الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿قالَ إنَّ فِيها لُوطًا قالُوا نَحْنُ أعْلَمُ بِمَن فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وأهْلَهُ إلا امْرَأتَهُ كانَتْ مِنَ الغابِرِينَ﴾ ﴿وَلَمّا أنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وضاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وقالُوا لا تَخَفْ ولا تَحْزَنْ إنّا مُنَجُّوكَ وأهْلَكَ إلا امْرَأتَكَ كانَتْ مِنَ الغابِرِينَ﴾ ﴿إنّا مُنْزِلُونَ عَلى أهْلِ هَذِهِ القَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾
رُوِيَ عَنِ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ لَمّا عَلِمْ مِن قِبَلِ المَلائِكَةِ أنَّ قَرْيَةَ لُوطٍ تُعَذَّبُ أشْفَقَ عَلى المُؤْمِنِينَ فَجادَلَ المَلائِكَةَ، وقالَ: أرَأيْتُمْ إنْ كانَ فِيهِمْ مِائَةُ بَيْتٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ أتَتْرُكُونَهُمْ؟ قالُوا: لَيْسَ فِيهِمْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَنْحَدِرُ حَتّى انْتَهى إلى عَشَرَةِ أبْياتٍ، فَقالَ لَهُ المَلائِكَةُ: لَيْسَ فِيها عَشْرَةٌ، ولا خَمْسَةٌ، ولا ثَلاثَةٌ، ولا اثْنانِ، فَحِينَئِذٍ قالَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَلامُ: إنَّ فِيها لُوطًا، فَراجَعُوهُ حِينَئِذٍ بِأنّا نَحْنُ أعْلَمُ بِمَن (p-٦٤٢)فِيها، أيْ: لا تَخَفْ أنْ يَقَعَ حَيْفٌ عَلى مُؤْمِنٍ.
وقَرَأ نافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "لَنُنَجِّيَنَّهُ" بِفَتْحِ النُونِ الوُسْطى وشَدِّ الجِيمِ، و"مُنَجُّوكَ" بِفَتْحِ النُونِ وشَدِّ الجِيمِ، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "لَنُنْجِيَنَّهُ " بِسُكُونِ النُونِ وتَخْفِيفِ الجِيمِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وعاصِمْ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: " لَنُنَجِّيَنَّهُ " بِالتَشْدِيدِ، و"مُنْجُوكَ" بِالتَخْفِيفِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "لَنُنْجِيَنْهُ" بِسُكُونِ النُونِ الأخِيرَةِ مِنَ الكَلِمَةِ، وهَذا إنَّما يَجِيءُ عَلى أنَّهُ خَفَّفَ النُونَ المُشَدَّدَةَ وهو يُرِيدُها.
وامْرَأةُ لُوطٍ هَذِهِ كانَتْ كافِرَةً، وتُنَبِّهُ عَلى أضْيافِهِ، و"الغابِرُ": الباقِي، ومَعْناهُ: مِنَ الغابِرِينَ في العَذابِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: ﴿مِنَ الغابِرِينَ﴾ أيْ: مِمَّنْ غَبَرَ وبَقِيَ مِنَ الناسِ وعَسى في كُفْرِهِ، والضَمِيرُ في "بِهِمْ" في المَوْضِعَيْنِ عائِدٌ عَلى الأضْيافِ الرُسُلِ، وذَلِكَ بِخَوْفِهِ مِن قَوْمِهِ عَلَيْهِمْ، فَلَمّا أخْبَرُوهُ بِما هم فِيهِ فَرَّجَ عنهُ، وقَرَأ عامَّةُ القُرّاءِ: "سِيءَ" بِكَسْرِ السِينِ، وقَرَأ عِيسى وطَلْحَةُ بِضَمِّها، و"الرِجْزُ": العَذابُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ أيْ: عَذابُهم بِسَبَبِ فِسْقِهِمْ، وكَذَلِكَ كَلُّ أُمَّةٍ عَذَّبَها اللهُ فَإنَّما عَذَّبَها عَلى الفِسْقِ والمَعْصِيَةِ، ولَكِنْ بِأنْ يَقْتَرِنَ ذَلِكَ بِالكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ عَذابَ الآخِرَةِ. وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ، والأعْمَشُ: "يَفْسِقُونَ" بِكَسْرِ السِينِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنها﴾، أيْ: مَن خَبَّرَها وما بَقِيَ مِن أثَرِها، فَـ "مَنَّ" لِابْتِداءِ الغايَةِ، ويَصِحُّ أنْ تَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ، عَلى أنْ تُرِيدَ ما تَرَكَ مِن بَقايا تِلْكَ القَرْيَةِ ومَنظَرِها، والآيَةُ مَوْضِعُ العِبْرَةِ، وعَلامَةُ القُدْرَةِ، ومُزْدَجَرُ النُفُوسِ عَنِ الوُقُوعِ في سُخْطِ اللهِ تَعالى.
وقَرَأ جُمْهُورُ القُرّاءِ: "مُنْزِلُونَ" بِتَخْفِيفِ الزايِ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: "مُنَزَّلُونَ" بِشَدِّ الزايِ، وهي قِراءَةُ الحَسَنِ وعاصِمْ -بِخِلافٍ عنهُما-، وقَرَأ الأعْمَشُ: الحَسَنُ وعاصِمْ بِخِلافٍ عنها-، وقَرَأ الأعْمَشُ: "إنّا مُرْسَلُونَ" بَدَلُ "مُنْزِلُونَ"، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "رِجْزًا" بِضَمِّ الراءِ.
(p-٦٤٣)
{"ayahs_start":32,"ayahs":["قَالَ إِنَّ فِیهَا لُوطࣰاۚ قَالُوا۟ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَن فِیهَاۖ لَنُنَجِّیَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥۤ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَـٰبِرِینَ","وَلَمَّاۤ أَن جَاۤءَتۡ رُسُلُنَا لُوطࣰا سِیۤءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعࣰاۖ وَقَالُوا۟ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَـٰبِرِینَ","إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰۤ أَهۡلِ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِ رِجۡزࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ","وَلَقَد تَّرَكۡنَا مِنۡهَاۤ ءَایَةَۢ بَیِّنَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"],"ayah":"وَلَقَد تَّرَكۡنَا مِنۡهَاۤ ءَایَةَۢ بَیِّنَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق