الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَسارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكم وجَنَّةٍ عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَرّاءِ والضَرّاءِ والكاظِمِينَ الغَيْظَ والعافِينَ عَنِ الناسِ واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ قَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ: "سارِعُوا" بِغَيْرِ واوٍ، وكَذَلِكَ هي في مَصاحِفِ أهْلِ المَدِينَةِ وأهْلِ الشامِ، وقَرَأ باقِي السَبْعَةِ بِالواوِ، قالَ أبُو عَلِيٍّ: كِلا الأمْرَيْنِ شائِعٌ مُسْتَقِيمٌ، فَمَن قَرَأ بِالواوِ فَلِأنَّهُ عَطَفَ الجُمْلَةَ عَلى الجُمْلَةِ، ومَن تَرَكَ الواوَ فَلِأنَّ الجُمْلَةَ الثانِيَةَ مُلْتَبِسَةٌ بِالأُولى مُسْتَغْنِيَةٌ بِذَلِكَ عَنِ العَطْفِ بِالواوِ. وأمالَ الكِسائِيُّ الألِفَ مِن قَوْلِهِ: "سارِعُوا" ومِن قَوْلِهِ: "وَيُسارِعُونَ في الخَيْراتِ" و"نُسارِعُ لَهم في الخَيْراتِ" في كُلِّ ذَلِكَ؛ قالَ أبُو عَلِيٍّ: والإمالَةُ هُنا حَسَنَةٌ لِوُقُوعِ الراءِ المَكْسُورَةِ بَعْدَها. والمُسارَعَةُ: المُبادَرَةُ، وهي مُفاعَلَةٌ إذِ الناسُ كَأنَّ كُلَّ واحِدٍ يُسْرِعُ لِيَصِلَ قَبْلَ غَيْرِهِ، فَبَيْنَهم في ذَلِكَ مُفاعَلَةٌ، ألا تَرى إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاسْتَبِقُوا الخَيْراتِ﴾ [البقرة: ١٤٨]. وقَوْلُهُ "إلى مَغْفِرَةٍ" مَعْناهُ: سارِعُوا بِالتَقْوى والطاعَةِ والتَقَرُّبِ إلى رَبِّكم إلى حالٍ يَغْفِرُ اللهُ لَكم فِيها، أيْ يَسْتُرُ ذُنُوبَكم بِعَفْوِهِ عنها وإزالَةِ حُكْمِها، ويُدْخِلُكم جَنَّةً. قالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ ومَكْحُولٌ في تَفْسِيرِ ﴿وَسارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ﴾ مَعْناهُ: إلى تَكْبِيرَةِ الإحْرامِ مَعَ الإمامِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا مَقالٌ حَسَنٌ يُحْتَذى عَلَيْهِ في كُلِّ طاعَةٍ. (p-٣٥٤)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ﴾ تَقْدِيرُهُ: كَعَرْضِ السَماواتِ والأرْضِ، وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما خَلْقُكم ولا بَعْثُكم إلا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨] أيْ كَخَلْقِ نَفْسٍ واحِدَةٍ وبَعْثِها، فَجاءَ هَذا الِاقْتِضابُ المَفْهُومُ الفَصِيحُ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ: ؎ حَسِبْتَ بُغامَ راحِلَتِي عَناقًا وما هي ويْبَ غَيْرِكَ بِالعَناقِ ومِنهُ قَوْلُ الآخَرِ: ؎ كَأنَّ غَدِيرَهم بِجَنُوبِ سِلّى ∗∗∗ نَعامٌ قاقَ في بَلَدٍ قِفارِ التَقْدِيرُ: صَوْتَ عَناقٍ وغَدِيرُ نَعامٍ. وأمّا مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ﴾ فاخْتَلَفَ العُلَماءُ في ذَلِكَ عَلى ثَلاثَةِ مَذاهِبَ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أنَّهُ قالَ: تُقْرَنُ السَماواتُ والأرْضُونَ بَعْضُها إلى بَعْضٍ كَما يُبْسَطُ الثَوْبُ، فَذَلِكَ عَرْضُ الجَنَّةِ، ولا يَعْلَمُ طُولَها إلّا اللهُ. وفي الحَدِيثِ عَنِ النَبِيِّ ﷺ: « "أنَّ بَيْنَ المِصْراعَيْنِ مِن أبْوابِ الجَنَّةِ مَسِيرَةَ أرْبَعِينَ سَنَةً، وسَيَأْتِي عَلَيْها يَوْمٌ يَزْدَحِمُ الناسُ فِيها كَما تَزْدَحِمُ الإبِلُ إذا ورَدَتْ خُمْصًا ظِماءً"» وفي الحَدِيثِ عنهُ ﷺ: « "أنَّ في الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الراكِبُ المُجِدُّ في ظِلِّها مِائَةَ عامٍ لا يَقْطَعُها"،» فَهَذا كُلُّهُ يُقَوِّي قَوْلَ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ: إنَّ الجَنَّةَ أكْبَرُ مِن هَذِهِ المَخْلُوقاتِ المَذْكُورَةِ، وهي مُمْتَدَّةٌ عَنِ السَماءِ حَيْثُ شاءَ اللهُ تَعالى، وذَلِكَ لا يُنْكَرُ، (p-٣٥٥)فَإنَّ في حَدِيثِ النَبِيِّ عَلَيْهِ السَلامُ: « "ما السَماواتُ السَبْعُ والأرْضُونَ السَبْعُ في الكُرْسِيِّ إلّا كَدَراهِمَ أُلْقِيَتْ في فَلاةٍ مِنَ الأرْضِ، وما الكُرْسِيُّ في العَرْشِ إلّا كَحَلْقَةٍ في فَلاةٍ مِنَ الأرْضِ".» قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: فَهَذِهِ مَخْلُوقاتٌ أعْظَمُ بِكَثِيرٍ جِدًّا مِنَ السَماواتِ والأرْضِ، وقُدْرَةُ اللهِ تَعالى أعْظَمُ مِن ذَلِكَ كُلِّهِ. رَوى يَعْلى بْنُ أبِي مُرَّةَ قالَ: «لَقِيتُ التَنُوخِيَّ رَسُولَ هِرَقْلَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِحِمْصَ، شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ فَنَدَ فَقالَ قَدِمْتُ عَلى النَبِيِّ ﷺ، بِكِتابِ هِرَقْلَ، فَناوَلَ الصَحِيفَةَ رَجُلًا عن يَسارِهِ فَقُلْتُ: مَن صاحِبُكُمُ الَّذِي يَقْرَأُ؟ قالُوا: مُعاوِيَةٌ، فَإذا كِتابُ هِرَقْلَ: إنَّكَ كَتَبْتَ إلَيَّ تَدْعُونِي إلى جَنَّةٍ عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، فَأيْنَ النارُ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "سُبْحانَ اللهِ، فَأيْنَ اللَيْلُ إذا جاءَ النَهارُ"؟» ورَوى (p-٣٥٦)قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عن طارِقِ بْنِ شِهابٍ قالَ: جاءَ رَجُلانِ مِنَ اليَهُودِ مِن نَجْرانَ إلى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فَقالَ أحَدُهُما: تَقُولُونَ جَنَّةٌ عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ، أيْنَ تَكُونُ النارُ؟ فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أرَأيْتَ النَهارَ إذا جاءَ أيْنَ يَكُونُ اللَيْلُ؟ واللَيْلُ إذا جاءَ أيْنَ يَكُونُ النَهارُ؟ فَقالَ اليَهُودِيُّ: إنَّهُ لَمِثْلُها في التَوْراةِ، فَقالَ لَهُ صاحِبُهُ: لِمَ أخْبَرْتَهُ؟ دَعْهُ إنَّهُ بِكُلٍّ مُوقِنٌ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: فَهَذِهِ الآثارُ كُلُّها هي في طَرِيقٍ واحِدٍ، مِن أنَّ قُدْرَةَ اللهِ تَتَّسِعُ لِهَذا كُلِّهِ، وخَصَّ العَرْضَ بِالذِكْرِ لِأنَّهُ يَدُلُّ مَتى ذُكِرَ عَلى الطُولِ، والطُولُ إذا ذُكِرَ لا يَدُلُّ عَلى قَدْرِ العَرْضِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الطَوِيلُ يَسِيرَ العَرْضِ كالخَيْطِ ونَحْوِهِ؛ ومِن ذَلِكَ قَوْلُ العَرَبِ: بِلادٌ عَرِيضَةٌ، وفَلاةٌ عَرِيضَةٌ. وقالَ قَوْمٌ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ﴾ مَعْناهُ: كَعَرْضِ السَماواتِ والأرْضِ، كَما هي طِباقًا، لا بِأنْ تُقْرَنَ كَبَسْطِ الثِيابِ، فالجَنَّةُ في السَماءِ، وعَرْضُها كَعَرْضِها وعَرْضِ ما وراءَها مِنَ الأرْضِينَ إلى السابِعَةِ، وهَذِهِ الدَلالَةُ عَلى العِظَمِ أغْنَتْ عن ذِكْرِ الطُولِ. وقالَ قَوْمٌ: الكَلامُ جارٍ عَلى مَقْطَعِ العَرَبِ مِنَ الاسْتِعارَةِ، فَلَمّا كانَتِ الجَنَّةُ مِنَ الاتِّساعِ والِانْفِساحِ في غايَةٍ قُصْوى، حَسُنَتِ العِبارَةُ عنها بِـ (عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ)، كَما تَقُولُ لِرَجُلٍ: هَذا بَحْرٌ، ولِشَخْصٍ كَبِيرٍ مِنَ الحَيَوانِ: هَذا جَبَلٌ، ولَمْ تَقْصِدِ الآيَةُ تَحْدِيدَ العَرْضِ. (p-٣٥٧)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وجَلَبَ مَكِّيٌّ هَذا القَوْلَ غَيْرَ مُلَخَّصٍ، وأدْخَلَ حُجَّةً عَلَيْهِ قَوْلَ العَرَبِ: أرْضٌ عَرِيضَةٌ. ولَيْسَ قَوْلُهُمْ: أرْضٌ عَرِيضَةٌ مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ﴾ إلّا في دَلالَةِ ذِكْرِ العَرْضِ عَلى الطُولِ فَقَطْ، وكَذَلِكَ فَعَلَ النَقّاشُ. ورُوِيَ «أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ لِلْفارِّينَ يَوْمَ أُحُدٍ: "لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيها عَرِيضَةً"» وقالَ ابْنُ فُورَكٍ: الجَنَّةُ في السَماءِ، ويُزادُ فِيها يَوْمَ القِيامَةِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وفِي هَذا مُتَعَلَّقٌ لِمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ وغَيْرِهِ مِمَّنْ قالَ: إنَّ الجَنَّةَ لَمْ تُخْلَقْ بَعْدُ، وكَذَلِكَ النارُ، وهو قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وجُمْهُورُ العُلَماءِ عَلى أنَّهُما قَدْ خُلِقَتا، وهو ظاهِرُ كِتابِ اللهِ تَعالى في قَوْلِهِ: "أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" و"أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ" وغَيْرِ ذَلِكَ؛ وهو نَصٌّ في الأحادِيثِ كَحَدِيثِ الإسْراءِ وغَيْرِهِ مِمّا يَقْتَضِي أنَّ ثَمَّ جَنَّةً قَدْ خُلِقَتْ. وأمّا مَن يَقُولُ: يُزادُ فِيهِما فَلا تَرُدُّ عَلَيْهِ الأحادِيثُ، لَكِنَّهُ يَحْتاجُ إلى سَنَدٍ يَقْطَعُ العُذْرَ. و"أُعِدَّتْ" مَعْناهُ: يُسِّرَتْ وانْتَظَرُوا بِها. ثُمَّ وصَفَ تَعالى المُتَّقِينَ الَّذِينَ أُعِدَّتْ لَهُمُ الجَنَّةُ بِقَوْلِهِ: "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ".... الآيَةِ، وظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّها مَدْحٌ بِفِعْلِ المَندُوبِ إلَيْهِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "فِي السَرّاءِ والضَرّاءِ" مَعْناهُ: في العُسْرِ واليُسْرِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: إذِ الأغْلَبُ أنَّ مَعَ اليُسْرِ النَشاطَ وسُرُورَ النَفْسِ، ومَعَ العُسْرِ الكَراهِيَةَ وضُرَّ النَفْسِ. وكَظْمُ الغَيْظِ: رَدُّهُ في الجَوْفِ إذا كادَ أنْ يَخْرُجَ مِن كَثْرَتِهِ، فَضَبْطُهُ ومَنعُهُ كَظْمٌ لَهُ، والكِظامُ: السَيْرُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ فَمُ الزَقِ والقِرْبَةِ، وكَظَمَ البَعِيرُ جِرَّتَهُ: إذا رَدَّها في (p-٣٥٨)جَوْفِهِ، وقَدْ يُقالُ لِحَبْسِهِ الجِرَّةَ قَبْلَ أنْ يُرْسِلَها إلى فِيهِ: كَظْمٌ، حَكاهُ الزَجّاجُ، فَقالَ: كَظَمَ البَعِيرُ والناقَةُ إذا لَمْ يَجْتَرّا، ومِنهُ قَوْلُ الراعِي: ؎ فَأفَضْنَ بَعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ ∗∗∗ مِن ذِي الأباطِحِ إذْ رَعَيْنَ حَقِيلا والغَيْظُ: أصْلُ الغَضَبِ، وكَثِيرًا ما يَتَلازَمانِ، ولِذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُ الناسِ الغَيْظَ بِالغَضَبِ ولَيْسَ تَحْرِيرُ الأمْرِ كَذَلِكَ، بَلِ الغَيْظُ فِعْلُ النَفْسِ لا يَظْهَرُ عَلى الجَوارِحِ، والغَضَبُ حالٌ لَها مَعَهُ ظُهُورٌ في الجَوارِحِ وفِعْلٌ ما ولا بُدَّ، ولِهَذا جازَ إسْنادُ الغَضَبِ إلى اللهِ تَعالى، إذْ هو عِبارَةٌ عن أفْعالِهِ في المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، ولا يُسْنَدُ إلَيْهِ تَعالى غَيْظٌ، وخَلَطَ ابْنُ فُورَكٍ في هَذِهِ اللَفْظَةِ. ووَرَدَتْ في كَظْمِ الغَيْظِ ومَلْكِ النَفْسِ عِنْدَ الغَضَبِ أحادِيثُ، وذَلِكَ مِن أعْظَمِ العِبادَةِ وجِهادِ النَفْسِ، ومِنهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَلامُ: « "لَيْسَ الشَدِيدُ بِالصُرْعَةِ، إنَّما الشَدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ"،» ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ عَلَيْهِ السَلامُ: « "ما مِن جُرْعَةٍ يَتَجَرَّعُها العَبْدُ خَيْرٌ لَهُ وأعْظَمُ أجْرًا مِن جُرْعَةِ غَيْظٍ في اللهِ"،» ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ أنَّ النَبِيَّ عَلَيْهِ السَلامُ قالَ: « "مَن كَظَمَ غَيْظًا وهو يَقْدِرُ عَلى إنْفاذِهِ، مَلَأهُ اللهُ أمْنًا وإيمانًا"،» والعَفْوُ عَنِ الناسِ مِن أجَلِّ ضُرُوبِ فِعْلِ الخَيْرِ، وهَذا حَيْثُ يَجُوزُ لِلْإنْسانِ ألّا يَعْفُوَ، وحَيْثُ يَتَّجِهُ حَقُّهُ. وقالَ أبُو العالِيَةِ: "والعافِينَ عَنِ الناسِ" يُرِيدُ عَنِ المَمالِيكِ. (p-٣٥٩)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا حَسَنٌ عَلى جِهَةِ المِثالِ، إذْ هُمُ الخَدَمَةُ، فَهُمُ المُذْنِبُونَ كَثِيرًا، والقُدْرَةُ عَلَيْهِمْ مُتَيَسِّرَةٌ، وإنْفاذُ العُقُوبَةِ سَهْلٌ، فَلِذَلِكَ مَثَّلَ هَذا المُفَسِّرُ بِهِ. وذَكَرَ تَعالى بَعْدَ ذَلِكَ أنَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ فَعَمَّ هَذِهِ الوُجُوهَ وسِواها مِنَ البِرِّ، وهَذا يَدُلُّكَ عَلى أنَّ الآيَةَ في المَندُوبِ إلَيْهِ، ألا تَرى إلى سُؤالِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَلامُ فَقالَ: "ما الإيمانُ؟ ثُمَّ قالَ: ما الإسْلامُ؟ فَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَفْرُوضاتِ، «ثُمَّ قالَ لَهُ: ما الإحْسانُ؟ قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَراهُ"...» الحَدِيثُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب