الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَإنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِن قَبْلِكم وما عَلى الرَسُولِ إلا البَلاغُ المُبِينُ﴾ ﴿أوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إنَّ ذَلِكَ عَلى اللهُ يَسِيرٌ﴾ ﴿قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ فانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأ الخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَشْأةَ الآخِرَةَ إنَّ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنْ تُكَذِّبُوا﴾ الآيَةُ..... وعِيدٌ، أيْ: قَدْ كَذَّبَ غَيْرُكم وعَذَّبَ، وإنَّما عَلى الرَسُولِ البَلاغُ، وكُلُّ أحَدٍ -بَعْدَ ذَلِكَ- مَأْخُوذٌ بِعَمَلِهِ. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وعاصِمْ -بِخِلافٍ عنهُ-: "أو لَمْ تَرَوْا" بِالتاءِ، وقَرَأ الباقُونَ: "أو لَمْ يَرَوْا" بِالياءِ، الأُولى عَلى المُخاطَبَةِ، والثانِيَةُ عَلى الحِكايَةِ عَنِ الغائِبِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: "يُبْدِئُ"، وقَرَأ الزُبَيْرُ، عِيسى، وأبُو عَمْرٍو -بِخِلافٍ عنهُ-: "يَبْدَأُ". وهَذِهِ الإحالاتُ عَلى ما يَظْهَرُ مَعَ الإخْبارِ مِن إحْياءِ الأرْضِ والنَباتِ وإعادَتِهِ ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا هو دَلِيلٌ عَلى البَعْثِ مِنَ القُبُورِ والحَشْرِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ: أوَلَمْ يَرَوْا بِالدَلائِلِ والنَظَرِ كَيْفَ يَجُوزُ أنْ يُعِيدَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى الأجْسامَ بَعْدَ المَوْتِ، وهَذا تَأْوِيلُ قَتادَةَ. وقالَ الرَبِيعُ ابْنُ أنَسٍ: المَعْنى: كَيْفَ يَبْدَأُ خَلْقَ الإنْسانِ ثُمْ يُعِيدُهُ إلى أحْوالٍ أُخَرَ حَتّى إلى التُرابِ. وقالَ مُقاتِلٌ: الخَلْقُ في هَذِهِ الآيَةِ اللَيْلُ والنَهارُ. ثُمْ أمَرَ اللهُ تَعالى نَبِيَّهُ -وَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مُحَمَّدًا إنْ كانَ في قِصَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِما الصَلاةُ السَلامُ اعْتِراضٌ بَيْنَ كَلامَيْنِ- بِأنْ يَأْمُرَهم -عَلى جِهَةِ الِاحْتِجاجِ- بِالسَيْرِ في الأرْضِ، والنَظَرِ في كُلِّ قُطْرٍ، وفي كُلِّ أُمَّةٍ قَدِيمًا وحَدِيثًا، فَإنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ ألّا خالِقَ إلّا اللهُ تَبارَكَ وتَعالى، ولا مُبْتَدِئًا بِالخَلْقِ سِواهُ، ثُمْ ساقَ -عَلى جِهَةِ الخَبَرِ- أنَّ اللهَ تَعالى هو المُبْتَدِئُ لِنَشْأةِ القِيامِ مِنَ القُبُورِ. (p-٦٣٥)وَقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو: "النَشاءَةُ" عَلى وزْنِ (الفَعالَةُ)، وهي قِراءَةُ الأعْرَجِ، وهَذا كَما تَقُولُ: رَأْفَةٌ ورَآفَةٌ، وقَرَأ الباقُونَ: "النَشْأةَ" عَلى وزْنِ (الفَعْلَةَ)، وقَرَأ الزَهْرِيُّ: "النَشَّةَ" بِشِينٍ مُشَدَّدَةٍ في جَمِيعِ القُرْآنِ. والبَعْثُ مِنَ القُبُورِ يَقُومُ دَلِيلُ العَقْلِ عَلى جَوازِهِ، وأخْبَرَتِ الشَرائِعُ وُقُوعَهُ ووُجُودَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب