرُ عنهُ أحَدٌ ولا يَتَقَدَّمُهُ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الوَعْدُ والوَعِيدُ والمِيعادُ بِمَعْنًى، وخُولِفَ في هَذا، والَّذِي عَلَيْهِ الناسُ أنَّ الوَعْدَ في الخَيْرِ، والوَعِيدَ في المَكْرُوهِ، والمِيعادَ يَقَعُ لِهَذا ولِهَذا، وأضافَ المِيعادَ إلى اليَوْمِ تَجَوُّزًا مِن حَيْثُ كانَ فِيهِ، وتَحْتَمِلُ الآيَةُ أنْ يَكُونَ اسْتِعْجالُ الكَفَرَةِ لِعَذابِ الدُنْيا، ويَكُونَ الجَوابُ عن ذَلِكَ أيْضًا، ولَمْ يَجْرِ لِلْقِيامَةِ ذِكْرٌ عَلى هَذا التَأْوِيلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب