الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وقالَ إنِّي مُهاجِرٌ إلى رَبِّي إنَّهُ هو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِهِ النُبُوَّةَ والكِتابَ وآتَيْناهُ أجْرَهُ في الدُنْيا وإنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصالِحِينَ﴾ ﴿وَلُوطًا إذْ قالَ لِقَوْمِهِ إنَّكم لَتَأْتُونَ الفاحِشَةَ ما سَبَقَكم بِها مِن أحَدٍ مِن العالَمِينَ﴾ "آمَنَ" مَعْناهُ: صَدَّقَ، وهو فِعْلٌ يَتَعَدّى بِالباءِ وبِاللامِ، والقائِلُ ﴿إنِّي مُهاجِرٌ﴾ هو إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَلامُ، قالَهُ قَتادَةُ، والنَخْعِيُّ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: هو لُوطٌ عَلَيْهِ السَلامُ. ومِمّا صَحَّ مِنَ القِصَصِ أنَّ إبْراهِيمَ ولُوطًا هاجَرا مِن قَرْيَتِهِما " كَوْثى " وهي في سَوادِ الكُوفَةُ مِن أرْضِ بابِلَ إلى بِلادِ الشامِ، فِلَسْطِينَ وغَيْرِها، وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هاجَرا إلى حَرّانِ، ثُمْ أُمِرا بَعْدُ إلى الشامِ، وفي هَذِهِ الهِجْرَةِ كانَتْ سارَّةُ في صُحْبَةِ إبْراهِيمَ، واعْتَراها أمْرُ المَلِكِ. و"المُهاجِرُ": النازِعُ عَنِ الأمْرِ، وهو في عُرْفِ الشَرْعِ مَن تَرَكَ وطَنَهُ رَغْبَةً في رِضى اللهِ تَعالى، وقَدْ ذَهَبَ بِهَذا الِاسْمِ أصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ قَبْلَ الفَتْحِ. وقَوْلُهُ: ﴿العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ مَعَ الهِجْرَةِ إلَيْهِ صِفَتانِ بَلِيغَتانِ تَقْتَضِي اسْتِحْقاقَ التَوَكُّلِ عَلَيْهِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿إلى رَبِّي﴾ حَذْفُ مُضافٍ، تَقْدِيرُهُ: إلى رِضى رَبِّي، أو نَحْوِ هَذا. وإسْحاقُ بْنُ إبْراهِيمَ هو الَّذِي بَشَّرَ بِهِ، وبَشَّرَ بِيَعْقُوبَ مِن ورائِهِ، وهو ولَدُ إسْحاقَ، و"الكِتابَ" اسْمُ جِنْسٍ، أيْ: جَعَلَ اللهُ تَعالى في ذُرِّيَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ جَمِيعَ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ: التَوْراةُ والإنْجِيلُ والزَبُورُ والفَرْقانُ، وعِيسى عَلَيْهِ السَلامُ مِن ذُرِّيَّتِهِ، وقَوْلُهُ: ﴿أجْرَهُ في الدُنْيا﴾ يُرِيدُ: في حَياتِهِ بِحَيْثُ أدْرَكَ ذَلِكَ وسُرَّ بِهِ، والأجْرُ الَّذِي آتاهُ اللهُ تَعالى العافِيَةَ مِنَ النارِ، ومِنَ المَلِكِ الجائِرِ، والعَمَلِ الصالِحِ، والثَناءِ الحَسَنِ. قالَهُ مُجاهِدٌ. وأنَّ كُلَّ أُمَّةٍ تَتَوَلّاهُ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. والوَلَدُ الَّذِي قَرَّتْ بِهِ العَيْنُ بِحَسَبِ طاعَةِ اللهِ تَعالى، قالَهُ الحَسَنُ. ثُمْ أخْبَرَ عنهُ أنَّهُ في الآخِرَةِ في عِدادِ الصالِحِينَ الَّذِينَ نالُوا رِضى اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، وفازُوا بِرَحْمَتِهِ وكَرامَتِهِ العُلْيا. وقَوْلُهُ تَعالى: ولُوطًا نُصِبَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، تَقْدِيرُهُ: واذْكُرْ لُوطًا، و"الفاحِشَةَ": (p-٦٤٠)إتْيانُ الرِجالِ في الأدْبارِ، وهي مَعْصِيَةٌ ابْتَدَعَها قَوْمُ لُوطٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب