الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كانُوا أشَدَّ مِنهم قُوَّةً وأثارُوا الأرْضِ وعَمَرُوها أكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها وجاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهم ولَكِنْ كانُوا أنْفُسَهم يَظْلِمُونَ﴾ هَذا أيْضًا تَوْقِيفٌ وتَوْبِيخٌ عَلى أنَّهم سارُوا ونَظَرُوا، أيْ أنَّ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْهم حِينَ لَمْ يَعْمَلُوا بِحَسَبِ العِبْرَةِ وخَوْفِ العاقِبَةِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: ولا يَتَوَجَّهُ لِلْكَفَرَةِ أنْ يُعارِضَ مِنهم مَن لَمْ يَسِرْ فَيَقُولُ: لَمْ أسِرْ؛ لِأنَّ كافَّةَ مَن سارَ مِنَ الناسِ قَدْ نَقَلَتْ إلى مَن لَمْ يَسِرْ، فاسْتَوَتِ المَعْرِفَةُ وحَصَلَ اليَقِينُ لِلْكُلِّ وقامَتِ الحُجَّةُ، وهَذا بَيِّنٌ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأثارُوا الأرْضَ﴾ يُرِيدُ: بِالمَبانِي والحَرْثِ والحُرُوبِ، وسائِرِ المَبانِي الَّتِي أحْدَثُوها هي كُلُّها إثارَةٌ، بَعْضُها حَقِيقَةٌ وبَعْضُها بِتَجَوُّزٍ؛ لِأنَّ إثارَةَ أهْلِ الأرْضِ والحَيَوانِ والمَتاعِ إثارَةٌ لِلْأرْضِ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرَ: "وَآثارُوا" بِمَدِّ الهَمْزَةِ، قالَ ابْنُ مُجاهِدٍ: لَيْسَ هَذا بِشَيْءٍ، قالَ أبُو الفَتْحِ: وجْهُها أنَّهُ أشْبَعَ فَتْحَةَ الهَمْزَةِ فَنَشَأتْ ألِفٌ، ونَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ هَرْمَةَ: ؎ فَأنْتَ مِنَ الغَوائِلِ حِينَ تُرْمى ∗∗∗ ومِن ذَمِّ الرِجالِ بِمُنْتَزاحِ (p-١٢)قالَ: وهَذا مِن ضَرُورَةِ الشِعْرِ لا يَجِيءُ في القُرْآنِ. وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ: "وَآثَرُوا" بِالمَدِّ بِغَيْرِ ألْفٍ بَعْدِ الثاءِ، مِنَ الأثَرَةِ. والضَمِيرُ في "عَمَرُوها" الأوَّلُ لِلْماضِينَ، والثانِي لِلْحاضِرِينَ والمُعاصِرِينَ، وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ يَتَضَمَّنُ الوَعْظَ والتَخْوِيفَ مِنَ اللهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب