الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذابِ ولَوْلا أجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ العَذابُ ولَيَأْتِيَنَّهم بَغْتَةً وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذابِ وإنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالكافِرِينَ﴾ ﴿يَوْمَ يَغْشاهُمُ العَذابُ مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ ويَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذابِ﴾ يُرِيدُ بِهِ كُفّارَ قُرَيْشٍ في قَوْلِهِمْ: " فأتنا بِما تَعُدُّنا " وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اسْتِعْجالِهِمْ -عَلى جِهَةِ التَعْجِيزِ والتَكْذِيبِ- عَذابُ اللهِ تَعالى الَّذِي تَوَعَّدَهم مُحَمَّدٌ ﷺ. ثُمْ أخْبَرَ تَعالى أنَّهُ يَأْتِيهِمْ بَغْتَةً، أيْ: فَجْأةً، وهَذا هو عَذابُ الدُنْيا، وهو الَّذِي ظَهَرَ يَوْمَ بَدْرٍ في السِنِينِ السَبْعِ. ثُمْ ذَكَرَ تَعالى أنَّ تَأخُّرَهُ إنَّما هو حَسَبُ الأجَلِ المَقْدُورِ السابِقِ. وقالَ المُفَسِّرُونَ عَنِ الضِحاكِ: أنَّ الأجَلَ المُسَمّى بِهَذِهِ الآيَةِ الآجالُ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ النَظَرُ، والآجالُ لا مَحالَةَ أجَلٌ مُسَمًّى، ولَكِنْ لَيْسَ هَذا مَوْضِعُها. ثُمْ تَوَعَّدَهم تَبارَكَ وتَعالى بَعْدَ عَذابِ الآخِرَةِ في قَوْلِهِ: ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذابِ وإنَّ جَهَنَّمَ﴾، كَرَّرَ فِعْلَهم وقُبْحَهُ، وأخْبَرَ أنَّ وراءَهم إحاطَةُ جَهَنَّمَ بِهِمْ. وقالَ عِكْرِمَةُ -فِيما حَكى الطَبَرِيُّ - أنَّ جَهَنَّمَ ها هُنا أرادَ بِها البَحْرَ. (p-٦٥٦)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا ضَعِيفٌ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَغْشاهُمُ﴾ ظَرْفٌ يَعْمَلُ فِيهِ قَوْلُهُ: "مُحِيطٌ". و"يَغْشاهُمْ" مَعْناهُ: يُغَطِّيهِمْ مِن كُلِّ جِهَةٍ مِن جِهاتِهِمْ. وقَرَأ نافِعٌ، وعاصِمْ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "وَيَقُولُ"، أيْ: ويَقُولُ اللهُ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "وَنَقُولُ" بِالنُونِ، فَإمّا أنْ تَكُونَ نُونَ العَظَمَةِ، أو نُونَ الجَماعَةِ، جَماعَةِ المَلائِكَةِ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: "وَيُقالُ" بِياءٍ وألِفٍ، وهي قِراءَةُ ابْنِ أبِي عَبْلَةَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذُوقُوا﴾ تَوْبِيخٌ، ويُشْبِهُ مَسَّ العَذابِ بِالذَوْقِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذُقْ إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]، ومِنهُ قَوْلُ أبِي سُفْيانَ: "ذُقْ عَقَقَ"، ونَحْوُ هَذا كَثِيرٌ، وقَوْلُهُ: ﴿ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، أيْ: بِما في أعْمالِكم مِنَ اكْتِسابِكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب