الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿أإنَّكم لَتَأْتُونَ الرِجالَ وتَقْطَعُونَ السَبِيلَ وتَأْتُونَ في نادِيكُمُ المُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إلا أنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إنْ كُنْتَ مِنَ الصادِقِينَ﴾ ﴿قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلى القَوْمِ المُفْسِدِينَ﴾ ﴿وَلَمّا جاءَتْ رُسُلُنا إبْراهِيمَ بِالبُشْرى قالُوا إنّا مُهْلِكُو أهْلِ هَذِهِ القَرْيَةِ إنَّ أهْلَها كانُوا ظالِمِينَ﴾
تَقَدَّمَ ذِكْرُ القِراءاتِ في "أإنَّكُمْ"، واخْتَلَفَ الناسُ في "قَطْعِ السَبِيلِ" المُشارِ إلَيْها هُنا، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: كانَ قَطْعُ الطَرِيقِ بِالسَلْبِ فاشِيًّا فِيهِمْ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: كانُوا يَقْطَعُونَ الطُرُقَ عَلى الناسِ لِطَلَبِ الفاحِشَةِ، فَكانُوا يَحِيفُونَ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ أرادَ قَطْعَ سَبِيلِ النَسْلِ في تَرْكِ النِساءِ وإتْيانِ الرِجالِ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: أرادَ أنَّهم بِفَتْحِ الأُحْدُوثَةِ عنهم يَقْطَعُونَ سَبِيلَ الناسِ عن قَصْدِهِمْ في التِجاراتِ وغَيْرِها. و"النادِي": المَجْلِسُ الَّذِي يَجْتَمِعُ الناسُ فِيهِ، وهو اسْمُ جِنْسٍ؛ لِأنَّ الأنْدِيَةَ في المُدُنِ كَثِيرَةٌ، كَأنَّهُ قالَ: وتَأْتُونَ في اجْتِماعِكم حَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ، واخْتَلَفَ الناسُ في "المُنْكَرِ"، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: كانُوا يَحْذِفُونَ الناسَ بِالحَصى، ويَسْتَخِفُّونَ بِالغَرِيبِ والخاطِرِ عَلَيْهِمْ، ورَوَتْهُ أمُّ هانِئٍ عَنِ النَبِيِّ ﷺ، وكانُوا لا يَرْبُطُهم دِينٌ ولا مُرُوءَةٌ، وقالَ مُجاهِدٌ، ومَنصُورٌ: كانُوا يَأْتُونَ الرِجالَ في مَجالِسِهِمْ وبَعْضُهم يَرى بَعْضًا، وقالَ القاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مُنْكَرُهم أنَّهم كانُوا يَتَفاعَلُونَ في مَجالِسِهِمْ، ذَكَرَهُ الزَهْراوِيُّ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: كانَ يَتَضارَطُونَ في مَجالِسِهِمْ، وقالَ مُجاهِدٌ أيْضًا: كانَ أمْرُهم لِعْبُ الحَمامِ، وتَطْرِيفُ الأصابِعِ (p-٦٤١)بِالحِنّاءِ، والصَفِيرِ، والحَذْفِ، ونَبْذِ الحَياءِ في جَمِيعِ أُمُورِهِمْ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وقَدْ تُوجَدُ هَذِهِ الأشْياءُ في بَعْضِ عُصاةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فالتَناهِي واجِبٌ.
فَلَمّا وقَّفَهم لُوطٌ عَلَيْهِ السَلامُ عَلى هَذِهِ القَبائِحِ رَجَعُوا إلى التَكْذِيبِ واللَجاجِ، أيِ: ائْتِنا بِالعَذابِ، فَإنَّ ذَلِكَ لا يَكُونُ، ولا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، وهم لَمْ يَقُولُوا هَذا إلّا وهم مُصَمِّمُونَ عَلى اعْتِقادِ كَذِبِهِ، ولَيْسَ يَصِحُّ في الفِطْرَةِ أنْ يَكُونَ مُعانِدٌ يَقُولُ هَذا، [ثُمُ اسْتَنْصَرَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَلامُ رَبَّهُ، فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَةً لِعَذابِهِمْ]، فَجاؤُوا إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ أوَّلًا مُبَشِّرِينَ بِإسْحاقَ، ومُبَشِّرِينَ بِنُصْرَةِ لُوطٍ عَلى قَوْمِهِ، وكانَ لِقاؤُهم لِإبْراهِيمَ عَلى الصُورَةِ الَّتِي بُيِّنَتْ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ، فَلَفْظَةُ "البُشْرى" -فِي هَذا المَوْضِعِ- تَتَضَمَّنُ أمْرَ إسْحاقَ ونُصْرَةَ لُوطٍ عَلَيْهِما السَلامُ، فَلَمّا أخْبَرُوهُ بِإهْلاكِ القَرْيَةِ عَلى ظُلْمِهِمْ أشْفَقَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَلامُ عَلى لُوطٍ عَلَيْهِ السَلامُ، فَعارَضَهم بِحَسَبِ ما يَأْتِي.
{"ayahs_start":29,"ayahs":["أَىِٕنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقۡطَعُونَ ٱلسَّبِیلَ وَتَأۡتُونَ فِی نَادِیكُمُ ٱلۡمُنكَرَۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ ٱئۡتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ","قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِی عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُفۡسِدِینَ","وَلَمَّا جَاۤءَتۡ رُسُلُنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوۤا۟ إِنَّا مُهۡلِكُوۤا۟ أَهۡلِ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِۖ إِنَّ أَهۡلَهَا كَانُوا۟ ظَـٰلِمِینَ"],"ayah":"وَلَمَّا جَاۤءَتۡ رُسُلُنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوۤا۟ إِنَّا مُهۡلِكُوۤا۟ أَهۡلِ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِۖ إِنَّ أَهۡلَهَا كَانُوا۟ ظَـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق