الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿إذْ تُصْعِدُونَ ولا تَلْوُونَ عَلى أحَدٍ والرَسُولُ يَدْعُوكم في أُخْراكم فَأثابَكم غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكم ولا ما أصابَكم واللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ ﴿ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكم مِن بَعْدِ الغَمِّ أمَنَةً نُعاسًا يَغْشى طائِفَةً مِنكم وطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتْهم أنْفُسُهُمْ﴾
العامِلُ في "إذْ" قَوْلُهُ: "عَفا".
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: " تُصْعِدُونَ" بِضَمِّ التاءِ وكَسْرِ العَيْنِ مِن أصْعَدَ ومَعْناهُ: ذَهَبَ في الأرْضِ، وفي قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: "إذْ تُصْعِدُونَ في الوادِي".
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
والصَعِيدُ، وجْهُ الأرْضِ، وصُعْدَةُ اسْمٌ مِن أسْماءِ الأرْضِ، فَأصْعَدَ مَعْناهُ: دَخَلَ في الصَعِيدِ، كَما أنَّ أصْبَحَ دَخَلَ في الصَباحِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ. والعَرَبُ تَقُولُ: أصْعَدْنا مِن مَكَّةَ وغَيْرِها، إذا اسْتَقْبَلُوا سَفَرًا بَعِيدًا وأنْشَدَ أبُو عُبَيْدَةَ لِحادِي الإبِلِ: (p-٣٨٩)
؎ قَدْ كُنْتِ تَبْكِينَ عَلى الإصْعادِ فالآنَ صَرَّحْتِ وصاحَ الحادِي
وقَرَأ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ وأبُو عَبْدِ الرَحْمَنِ واليَزِيدِيُّ ومُجاهِدٌ وقَتادَةُ: "إذْ تَصْعَدُونَ" بِفَتْحِ التاءِ والعَيْنِ، مِن صَعِدَ إذا عَلا، والمَعْنى بِهَذا صُعُودٌ مِن صَعِدَ في الجَبَلِ، والقِراءَةُ الأُولى أكْثَرُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: "وَلا تَلْوُونَ" مُبالَغَةٌ في صِفَةِ الِانْهِزامِ، وهو كَما قالَ دُرَيْدٌ: وهَلْ يَرُدُّ المُنْهَزِمَ شَيْءٌ؟ وهَذا أشَدُّ مِن قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
؎ ........................ ∗∗∗ أخُو الجُهْدِ لا يَلْوِي عَلى مَن تَعَذَّرا
وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وابْنُ كَثِيرٍ في رِوايَةِ شِبْلٍ: "إذْ يَصْعَدُونَ ولا يَلْوُونَ" بِالياءِ فِيهِما عَلى ذِكْرِ الغَيْبِ، وقَرَأ بَعْضُ القُرّاءِ: "وَلا تَلْؤُونَ" بِهَمْزِ الواوِ المَضْمُومَةِ، وهَذِهِ لُغَةٌ، وقَرَأ بَعْضُهُمْ: "وَلا تَلُونَ" بِضَمِّ اللامِ وواوٍ واحِدَةٍ، وهي قِراءَةٌ مُتَرَكِّبَةٌ عَلى لُغَةٍ مِن هَمْزِ الواوِ المَضْمُومَةِ، ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الهَمْزَةِ إلى اللامِ وحُذِفَتْ إحْدى الواوَيْنِ الساكِنَتَيْنِ، وقَرَأ الأعْمَشُ وعاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: "تُلْوُونَ" بِضَمِّ التاءِ، مِن ألْوى وهي لُغَةٌ، وقَرَأ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ: "عَلى أُحُدٍ" بِضَمِّ الألِفِ والحاءِ، يُرِيدُ الجَبَلَ، والمَعْنِيُّ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَلامُ، لِأنَّهُ كانَ عَلى الجَبَلِ، والقِراءَةُ الشَهِيرَةُ أقْوى لِأنَّ النَبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ عَلى الجَبَلِ إلّا بَعْدَ ما فَرَّ الناسُ عنهُ، وهَذِهِ الحالُ مِن إصْعادِهِمْ إنَّما كانَتْ وهو يَدْعُوهُمْ، ورُوِيَ أنَّهُ كانَ يُنادِي: « "إلَيَّ عِبادَ اللهِ"،» والناسُ يَفِرُّونَ.
وفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فِي أُخْراكُمْ﴾ مَدْحٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَلامُ، فَإنَّ ذَلِكَ هو مَوْقِفُ الأبْطالِ في أعْقابِ الناسِ، ومِنهُ قَوْلُ الزَبِيرِ بْنِ باطا: "ما فَعَلَ مُقَدِّمَتُنا إذْ حَمَلْنا (p-٣٩٠)وَحامِيَتُنا إذْ فَرَرْنا"، وكَذَلِكَ كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أشْجَعَ الناسِ، ومِنهُ قَوْلُ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ: "كُنّا إذا احْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَيْنا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ.
وقَوْلُهُ تَعالى: "فَأثابَكُمْ" مَعْناهُ: جازاكم عَلى صَنِيعِكُمْ، وسُمِّيَ الغَمُّ ثَوابًا عَلى مَعْنى أنَّهُ القائِمُ في هَذِهِ النازِلَةِ مَقامَ الثَوابِ، وهَذا كَقَوْلِهِ:
؎ ........................ ∗∗∗ تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وجِيعُ
وكَقَوْلِ الآخَرِ:
؎ أخافُ زِيادًا أنْ يَكُونَ عَطاؤُهُ ∗∗∗ أداهِمَ سُودًا أو مُحَدْرَجَةً سُمْرا
فَجَعَلَ القُيُودَ والسِياطَ عَطاءً، ومُحَدْرَجَةً: بِمَعْنى مُدَحْرَجَةٍ.
واخْتَلَفَ الناسُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: "غَمًّا بِغَمٍّ"، فَقالَ قَوْمٌ: المَعْنى: أثابَكم غَمًّا بِسَبَبِ الغَمِّ الَّذِي أدْخَلْتُمُوهُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ وسائِرِ المُؤْمِنِينَ، بِفَشَلِكم وتَنازُعِكم وعِصْيانِكم.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
فالباءُ عَلى هَذا باءُ السَبَبِ.
(p-٣٩١)وَقالَ قَوْمٌ: المَعْنى أثابَكم غَمًّا بِالغَمِّ الَّذِي أوقَعَ عَلى أيْدِيكم بِالكُفّارِ يَوْمَ بَدْرٍ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
فالباءُ عَلى هَذا باءُ مُعادَلَةٍ، كَما قالَ أبُو سُفْيانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ والحَرْبُ سِجالٌ. وقالَتْ جَماعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ المُتَأوِّلِينَ: المَعْنى أثابَكم غَمًّا عَلى غَمٍّ، أو غَمًّا مَعَ غَمٍّ، وهَذِهِ باءُ الجَرِّ المُجَرَّدِ.
واخْتَلَفُوا في تَرْتِيبِ هَذَيْنِ الغَمَّيْنِ فَقالَ قَتادَةُ ومُجاهِدٌ: الغَمُّ الأوَّلُ: أنْ سَمِعُوا: ألا إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، والثانِي: القَتْلُ والجِراحُ الواقِعَةُ فِيهِمْ. وقالَ الرَبِيعُ وقَتادَةُ أيْضًا بِعَكْسِ هَذا التَرْتِيبِ، وقالَ السُدِّيُّ ومُجاهِدٌ أيْضًا وغَيْرُهُما: بَلِ الغَمُّ الأوَّلُ هو قَتْلُهم وجِراحُهم وكُلُّ ما جَرى في ذَلِكَ المَأْزِقِ، والغَمُّ الثانِي هو إشْرافُ أبِي سُفْيانَ عَلى النَبِيِّ ومَن كانَ مَعَهُ. ذَلِكَ «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ طَفِقَ يَوْمَئِذٍ يَدْعُو الناسَ حَتّى انْتَهى إلى قَوْمٍ مِن أصْحابِهِ قَدْ عَلَوْا صَخْرَةً في صَفْحِ الجَبَلِ فَمَشى نَحْوَهُمْ، فَأهْوى إلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ لِيَرْمِيَهُ، فَقالَ: أنا رَسُولُ اللهِ، فَفَرِحُوا بِذَلِكَ، وفَرِحَ هو عَلَيْهِ السَلامُ إذْ رَأى مِن أصْحابِهِ الِامْتِناعَ، ثُمَّ أخَذُوا يَتَأسَّفُونَ عَلى ما فاتَهم مِنَ الظَفَرِ، وعَلى مَن ماتَ مِن أصْحابِهِمْ، فَبَيْنَما هم كَذَلِكَ إذْ أشْرَفَ عَلَيْهِمْ أبُو سُفْيانَ مِن عُلُوٍّ في خَيْلٍ كَثِيرَةٍ، فَنَسُوا ما نَزَلَ بِهِمْ أوَّلًا، وأهَمَّهم أمْرُ أبِي سُفْيانَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَلامُ: "لَيْسَ لَهم أنْ يَعْلُونا، اللهُمَّ إنْ تُقْتَلْ هَذِهِ العِصابَةُ لا تُعْبَدْ" ثُمَّ نَدَبَ أصْحابَهُ فَرَمَوْهم بِالحِجارَةِ، وأغْنى عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ حَتّى أنْزَلُوهم.»
واخْتَلَفَتِ الرِواياتُ في هَذِهِ القِصَّةِ مِن هَزِيمَةِ أُحُدٍ اخْتِلافًا كَثِيرًا، وذَلِكَ أنَّ الأمْرَ هَوْلٌ، فَكُلُّ أحَدٍ وصَفَ ما رَأى وسَمِعَ، «قالَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ: أوَّلُ مَن مَيَّزَ رَسُولَ اللهِ ﷺ أنا، رَأيْتُ عَيْنَيْهِ تُزْهِرانِ تَحْتَ المِغْفَرِ.» ورُوِيَ أنَّ الخَيْلَ المُسْتَعْلِيَةَ إنَّما كانَتْ حَمْلَةَ خالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، وأنَّ أبا سُفْيانَ إنَّما دَنا، والنَبِيُّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ في عُرْعُرَةِ الجَبَلِ، ولِأبِي سُفْيانَ في ذَلِكَ المَوْقِفِ قَوْلٌ كَثِيرٌ، ولِعُمَرَ مَعَهُ مُراجَعَةٌ مَحْفُوظَةٌ، اخْتَصَرْتُها إذْ لا تَخُصُّ الآيَةَ. (p-٣٩٢)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ﴾ مَعْناهُ: مِنَ الغَنِيمَةِ، ( وما أصابَكم ) مَعْناهُ: مِنَ القَتْلِ والجَرْحِ وذُلِّ الِانْهِزامِ وما نِيلَ مِن نَبِيِّكم.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
واللامُ مِن قَوْلِهِ: "لِكَيْلا" مُتَعَلِّقَةٌ بِـ "أثابَكُمْ"، المَعْنى: لِتَعْلَمُوا أنَّ ما وقَعَ بِكم إنَّما هو بِجِنايَتِكُمْ، فَأنْتُمْ آذَيْتُمْ أنْفُسَكُمْ، وعادَةُ البَشَرِ أنَّ جانِيَ الذَنْبِ يَصْبِرُ لِلْعُقُوبَةِ، وأكْثَرُ قَلَقِ المُعاقَبِ وحُزْنِهِ إنَّما هو مَعَ ظَنِّهِ البَراءَةَ بِنَفْسِهِ. وفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ تَوَعُّدٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعالى أمْرَ النُعاسِ الَّذِي أمَّنَ بِهِ المُؤْمِنِينَ فَغَشِيَ أهْلَ الإخْلاصِ، وذَلِكَ «أنَّهُ لَمّا ارْتَحَلَ أبُو سُفْيانَ مِن مَوْضِعِ الحَرْبِ، قالَ النَبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ بِحَضْرَةِ أصْحابِهِ المُتَحَيِّزِينَ في تِلْكَ الساعَةِ إلَيْهِ: "اذْهَبْ فانْظُرْ إلى القَوْمِ، فَإنْ جَنَّبُوا الخَيْلَ فَهم ناهِضُونَ إلىمَكَّةَ، وإنْ كانُوا عَلى خَيْلِهِمْ فَهم عامِدُونَ إلى المَدِينَةِ، فاتَّقُوا اللهَ واصْبِرُوا" ووَطَّنَهم عَلى القِتالِ. فَمَضى عَلِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ فَأخْبَرَ أنَّهم جَنَّبُوا الخَيْلَ وقَعَدُوا عَلى أثْقالِهِمْ عِجالًا، فَآمَنَ المُوقِنُونَ المُصَدِّقُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، وألْقى اللهُ عَلَيْهِمُ النُعاسَ، وبَقِيَ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ لا يُصَدِّقُونَ،» بَلْ كانَ ظَنُّهم أنَّ أبا سُفْيانَ يَؤُمُّ المَدِينَةَ ولا بُدَّ، فَلَمْ يَقَعْ عَلى أحَدٍ مِنهم نَوْمٌ، وإنَّما كانَ هَمُّهم في أحْوالِهِمُ الدُنْياوِيَّةِ. قالَ أبُو طَلْحَةَ: لَقَدْ نِمْتُ في ذَلِكَ اليَوْمِ حَتّى سَقَطَ سَيْفِي مِن يَدِي مِرارًا. وقالَ الزُبَيْرُ بْنُ العَوّامِ: لَقَدْ رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ النَوْمِ فَجَعَلْتُ أنْظُرُ إلى أصْحابِ النَبِيِّ ﷺ، فَما مِنهم أحَدٌ إلّا وهو يَمِيلُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ. وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نَعَسْنا يَوْمَ أُحُدٍ والنُعاسُ في الحَرْبِ أمَنَةٌ مِنَ اللهِ، والنُعاسُ في الصَلاةِ مِنَ الشَيْطانِ.
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ "أمَنَةً" بِفَتْحِ المِيمِ، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ والنَخْعِيُّ "أمْنَةً" بِسُكُونِ المِيمِ، وهُما بِمَعْنى الأمْنِ، وفَتْحُ المِيمِ أفْصَحُ، وقَوْلُهُ: "نُعاسًا" بَدَلٌ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ (p-٣٩٣)وَنافِعٌ وعاصِمٌ وأبُو عَمْرٍو وابْنُ عامِرٍ: "يَغْشى" بِالياءِ حَمْلًا عَلى لَفْظِ النُعاسِ بِإسْنادِ الفِعْلِ إلى الضَمِيرِ البَدَلِ، وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: "تَغْشى" بِالتاءِ حَمْلًا عَلى لَفْظِ الأمَنَةِ بِإسْنادِ الفِعْلِ إلى ضَمِيرِ المُبْدَلِ مِنهُ. والواوُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتْهُمْ﴾ هي واوُ الحالِ، كَما تَقُولُ: جِئْتُ وزَيْدٌ قائِمٌ. قالَهُ سِيبَوَيْهِ وغَيْرُهُ، قالَ الزَجّاجُ: وجائِزٌ أنْ يَكُونَ خَبَرُ قَوْلِهِ: "وَطائِفَةٌ" قَوْلَهُ: "يَظُنُّونَ" ويَكُونَ "قَدْ أهَمَّتْهُمْ" صِفَةً لِلطّائِفَةِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ أهَمَّتْهم أنْفُسُهُمْ﴾ ذَهَبَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ قَتادَةُ والرَبِيعُ وابْنُ إسْحاقَ وغَيْرُهم إلى أنَّ اللَفْظَةَ مِنَ الهَمِّ الَّذِي هو بِمَعْنى الغَمِّ والحُزْنِ، والمَعْنى: أنَّ نُفُوسَهُمُ المَرِيضَةَ وظُنُونَهُمُ السَيِّئَةَ قَدْ جَلَبَتْ إلَيْهِمُ الهَمَّ خَوْفَ القَتْلِ وذَهابِ الأمْوالِ، تَقُولُ العَرَبُ: أهَمَّنِي الشَيْءُ إذا جَلَبَ الهَمَّ. وذَكَرَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ أنَّ اللَفْظَةَ مِن قَوْلِكَ: هَمَّ بِالشَيْءِ يَهُمُّ إذا أرادَ فِعْلَهُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
والمَعْنى: أهَمَّتْهم أنْفُسُهُمُ المُكاشَفَةَ ونَبْذَ الدِينِ، وهَذا قَوْلُ مَن قالَ: قَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ فَلْنَرْجِعْ إلى دِينِنا الأوَّلِ، ونَحْوَ هَذا مِنَ الأقْوالِ.
***
قوله عزّ وجلّ: ﴿يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الأمْرِ مِنَ شَيْءٍ قُلْ إنَّ الأمْرِ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ في أنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الأمْرِ شَيْءٍ ما قُتِلْنا ها هُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ في بُيُوتِكم لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إلى مَضاجِعِهِمْ ولِيَبْتَلِيَ اللهُ ما في صُدُورِكم ولِيُمَحِّصَ ما في قُلُوبِكم واللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُدُورِ﴾.
(p-٣٩٤)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿غَيْرَ الحَقِّ﴾ مَعْناهُ: يَظُنُّونَ أنَّ الإسْلامَ لَيْسَ بِحَقٍّ وأنَّ أمْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَلامُ يَضْمَحِلُّ ويَذْهَبُ. وقَوْلُهُ: ﴿ظَنَّ الجاهِلِيَّةِ﴾ ؛ ذَهَبَ جُمْهُورُ الناسِ إلى أنَّ المُرادَ مُدَّةُ الجاهِلِيَّةِ القَدِيمَةِ قَبْلَ الإسْلامِ، وهَذا كَما قالَ: "حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ" و"تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ"، وكَما تَقُولُ: شِعْرَ الجاهِلِيَّةِ، وكَما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سَمِعْتُ أبِي في الجاهِلِيَّةِ يَقُولُ: اسْقِنا كَأْسًا دِهاقًا. وذَهَبَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّهُ أرادَ في هَذِهِ الآيَةِ: ظَنَّ الفِرْقَةِ الجاهِلِيَّةِ، والإشارَةَ إلى أبِي سُفْيانَ ومَن مَعَهُ، والأمْرُ مُحْتَمَلٌ، وقَدْ نَحا هَذا المَنحى قَتادَةُ والطَبَرِيُّ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الأمْرِ مِنَ شَيْءٍ﴾ حِكايَةُ كَلامٍ قالُوهُ. قالَ قَتادَةُ وابْنُ جُرَيْجٍ: قِيلَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ: قُتِلَ بَنُو الخَزْرَجِ، فَقالَ: وهَلْ لَنا مِنَ الأمْرِ مِن شَيْءٍ ؟ يُرِيدُ أنَّ الرَأْيَ لَيْسَ لَنا، ولَوْ كانَ لَنا مِنهُ شَيْءٌ لَسَمِعَ مِن رَأْيِنا فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَمْ يُقْتَلْ أحَدٌ مِنّا، وهَذا مِنهم قَوْلٌ بِأجَلَيْنِ، وكَأنَّ كَلامَهم يَحْتَمِلُ الكُفْرَ والنِفاقَ، عَلى مَعْنى: لَيْسَ لَنا مِن أمْرِ اللهِ شَيْءٌ، ولا نَحْنُ عَلى حَقٍّ في اتِّباعِ مُحَمَّدٍ، ذَكَرَهُ المَهْدَوِيُّ وابْنُ فُورَكٍ، لَكِنْ يُضْعِفُ ذَلِكَ أنَّ الرَدَّ عَلَيْهِمْ إنَّما جاءَ عَلى أنَّ كَلامَهم في مَعْنى سُوءِ الرَأْيِ في الخُرُوجِ، وأنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَمْ يُقْتَلْ أحَدٌ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾ اعْتِراضٌ أثْناءَ الكَلامِ فَصِيحٌ.
وقَرَأ جُمْهُورُ القُرّاءِ: "كُلَّهُ"، بِالنَصْبِ عَلى تَأْكِيدِ الأمْرِ، لِأنَّ "كُلَّهُ" بِمَعْنى أجْمَعُ، وقَرَأ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ "كُلُّهُ لِلَّهِ" بِرَفْعِ "كُلٍّ" عَلى الِابْتِداءِ والخَبَرِ، ورَجَّحَ (p-٣٩٥)الناسُ قِراءَةَ الجُمْهُورِ لِأنَّ التَأْكِيدَ أمْلَكُ بِلَفْظَةِ "كُلٍّ". وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُخْفُونَ في أنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ إخْبارًا عن تَسَتُّرِهِمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الأقْوالِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَحْضِ كُفْرٍ، بَلْ هي جَهالَةٌ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ إخْبارًا عَمّا يُخْفُونَهُ مِنَ الكُفْرِ الَّذِي لا يَقْدِرُونَ أنْ يُظْهِرُوا مِنهُ أكْثَرَ مِن هَذِهِ النَزَعاتِ، وأخْبَرَ تَعالى عنهم عَلى الجُمْلَةِ دُونَ تَعْيِينٍ، وهَذِهِ كانَتْ سُنَّتَهُ في المُنافِقِينَ، لا إلَهَ إلّا هو.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا ها هُنا﴾ هي مَقالَةٌ سُمِعَتْ مِن مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ المَغْمُوصِ عَلَيْهِ بِالنِفاقِ. وقالَ الزُبَيْرُ بْنُ العَوّامِ فِيما أسْنَدَ الطَبَرِيُّ عنهُ: واللهِ لَكَأنِّي أسْمَعُ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ أخِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، والنُعاسُ يَغْشانِي، ما أسْمَعُهُ إلّا كالحُلْمِ حِينَ قالَ: لَوْ كانَ لَنا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وكَلامُ مُعَتِّبٍ يَحْتَمِلُ مِنَ المَعْنى ما احْتَمَلَ كَلامُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ، ومُعَتِّبٌ هَذا مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ إسْحاقَ وغَيْرُهُ، وقالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: إنَّهُ شَهِدَ العَقَبَةَ، وذَلِكَ وهْمٌ، والصَحِيحُ أنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَقَبَةً.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ في بُيُوتِكُمْ﴾.... الآيَةُ رَدٌّ عَلى الأقْوالِ، وإعْلامٌ بِأنَّ أجَلَ كُلِّ امْرِئٍ إنَّما هو واحِدٌ، فَمَن لَمْ يُقْتَلْ فَهو يَمُوتُ لِذَلِكَ الأجَلِ عَلى الوَجْهِ الَّذِي قَدَّرَ اللهُ تَعالى، وإذا قُتِلَ فَذَلِكَ هو الَّذِي كانَ في سابِقِ الأزَلِ.
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ "فِي بُيُوتِكُمْ" بِضَمِّ الباءِ، وقَرَأ بَعْضُ القُرّاءِ، وهي بَعْضُ (p-٣٩٦)طُرُقِ السَبْعَةِ: "فِي بِيُوتِكُمْ"، بِكَسْرِ الباءِ، وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ "لَبَرَزَ" بِفَتْحِ الراءِ والباءِ عَلى مَعْنى: صارُوا في البَرازِ مِنَ الأرْضِ، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ: "بُرِّزَ" بِضَمِّ الباءِ وكَسْرِ الراءِ وشَدِّها، وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "عَلَيْهِمُ القَتْلُ" أيْ: كُتِبَ عَلَيْهِمْ في قَضاءِ اللهِ وتَقْدِيرِهِ. وقَرَأ الحَسَنُ والزُهْرِيُّ: "عَلَيْهِمُ القِتالُ". وتَحْتَمِلُ هَذِهِ القِراءَةُ مَعْنى الِاسْتِغْناءِ عَنِ المُنافِقِينَ، أيْ: لَوْ تَخَلَّفْتُمْ أنْتُمْ لَبَرَزَ المُؤْمِنُونَ المُوقِنُونَ المُطِيعُونَ في القِتالِ المَكْتُوبِ عَلَيْهِمْ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما في صُدُورِكم ولِيُمَحِّصَ ما في قُلُوبِكُمْ﴾... الآيَةُ: اللامُ في قَوْلِهِ تَعالى: "وَلِيَبْتَلِيَ" مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مُتَأخِّرٍ تَقْدِيرُهُ: ولِيَبْتَلِيَ ولِيُمَحِّصَ فَعَلَ هَذِهِ الأُمُورَ الواقِعَةَ، والِابْتِلاءُ هُنا هو الِاخْتِبارُ، والتَمْحِيصُ: تَخْلِيصُ الشَيْءِ مِن غَيْرِهِ، والمَعْنى: لِيَخْتَبِرَهُ فَيُعَلِّمَهُ عِلْمًا مُساوِقًا لِوُجُودِهِ وقَدْ كانَ مُتَقَرِّرًا قَبْلَ وُجُودِ الِابْتِلاءِ أزَلًا، و"ذاتِ الصُدُورِ": ما تَنْطَوِي عَلَيْهِ مِنَ المُعْتَقَداتِ، هَذا هو المُرادُ في هَذِهِ الآيَةِ.
{"ayahs_start":153,"ayahs":["۞ إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ وَٱلرَّسُولُ یَدۡعُوكُمۡ فِیۤ أُخۡرَىٰكُمۡ فَأَثَـٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمࣲّ لِّكَیۡلَا تَحۡزَنُوا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَاۤ أَصَـٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ","ثُمَّ أَنزَلَ عَلَیۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةࣰ نُّعَاسࣰا یَغۡشَىٰ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنكُمۡۖ وَطَاۤىِٕفَةࣱ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ یَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَیۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِۖ یَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَیۡءࣲۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ یُخۡفُونَ فِیۤ أَنفُسِهِم مَّا لَا یُبۡدُونَ لَكَۖ یَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءࣱ مَّا قُتِلۡنَا هَـٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِی بُیُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِینَ كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِیَبۡتَلِیَ ٱللَّهُ مَا فِی صُدُورِكُمۡ وَلِیُمَحِّصَ مَا فِی قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ"],"ayah":"ثُمَّ أَنزَلَ عَلَیۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةࣰ نُّعَاسࣰا یَغۡشَىٰ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنكُمۡۖ وَطَاۤىِٕفَةࣱ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ یَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَیۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِۖ یَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَیۡءࣲۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ یُخۡفُونَ فِیۤ أَنفُسِهِم مَّا لَا یُبۡدُونَ لَكَۖ یَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءࣱ مَّا قُتِلۡنَا هَـٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِی بُیُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِینَ كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِیَبۡتَلِیَ ٱللَّهُ مَا فِی صُدُورِكُمۡ وَلِیُمَحِّصَ مَا فِی قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق