الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُنْيا وهم عَنِ الآخِرَةِ هم غافِلُونَ﴾ ﴿أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلا بِالحَقِّ وأجَلٍ مُسَمًّى وإنَّ كَثِيرًا مِنَ الناسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ﴾
وصَفَ تَبارَكَ وتَعالى الكَفَرَةَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أمْرَ اللهِ وصِدْقَ وعْدِهِ بِأنَّهم إنَّما يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُنْيا، واخْتَلَفَ الناسُ في مَعْنى ﴿ "ظاهِرًا"،﴾ فَقالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْناهُ: بَيِّنًا، أيْ ما أدَّتْهُ إلَيْهِمْ حَواسُّهُمْ، فَكَأنَّ عُلُومَهم إنَّما هي عُلُومُ البَهائِمِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحُسْنُ، والجُمْهُورُ: مَعْناهُ: ما فِيهِ الظُهُورُ والعُلُوُّ في الدُنْيا، مِن إتْقانِ الصِناعاتِ والمَبانِي ومَظانَّ كَسْبِ الأمْوالِ والفِلاحاتِ ونَحْوِها، وقالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْناهُ: ذاهِبًا زائِلًا، أيْ: يَعْلَمُونَ أُمُورَ الدُنْيا الَّتِي لا بَقاءَ لَها ولا عاقِبَةَ، ومَثَلُ هَذِهِ اللَفْظَةِ قَوْلُ الهُذَلِيِّ:(p-١٠)
؎ وعَيَّرَها الواشُونَ أنِّي أُحِبُّها ∗∗∗ وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهَرٌ عنكَ عارُها
وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُنْيا﴾ إشارَةٌ إلى ما يُعْلَمُ مِن قَبْلِ الكَهَنَةِ مِمّا تَسْتَرِقُهُ الشَياطِينُ، وقالَ الرُمّانِيُّ: كُلُّ ما يُعْلَمُ بِأوائِلِ العُقُولِ فَهو الظاهِرُ، وما يُعْلَمُ بِدَلِيلِ العَقْلِ فَهو الباطِنُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وفِيهِ تَقَعُ الغَفْلَةُ وتَقْصِيرُ الجُهّالِ.
ثُمَّ وصَفَهم تَبارَكَ وتَعالى بِالغَفْلَةِ والإعْراضِ عن أمْرِ الآخِرَةِ، وكَرَّرَ الضَمِيرَ تَأْكِيدًا، وغَفْلَةُ الكافِرِ هي عَلى الكَمالِ، والمُؤْمِنُ المُنْهَمِكُ في أُمُورِ الدُنْيا الَّتِي هي أكْبَرُ هَمِّهِ يَأْخُذُ مِن هَذِهِ الآيَةِ بِحَظٍّ. نَوَّرَ اللهُ قُلُوبَنا وهَدى.
ثُمَّ وقَّفَهم - عَلى جِهَةِ التَوْبِيخِ - عَلى أنَّهم قَدْ فَكَّرُوا فَلَمْ تَنْفَعْهُمُ الفِكْرَةُ والنَظَرُ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلى سَدادٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "فِي أنْفُسِهِمْ"﴾ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أحَدُهُما أنْ تَكُونَ الفِكْرَةُ في ذَواتِهِمْ وحَواسِّهِمْ وخِلْقَتِهِمْ لِيَسْتَدِلُّوا بِذَلِكَ عَلى الخالِقِ المُخْتَرِعِ، والثانِي أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿ "فِي أنْفُسِهِمْ"﴾ ظَرْفًا لِلْفِكْرَةِ في خَلْقِ السَماواتِ والأرْضِ، ثُمَّ أخْبَرَ عَقِبَ هَذا بِأنَّ الحَقَّ هو السَبَبُ في خَلْقِ السَمَواتِ والأرْضِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿ "فِي أنْفُسِهِمْ"﴾ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ: ﴿ "يَتَفَكَّرُوا"﴾ كَما تَقُولُ: انْظُرْ بِعَيْنِكَ واسْمَعْ بِأُذُنِكَ، فَقَوْلُكَ: "بِعَيْنِكَ" و"بِأُذُنِكَ" تَأْكِيدٌ. وقَوْلُهُ: ﴿ "إلا بِالحَقِّ"﴾ أيْ بِسَبَبِ المَنافِعِ الَّتِي هي حَقٌّ واجِبٌ، يُرِيدُ: مِنَ الدَلالَةِ عَلَيْهِ، والعِبادَةِ لَهُ دُونَ فُتُورٍ، والِانْتِصابِ لِلْعِبْرَةِ ومَنافِعِ الأرْزاقِ وغَيْرِ ذَلِكَ. "وَأجَلٍ" عُطِفَ عَلى "الحَقِّ"، أيْ: وبِأجَلٍ مُسَمًّى وهو يَوْمُ القِيامَةِ، فَفي الآيَةِ (p-١١)إشارَةٌ إلى البَعْثِ والنُشُورِ وفَسادِ بِنْيَةِ مَن في هَذا العالِمِ، ثُمَّ أخْبَرَ عن كَثِيرٍ مِنَ الناسِ أنَّهم كَفَرَةُ بِذَلِكَ المَعْنى، فَعَبَّرَ عنهُ بِلِقاءِ اللهِ لِأنَّ لِقاءَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى؛ هو أعْظَمُ الأُمُورِ، وفِيهِ النَجاةُ أوِ الهَلَكَةُ.
{"ayahs_start":7,"ayahs":["یَعۡلَمُونَ ظَـٰهِرࣰا مِّنَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ غَـٰفِلُونَ","أَوَلَمۡ یَتَفَكَّرُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَاۤ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَاۤىِٕ رَبِّهِمۡ لَكَـٰفِرُونَ"],"ayah":"أَوَلَمۡ یَتَفَكَّرُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَاۤ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَاۤىِٕ رَبِّهِمۡ لَكَـٰفِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق