الباحث القرآني

(p-١٥٥)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ تَفْسِيرُ سُورَةِ سَبَإٍ هِيَ مَكِّيَّةٌ، واخْتُلِفَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَيَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ [سبإ: ٦] الآيَةَ فَقالَتْ فِرْقَةٌ: هي مَكِّيَّةٌ، والمُرادُ المُؤْمِنُونَ بِالنَبِيِّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هي مَدَنِيَّةٌ، والمُرادُ مَن أسْلَمَ بِالمَدِينَةِ مِن أهْلِ الكِتابِ كابْنِ سَلامٍ وأشْباهِهِ. قوله عزّ وجلّ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ ولَهُ الحَمْدُ في الآخِرَةِ وهو الحَكِيمُ الخَبِيرُ﴾ ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ وما يَخْرُجُ مِنها وما يَنْزِلُ مِنَ السَماءِ وما يَعْرُجُ فِيها وهو الرَحِيمُ الغَفُورُ﴾ الألِفُ واللامُ في ﴿ "الحَمْدُ"﴾ لِاسْتِغْراقِ الجِنْسِ، أيِ: الحَمْدُ عَلى تَنَوُّعِهِ هو لِلَّهِ تَعالى مِن جَمِيعِ جِهاتِ الفِكْرَةِ، ثُمَّ جاءَ بِالصِفاتِ الَّتِي تَسْتَوْجِبُ المَحامِدَ، وهِيَ: مِلْكُهُ جَمِيعَ ما في السَمَواتِ وما في الأرْضِ، وعِلْمُهُ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وخِبْرَتُهُ بِالأشْياءِ، إذْ وُجُودُها إنَّما هو بِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، ورَحْمَتُهُ بِأنْواعِ خَلْقِهِ، وغُفْرانُهُ لِمَن سَبَقَ في عِلْمِهِ أنْ يَغْفِرَ لَهُ مِن مُؤْمِنٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَهُ الحَمْدُ في الآخِرَةِ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ الألِفُ واللاَّمُ لِلْجِنْسِ أيْضًا، وتَكُونَ الآيَةُ خَبَرًا أنَّ الحَمْدَ في الآخِرَةِ هو لَهُ وحْدَهُ لِإنْعامِهِ وإفْضالِهِ وتَغَمُّدِهِ وظُهُورِ قُدْرَتِهِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن صِفاتِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ الألِفُ واللاَّمُ فِيهِ لِلْعَهْدِ والإشارَةِ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَآخِرُ دَعْواهم أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠]، أو إلى قَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ﴾ [الزمر: ٧٤]. (p-١٥٦)وَ"يَلِجُ" مَعْناهُ: يَدْخُلُ، ومِنهُ قَوْلُ شاعِرٍ: ؎ رَأيْتُ القَوافِي يَتَّلِجْنَ مَوالِجًا ∗∗∗ تَضايَقُ عنها أنْ تَوَلَّجَها الإبَرْ و"يَعْرُجُ" مَعْناهُ: يَصْعَدُ. وهَذِهِ الرُتَبُ حَصَرَتْ كُلَّما يَصِحُّ عِلْمُهُ مِن شَخْصٍ أو قَوْلٍ أو مَعْنى، وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَحْمَنِ: "وَما يُنَزَّلُ مِنَ السَماءِ" بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ النُونِ وشَدِّ الزايِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب