الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿ألَمْ تَرَوْا أنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكم ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ وأسْبَغَ عَلَيْكم نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً ومِنَ الناسِ مَن يُجادِلُ في اللهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ولا هُدًى ولا كِتابٍ مُنِيرٍ﴾ ﴿وَإذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أوَلَوْ كانَ الشَيْطانُ يَدْعُوهم إلى عَذابِ السَعِيرِ﴾
هَذِهِ آيَةُ تَنْبِيهٍ عَلى الصَنْعَةِ الدالَّةِ عَلى الصانِعِ، وذَلِكَ أنَّ تَسْخِيرَ هَذِهِ الأُمُورِ العِظامِ كالشَمْسِ والقَمَرِ والنُجُومِ والسَحابِ والرِياحِ والحَيَوانِ والنَباتِ إنَّما هو بِمُسَخِّرٍ ومالِكٍ. وقَرَأ يَحْيى بْنُ عِمارَةَ، وابْنُ عَبّاسٍ: "وَأصْبَغَ" بِالصادِّ عَلى بَدَلِها مِنَ السِينِ؛ لِأنَّ حُرُوفَ الِاسْتِعْلاءِ تَجْتَذِبُ السِينَ مِن سُفْلِها إلى عُلُوِّها فَتَرُدُّها صادًا، والجُمْهُورُ قِراءَتُهم بِالسِينِ. وقَرَأ نافِعٌ، وأبُو عَمْرُو، وحَفَصٌ عن عاصِمٍ، والحَسَنُ، والأعْرَجُ، وأبُو جَعْفَرٍ، وابْنُ نِصاحٍ، وغَيْرُهُمْ: "نِعَمَهُ"، جَمْعُ نِعْمَةٍ كَسِدْرَةٍ وسِدَرِ بِفَتْحِ الدالِّ، و"الظاهِرَةُ" هي الصِحَّةُ وحُسْنُ الخِلْقَةِ والمالُ وغَيْرُ ذَلِكَ، و"الباطِنَةُ" المُعْتَقَداتُ مِنَ الإيمانِ ونَحْوَهُ، والعَقْلُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: الظاهِرَةُ: الإسْلامُ وحُسْنُ الخِلْقَةِ، والباطِنَةُ: ما سُتِرَ مِن سَيِّئِ العَمَلِ، وفي الحَدِيثِ: « "قِيلَ يا رَسُولَ اللهِ ﷺ: قَدْ عَرَفْنا الظاهِرَةَ، فَما الباطِنَةُ؟ قالَ: سِتْرُ ما لَوْ رَآكَ الناسُ عَلَيْهِ لَمَقَتُوكَ".»
(p-٥٥)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
ومِنَ الباطِنَةِ التَنَفُّسُ والهَضْمُ والتَغَذِّي وما لا يُحْصى كَثْرَةٌ، ومِنَ الظاهِرَةِ عَمَلُ الجَوارِحِ بِالطاعَةِ، قالَ المُحاسَبِيُّ: الظاهِرَةُ: نِعَمُ الدُنْيا، والباطِنَةُ: نِعَمُ العُقْبى. وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "نِعْمَةً" عَلى الإفْرادِ، فَقالَ مُجاهِدٌ: المُرادُ "لا إلَهَ إلّا اللهُ"، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: أرادَ الإسْلامَ، والظاهِرُ عِنْدِي أنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، كَقَوْلِهِ تَبارَكَ وتَعالى: ﴿وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها﴾ [النحل: ١٨].
ثُمَّ عارَضَ بِالكَفَرَةِ مِنها عَلى فَسادِ حالِهِمْ، وهُمُ المُشارُ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنَ الناسِ﴾، وقالَ النَقّاشُ: الإشارَةُ إلى النَضِرِ بْنِ الحارِثِ ونُظَرائِهِ؛ لِأنَّهم كانُوا يُنْكِرُونَ اللهَ ويُشْرِكُونَ الأصْنامَ في الأُلُوهِيَّةِ، فَذَلِكَ جِدالُهُمْ، و﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أيْ: لَمْ يُعْلِمْهم مَن يُقْبَلُ قَوْلُهُ، ولا عِنْدَهم هُدى قَلْبٍ ولا نُورَ بَصِيرَةٍ يُقِيمُونَ بِها حُجَّةً، ولا يَبْتَعُونَ بِذَلِكَ كِتابًا بِأمْرِ اللهِ يُبَشِّرُ بِأنَّهُ وحْيٌ، بَلْ ذَلِكَ دَعْوى مِنهم وتَخَرُّصُ، وإذا دُعُوا إلى اتِّباعِ وحْيِ اللهِ رَجَعُوا إلى التَقْلِيدِ المَحْضِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، فَسَلَكُوا طَرِيقَ الآباءِ. ثُمَّ وقَفَ اللهُ تَعالى - وهُمُ المُرادُ بِالتَوْقِيفِ - عَلى اتِّباعِهِمْ دِينَ آبائِهِمْ، أيَكُونُ وهم بِحالِ مَن يَصِيرُ إلى عَذابِ السَعِيرِ؟ فَكَأنَّ القائِلُ مِنهم يَقُولُ: هم يَتَّبِعُونَ دِينَ آبائِهِمْ ولَوْ كانَ مَصِيرُهم إلى السَعِيرِ، فَدَخَلَتْ ألْفُ التَوْقِيفِ عَلى حَرْفِ العَطْفِ كَما كانَ اتِّساقُ الكَلامِ، فَتَأمَّلْهُ.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَیۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَـٰهِرَةࣰ وَبَاطِنَةࣰۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُجَـٰدِلُ فِی ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَلَا هُدࣰى وَلَا كِتَـٰبࣲ مُّنِیرࣲ","وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ"],"ayah":"أَلَمۡ تَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَیۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَـٰهِرَةࣰ وَبَاطِنَةࣰۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُجَـٰدِلُ فِی ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَلَا هُدࣰى وَلَا كِتَـٰبࣲ مُّنِیرࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق