الباحث القرآني
(p-١٤٣)قوله عزّ وجلّ:
﴿إنْ تُبْدُوا شَيْئًا أو تُخْفُوهُ فَإنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ ﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ في آبائِهِنَّ ولا أبْنائِهِنَّ ولا إخْوانِهِنَّ ولا أبْناءِ إخْوانِهِنَّ ولا أبْناءِ أخَواتِهِنَّ ولا نِسائِهِنَّ ولا ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ واتَّقِينَ اللهَ إنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ تُبْدُوا شَيْئًا أو تُخْفُوهُ﴾ الآيَةُ... وعِيدٌ وتَوْبِيخٌ ووَعِيدٌ لِمَن تَقَدَّمُ بِهِ التَعْرِيضُ في الآيَةِ قَبْلَها، مِمَّنْ أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكم أطْهَرُ لِقُلُوبِكم وقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣]، ومَن أُشِيرُ إلَيْهِ في قَوْلِهِ: ﴿وَما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ﴾ [الأحزاب: ٥٣]، فَقِيلَ لَهم في هَذِهِ الآيَةِ: إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تُخْفُونَهُ مِن هَذِهِ المُعْتَقَداتِ والخَواطِرِ المَكْرُوهَةِ، ويُجازِيكم عَلَيْها، ثُمَّ ذَكَرَ تَبارَكَ وتَعالى الإباحَةَ فِيمَن سَمّى مِنَ القَرابَةِ؛ إذْ لا تَقْضِي أحْوالُ البَشَرِ إلّا مُداخَلَةَ مَن ذَكَرَ، وكَثْرَةَ تِرْدادِهِ، وسَلامَةَ نَفْسِهِ مِن أمْرِ الغَزْلِ؛ لِما تَتَحاشاهُ النُفُوسُ مِن ذَواتِ المَحارِمِ، فَمِن ذَلِكَ الآباءُ والأولادُ والإخْوَةُ وأبْناؤُهم وأبْناءُ الأخَواتِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا نِسائِهِنَّ﴾ دَخَلَ فِيهِ الأخَواتُ والأُمَّهاتُ وسائِرُ القَراباتِ ومَن يَتَّصِلُ مِنَ المُنْصَرِفاتِ لَهُنَّ، هَذا قَوْلُ جَماعَةٍ مِن أهْلِ العِلْمِ، ويُؤَيِّدُ قَوْلُهم هَذِهِ الإضافَةَ المُخَصَّصَةَ في قَوْلِ: ﴿ "نِسائِهِنَّ"،﴾ وقالَ ابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهُ: إنَّما أرادَ جَمِيعَ النِساءِ المُؤْمِناتِ، وتَخْصِيصُ الإضافَةِ إنَّما هي في الإيمانِ.
وقَوْلُهُ: ﴿أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ [النور: ٣١] قالَتْ طائِفَةٌ: مِنَ الإماءِ دُونَ العَبِيدِ، وقالَتْ طائِفَةٌ: مِنَ العَبِيدِ والإماءِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الطائِفَةُ، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: ما مَلَكَتْهُ مِنَ العَبِيدِ دُونَ مِن مَلَكَ سِواهُنَّ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ مِن جَمِيعِ العَبِيدِ، كانَ في مِلْكِهِنَّ أو في مِلْكِ غَيْرِهِنَّ، والمُكاتَبُ إذا كانَ عِنْدَهُ ما يُؤَدِّي فَقَدْ أمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِضَرْبِ الحِجابِ دُونَهُ، وفَعَلَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ مَعَ مُكاتَبِها نَبْهانِ، ذَكَرَهُ الزَهْراوِيُّ.
وقالَتْ فِرْقَةٌ: دَخَلَ الأعْمامُ في الآباءِ، وقالَ الشَعْبِيُّ، وعِكْرِمَةُ: لَمْ يَذْكُرْهم لِإمْكانِ أنْ يَصْفُوا لِأبْنائِهِمْ، وكَذَلِكَ الأخْوالُ، وكَرِهُوا أنْ تَضَعَ المَرْأةُ خِمارَها عِنْدَ عَمِّها أو خالِها.
واخْتَلَفَ المُتَأوِّلُونَ في المَعْنى الَّذِي رُفِعَ فِيهِ الجُناحُ بِهَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ قَتادَةُ: هو الحِجابُ، أيْ: أُبِيحُ لِهَذِهِ الأصْنافِ الدُخُولَ عَلى النِساءِ دُونَ الحِجابِ ورُؤْيَتِهِنَّ، وقالَ مُجاهِدٌ ؛ ذَلِكَ في رَفْعِ الجِلْبابِ وإبْداءِ الزِينَةِ.
(p-١٤٤)وَلَمّا ذَكَرَ اللهُ تَعالى الرُخْصَةَ في هَذِهِ الأصْنافِ، وانْجَزَمَتِ الإباحَةُ، عَطَفَ فَأمَرَهُنَّ بِالتَقْوى عَطْفَ جُمْلَةٍ، عَلى جُمْلَةٍ وهَذا في غايَةِ البَلاغَةِ والإيجازِ، كَأنَّهُ قالَ: اقْتَصَرْنَ عَلى هَذا واتَّقِينَ اللهَ فِيهِ أنْ تَتَعَدَّيْنَهُ إلى غَيْرِهِ، ثُمَّ تَوَعَّدَ تَبارَكَ وتَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾.
{"ayahs_start":54,"ayahs":["إِن تُبۡدُوا۟ شَیۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا","لَّا جُنَاحَ عَلَیۡهِنَّ فِیۤ ءَابَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ أَخَوَ ٰتِهِنَّ وَلَا نِسَاۤىِٕهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِینَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدًا"],"ayah":"لَّا جُنَاحَ عَلَیۡهِنَّ فِیۤ ءَابَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ أَخَوَ ٰتِهِنَّ وَلَا نِسَاۤىِٕهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِینَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق