الباحث القرآني

(p-١٥٠)قوله عزّ وجلّ: ﴿يَسْألُكَ الناسُ عَنِ الساعَةِ قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعَةِ تَكُونُ قَرِيبًا﴾ ﴿إنَّ اللهَ لَعَنَ الكافِرِينَ وأعَدَّ لَهم سَعِيرًا﴾ ﴿خالِدِينَ فِيها أبَدًا لا يَجِدُونَ ولِيًّا ولا نَصِيرًا﴾ ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهم في النارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أطَعْنا اللهَ وأطَعْنا الرَسُولا﴾ ﴿وَقالُوا رَبَّنا إنّا أطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا فَأضَلُّونا السَبِيلا﴾ ﴿رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العَذابِ والعنهم لَعْنًا كَبِيرًا﴾ «سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عن وقْتِ الساعَةِ مَتى هُوَ؟ فَلَمْ يُجِبْ في ذَلِكَ بِشَيْءٍ، ونَزَلَتِ الآيَةُ» آمِرَةً بِأنْ يَرُدَّ العِلْمَ فِيها إلى اللهِ؛ إذْ هي مِن مَفاتِيحِ الغَيْبِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللهُ تَعالى بِعِلْمِها، ثُمَّ تَوَعَّدَ العالِمَ بِقُرْبِها في قَوْلِهِ: ﴿وَما يُدْرِيكَ﴾ الآيَةُ.. أيْ: يَنْبَغِي أنْ تَحْذَرَ، و"قَرِيبًا" ظَرْفٌ لَفْظُهُ واحِدٌ جَمْعًا وإفْرادًا ومُذَكَّرًا ومُؤَنَّثًا، ولَوْ كانَ صِفَةً لِـ"الساعَةِ" لَكانَ "قَرِيبَةً". ثُمَّ تَوَعَّدَ تَعالى الكافِرِينَ بِعَذابٍ لا ولِيَّ لَهم مِنهُ ولا ناصِرَ. وقَوْلُهُ: "يَوْمَ" يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِما قَبْلَهُ، والعامِلُ فِيهِ "يَجِدُونَ"، وهَذا تَقْدِيرُ الطَبَرِيُّ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ العامِلُ فِيهِ "يَقُولُونَ" ويَكُونُ ظَرْفًا لِلْقَوْلِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿ "تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ"﴾ عَلى المَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، بِضَمِّ التاءِ وشَدِّ اللامِ المَفْتُوحَةِ، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ "تَقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ" بِفَتْحِ التاءِ، بِمَعْنى تَتَقَلَّبُ، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "تَتَقَلَّبُ" بِتاءَيْنِ، وقَرَأ خارِجَةُ، وأبُو حَيْوَةَ: "نُقَلِّبُ" بِالنُونِ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ الكُوفِيُّ "تُقَلِّبُ" بِالتاءِ المَضْمُومَةِ وكَسْرِ اللامِ ونَصْبِ الوُجُوهِ، أيْ تُقَلِّبُ السَعِيرُ وُجُوهَهُمْ، فَيَوْمَئِذٍ يَتَمَنَّوْنَ الإيمانَ وطاعَةَ اللهِ ورَسُولِهِ حِينَ لا يَنْفَعُهُمُ التَمَنِّي. ثُمَّ لاذُوا بِالتَشَكِّي مِن كُبَرائِهِمْ في أنَّهم أضَلُّوهُمْ، وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: ﴿ "سادَتَنا"،﴾ وهو جَمْعُ سَيِّدٍ، وقَرَأ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ، وابْنُ عامِرٍ وحْدَهُ - مِنَ السَبْعَةِ -، وأبُو عَبْدِ الرَحْمَنِ، وأبُو رَجاءٍ، وقَتادَةُ، والعامَّةُ في المَسْجِدِ الجامِعِ بِالبَصْرَةِ: "ساداتِنا"، عَلى جَمْعِ الجَمْعِ، و"السَبِيلا" مَفْعُولٌ ثانٍ؛ لِأنَّ "أضَلَّ" مُعَدّى بِالهَمْزَةِ، و"ضَلَّ" يَتَعَدّى إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ، وهي سَبِيلُ الإيمانِ والهُدى، ثُمَّ دَعَوْا بِأنْ يُضاعِفَ اللهُ لِلْكُبَراءِ المُضِلِّينَ العَذابَ، أيْ: عن أنْفُسِهِمْ وعَمَّنْ أضَلُّوا. وقَرَأ عاصِمٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحُذَيْفَةُ بْنُ اليَمانِ، والأعْرَجُ - بِخِلافٍ عنهُ -: ﴿ "لَعْنًا كَبِيرًا"﴾ بِالباءِ، مِنَ الكِبَرِ، وقَرَأ الباقُونَ والجُمْهُورُ: "لَعْنًا كَثِيرًا" بِالثاءِ ذاتِ الثَلاثِ، والكَثْرَةُ أشْبَهَ بِمَعْنى اللَعْنَةِ مِنَ الكِبَرِ، أيِ: العنهم مَرّاتٍ كَثِيرَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب