الباحث القرآني

(p-٤٠٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَغُلَّ ومَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ القِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وهم لا يُظْلَمُونَ﴾ ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ ومَأْواهُ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ ﴿هم دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ واللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ تَقَدَّمَ القَوْلُ في صِيغَةِ: وما كانَ لِكَذا أنْ يَكُونَ كَذا، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تَمُوتَ﴾ [آل عمران: ١٤٥] وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ "يَغُلَّ" بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الغَيْنِ، وبِها قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ وجَماعَةٌ مِنَ العُلَماءِ. وقَرَأ باقِي السَبْعَةِ "أنْ يُغَلَّ" بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الغَيْنِ، وبِها قَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ وجَماعَةٌ مِنَ العُلَماءِ. واللَفْظَةُ: بِمَعْنى الخِيانَةِ في خَفاءٍ. قالَ بَعْضُ اللُغَوِيِّينَ: هي مَأْخُوذَةٌ مِنَ الغَلَلِ؛ وهو الماءُ الجارِي في أُصُولِ الشَجَرِ والدَوْحِ، قالَ أبُو عَمْرٍو: تَقُولُ العَرَبُ: أغَلَّ الرَجُلُ يُغِلُّ إغْلالًا: إذا خانَ، ولَمْ يُؤَدِّ الأمانَةَ، ومِنهُ قَوْلُ النَمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ: ؎ جَزى اللهُ عَنِّي جَمْرَةَ بْنَةَ نَوْفَلٍ جَزاءَ مُغِلٍّ بِالأمانَةِ كاذِبِ قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وقالَ شُرَيْحٌ: لَيْسَ عَلى المُسْتَعِيرِ غَيْرِ المُغِلِّ ضَمانٌ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: وتَقُولُ في الغِلِّ الَّذِي هو الضَغَنُ: غَلَّ يَغِلُّ بِكَسْرِ الغَيْنِ. ويَقُولُونَ في الغُلُولِ مِنَ الغَنِيمَةِ: غَلَّ يَغُلُّ بِضَمِّ الغَيْنِ. والحُجَّةُ لِمَن قَرَأ "يَغُلَّ" أنَّ ما جاءَ مِن هَذا النَحْوِ في التَنْزِيلِ أُسْنِدَ الفِعْلُ فِيهِ إلى الفاعِلِ عَلى نَحْوِ: ﴿ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِن شَيْءٍ﴾ [يوسف: ٣٨] ﴿ما كانَ لِيَأْخُذَ أخاهُ في دِينِ المَلِكِ﴾ [يوسف: ٧٦] ﴿وَما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تَمُوتَ﴾ [آل عمران: ١٤٥] ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إذْ هَداهُمْ﴾ [التوبة: ١١٥] ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكم عَلى الغَيْبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] ولا يَكادُ يَجِيءُ: ما كانَ زَيْدٌ لِيُضْرَبَ فَيُسْنَدُ الفِعْلُ فِيهِ إلى المَفْعُولِ بِهِ. (p-٤٠٨)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وفِي هَذا الِاحْتِجاجِ نَظَرٌ ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ "يَغُلَّ" بِضَمِّ الغَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأ "يُغَلَّ" بِفَتْحِ الغَيْنِ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: بَلى واللهِ ويُقْتَلُ. واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في السَبَبِ الَّذِي أوجَبَ أنْ يَنْفِيَ اللهُ تَعالى عَنِ النَبِيِّ أنْ يَكُونَ غالًّا عَلى هَذِهِ القِراءَةِ -الَّتِي هي بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الغَيْنِ- فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وغَيْرُهُمْ: نَزَلَتْ بِسَبَبِ قَطِيفَةٍ حَمْراءَ فُقِدَتْ مِنَ المَغانِمِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقالَ بَعْضُ مَن كانَ مَعَ النَبِيِّ ﷺ: لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ أخَذَها، فَنَزَلَتِ الآيَةُ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: قِيلَ: كانَتْ هَذِهِ المَقالَةُ مِن مُؤْمِنِينَ لَمْ يَظُنُّوا أنَّ في ذَلِكَ حَرَجًا، وقِيلَ: كانَتْ مِن مُنافِقِينَ، وقَدْ رُوِيَ أنَّ المَفْقُودَ إنَّما كانَ سَيْفًا. قالَ النَقّاشُ: ويُقالُ: «إنَّما نَزَلَتْ لِأنَّ الرُماةَ قالُوا يَوْمَ أُحُدٍ: الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ أيُّها الناسُ، إنَّما نَخْشى أنْ يَقُولَ النَبِيُّ ﷺ: مَن أخَذَ شَيْئًا فَهو لَهُ، فَلَمّا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، قالَ: "خَشِيتُمْ أنْ نَغُلَّ؟" ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.» وقالَ الضَحّاكُ: بَلِ السَبَبُ «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ: بَعَثَ طَلائِعَ في بَعْضِ غَزَواتِهِ ثُمَّ غَنِمَ قَبْلَ مَجِيئِهِمْ، فَقَسَمَ لِلنّاسِ ولَمْ يَقْسِمْ لِلطَّلائِعِ، فَأنْزَلَ اللهُ تَعالى عَلَيْهِ عِتابًا: ﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَغُلَّ﴾» أيْ: يَقْسِمَ لِبَعْضٍ ويَتْرُكَ بَعْضًا، ورُوِيَ نَحْوُ هَذا القَوْلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: ويَتَّجِهُ عَلى هَذا أنْ تَكُونَ الآيَةُ إعْلامًا بِعَدْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وقَسْمِهِ لِلْغَنائِمِ، ورَدًّا عَلى الأعْرابِ الَّذِينَ صاحُوا بِهِ: اقْسِمْ عَلَيْنا غَنائِمَنا يا مُحَمَّدُ، وازْدَحَمُوا حَتّى اضْطَرُّوهُ (p-٤٠٩)إلى السَمُرَةِ الَّتِي أخَذَتْ رِداءَهُ، ونَحا إلَيْهِ الزَجّاجُ. وقالَ ابْنُ إسْحاقَ: الآيَةُ إنَّما نَزَلَتْ إعْلامًا بِأنَّ النَبِيَّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا مِمّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وكَأنَّ الآيَةَ عَلى هَذا في قِصَّةِ أُحُدٍ، لَمّا نَزَلَ عَلَيْهِ: ﴿وَشاوِرْهم في الأمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا اسْتَحْسَنُوهُ بَعْدَ إساءَتِهِمْ مِنَ العَفْوِ عنهم ونَحْوِهِ، وبِالجُمْلَةِ فَهو تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ، وكانَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ "يُغِلَّ" بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الغَيْنِ، لِأنَّهُ مِنَ الإغْلالِ في الأمانَةِ. وأمّا قِراءَةُ مَن قَرَأ: "أنْ يُغَلَّ" بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الغَيْنِ، فَمَعْناها عِنْدَ جُمْهُورٍ مِن أهْلِ العِلْمِ: أنْ لَيْسَ لِأحَدٍ أنْ يَغُلَّهُ، أيْ يَخُونَهُ في الغَنِيمَةِ. فالآيَةُ في مَعْنى نَهْيِ الناسِ عَنِ الغُلُولِ في المَغانِمِ والتَوَعُّدِ عَلَيْهِ. وخُصَّ النَبِيُّ بِالذِكْرِ وإنْ كانَ ذَلِكَ مَحْظُورًا مَعَ الأُمَراءِ لِشُنْعَةِ الحالِ مَعَ النَبِيِّ ﷺ، لِأنَّ المَعاصِيَ تَعْظُمُ مَعَ حَضْرَتِهِ لِتَعَيُّنِ تَوْقِيرِهِ، والوُلاةُ وإنَّما هم عن أمْرِ النَبِيِّ ﷺ فَلَهم حَظُّهم مِنَ التَوْقِيرِ. وقالَ بَعْضُ الناسِ: مَعْنى "أنْ يُغَلَّ" أنْ يُوجَدَ غالًّا، كَما تَقُولُ: أحْمَدْتُ الرَجُلَ وجَدْتَهُ مَحْمُودًا، فَهَذِهِ القِراءَةُ -عَلى هَذا التَأْوِيلِ- تَرْجِعُ إلى مَعْنى "يَغُلَّ" بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الغَيْنِ، وقالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: مَعْنى "يُغَلَّ" بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الغَيْنِ يُقالُ لَهُ: غَلَلْتَ ويُنْسَبُ إلى ذَلِكَ، كَما تَقُولُ أسْقَيْتُهُ، إذا قُلْتَ: سَقاكَ اللهُ كَما قالَ ذُو الرُمَّةِ: ؎ وأسْقِيهِ حَتّى كادَ مِمّا أبُثُّهُ ∗∗∗ تُكَلِّمُنِي أحْجارُهُ ومَلاعِبُهْ قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا التَأْوِيلُ مُوَقِّرٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَلامُ. ونَحْوُهُ في الكَلامِ: أكْفَرْتُ الرَجُلَ إذا نَسَبْتَهُ إلى الكُفْرِ، وقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "لا آكُلُ سَمْنًا حَتّى يَحْيا الناسُ (p-٤١٠)مِن أوَّلِ ما يَحْيَوْنَ"، أيْ يَدْخُلُونَ في الحَيا. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ وعِيدٌ لِمَن يَغُلُّ مِنَ الغَنِيمَةِ، أو في زَكاتِهِ فَيَجْحَدُها ويُمْسِكُها، فالفَضِيحَةُ يَوْمَ القِيامَةِ بِأنْ يَأْتِيَ عَلى رُؤُوسِ الأشْهادِ بِالشَيْءِ الَّذِي غَلَّ في الدُنْيا. ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَطَبَ فَقالَ: "ألا عَسى رَجُلٌ مِنكم يَجِيءُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى رَقَبَتِهِ شاةٌ لَها ثُغاءٌ، يَقُولُ: يا رَسُولَ اللهِ أغِثْنِي، فَأقُولُ: لا أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا قَدْ أبْلَغْتُكَ" ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ السَلامُ في بَقَرَةٍ لَها خُوارٌ، وجَمَلٍ لَهُ رُغاءٌ، وفَرَسٍ لَهُ حَمْحَمَةٌ.» ورَوى نَحْوَ هَذا الحَدِيثِ ابْنُ عَبّاسٍ، قالَ النَبِيُّ ﷺ: « "لا أعْرِفَنَّ أحَدَكم يَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ يَحْمِلُ شاةً لَها ثُغاءٌ...."» الحَدِيثَ بِطُولِهِ. ورَوى نَحْوَهُ أبُو حُمَيْدٍ الساعِدِيُّ وعُمَرُ بْنُ الخَطّابِ وعَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: « "أدُّوا الخِياطَ والمِخْيَطَ" فَقامَ رَجُلٌ فَجاءَ بِشِراكٍ أو شِراكَيْنِ، (p-٤١١)فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "شِراكٌ أو شِراكانِ مِن نارٍ"» وقالَ في مِدْعَمٍ: « "إنَّ الشَمْلَةَ الَّتِي غَلَّ مِنَ المَغانِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نارًا".» قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذِهِ الفَضِيحَةُ الَّتِي يُوقِعُ اللهُ بِالغالِّ هي نَظِيرَةُ الفَضِيحَةِ الَّتِي تُوقَعُ بِالغادِرِ؛ في أنْ يُنْصَبَ لَهُ لِواءٌ بِغَدْرَتِهِ حَسَبَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَلامُ، وجَعَلَ اللهُ هَذِهِ المُعاقَباتِ حَسْبَما يَعْهَدُهُ البَشَرُ ويَفْهَمُونَهُ، ألا تَرى إلى قَوْلِ الحادِرَةِ ؎ أسُمَيُّ ويْحَكِ هَلْ سَمِعْتِ بِغَدْرَةٍ ∗∗∗ رُفِعَ اللِواءُ لَنا بِها في المَجْمَعِ وكانَتِ العَرَبُ تَرْفَعُ لِلْغادِرِ لِواءً، وكَذَلِكَ يُطافُ بِالجانِي مَعَ جِنايَتِهِ. وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ في نَظِيرِ: ﴿ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وهم لا يُظْلَمُونَ﴾. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَن باءَ﴾.... الآيَةُ، تَوْقِيفٌ عَلى تَبايُنِ المَنزِلَتَيْنِ وافْتِراقِ الحالَتَيْنِ، والرِضْوانُ: مَصْدَرٌ، وقَرَأهُ عاصِمٌ -فِيما رُوِيَ عنهُ- بِضَمِّ الراءِ، وقَرَأ جَمِيعُهم بِكَسْرِها، وحَكى أبُو عَمْرٍو الدانِي عَنِ الأعْمَشِ أنَّهُ قَرَأها بِكَسْرِ الراءِ وضَمِّ الضادِ، وهَذا كُلُّهُ بِمَعْنىً واحِدٍ مَصْدَرٌ مِنَ الرِضى. والمَعْنى: اتَّبَعُوا الطاعَةَ الكَفِيلَةَ بِرِضْوانِ اللهِ، فَفي الكَلامِ حَذْفُ مُضافٍ (p-٤١٢)وَ"باءَ بِسَخَطٍ" مَعْناهُ: مَضى مُتَحَمِّلًا لَهُ، والسَخَطُ: صِفَةُ فِعْلٍ، وقَدْ تَتَرَدَّدُ مَتى لُحِظَ فِيها مَعْنى الإرادَةِ. وقالَ الضَحّاكُ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ مُشِيرَةٌ إلى أنَّ مَن لَمْ يَغُلَّ واتَّقى؛ فَلَهُ الرِضْوانُ، وإلى أنَّ مَن غَلَّ وعَصى فَلَهُ السَخَطُ. وقالَ غَيْرُهُ: هي مُشِيرَةٌ إلى أنَّ مَنِ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ فَلَهُ الرِضْوانُ، وإلى المُنافِقِينَ الراجِعِينَ عَنِ النَبِيِّ ﷺ فَلَهُمُ السَخَطُ. وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ. واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في قَوْلِهِ تَعالى: "هم دَرَجاتٌ"؛ مَنِ المُرادُ بِذَلِكَ؟ فَقالَ ابْنُ إسْحاقَ وغَيْرُهُ: المُرادُ بِذَلِكَ الجَمْعانِ المَذْكُورانِ، أهْلُ الرِضْوانِ وأصْحابُ السَخَطِ، أيْ: لِكُلِّ صِنْفٍ مِنهم تَبايُنٌ في نَفْسِهِ؛ في مَنازِلِ الجَنَّةِ، وفي أطْباقِ النارِ أيْضًا. وقالَ مُجاهِدٌ والسُدِّيُّ ما ظاهِرُهُ: إنَّ المُرادَ بِقَوْلِهِ: "هُمْ" إنَّما هو لِمُتَّبِعِي الرِضْوانِ، أيْ: لَهم دَرَجاتٌ كَرِيمَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وفي الكَلامِ حَذْفُ مُضافٍ تَقْدِيرُهُ: هم دَرَجاتٌ، والدَرَجاتُ: المَنازِلُ بَعْضُها أعْلى مِن بَعْضٍ في المَسافَةِ أو في التَكْرِمَةِ، أو في العَذابِ. وقَرَأ إبْراهِيمُ النَخْعِيُّ "هم دَرَجَةٌ" بِالإفْرادِ. وباقِي الآيَةِ وعِيدٌ ووَعْدٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب