الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلا يَصُدُّنَّكَ عن آياتِ اللهِ بَعْدَ إذْ أُنْزِلَتْ إلَيْكَ وادْعُ إلى رَبِّكَ ولا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ ﴿وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ لا إلَهَ إلا هو كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلا وجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ وقَوْلُهُ تَعالى: "وَلا يَصُدُّنَّكَ" أيْ: بِأقْوالِهِمْ وكَذِبِهِمْ وأذاهُمْ، ولا تَلْتَفِتُ نَحْوَهُ (p-٦٢١)وامْضِ لِشَأْنِكَ. وقَرَأ يَعْقُوبُ: "وَلا يَصُدُّنْكَ" بِجَزْمِ النُونِ. وقَوْلُهُ: ﴿وادْعُ إلى رَبِّكَ﴾ وجَمِيعُ الآيَةِ يَتَضَمَّنُ المُهادَنَةَ والمُوادَعَةَ، وهَذا كُلُّهُ مَنسُوخٌ بِآيَةِ السَيْفِ. وسَبَبُ هَذِهِ الآيَةِ ما كانَتْ قُرَيْشٌ تَدْعُو رَسُولَ اللهِ ﷺ إلَيْهِ مِن تَعْظِيمِ أوثانِهِمْ، وعِنْدَ ذَلِكَ ألْقى الشَيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ أمْرَ الغَرانِيقِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ﴾ نَهْيٌ عَمّا هم بِسَبِيلِهِ، فَهُمُ المُرادُ وإنْ عَرِيَ اللَفْظُ مِن ذِكْرِهِمْ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿إلا وجْهَهُ﴾ قالَتْ فِرْقَةٌ: هي عِبارَةٌ عَنِ الذاتِ، والمَعْنى: هالَكٌ إلّا هُوَ، قالَهُ الطَبَرِيُّ وجَماعَةٌ مِنهم أبُو المَعالِي رَحِمَهُ اللهُ، وقالَ الزَجّاجُ: إلّا إيّاهُ، وقالَ سُفْيانُ الثَوْرِيُّ: المُرادُ: إلّا ما أُدِّيَ لِوَجْهِهِ، أيْ: ما عُمِلَ لِذاتِهِ مِن طاعَةٍ، وتَوَجُّهٍ بِهِ نَحْوَهُ، ومِن هَذا قَوْلُ الشاعِرِ: ؎ .......... رَبُّ العِبادِ إلَيْهِ الوَجْهُ والعَمَلُ ومِنهُ قَوْلُ القائِلِ: "أرَدْتُ بِفِعْلِي وجْهَ اللهِ تَعالى". ومِنهُ قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢]. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَهُ الحُكْمُ﴾ أيْ فَصْلُ القَضاءِ وإنْفاذِهِ في الدُنْيا والآخِرَةِ، وقَوْلُهُ: ﴿وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ إخْبارٌ بِالحَشْرِ والعَوْدَةِ مِنَ القُبُورِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "تُرْجَعُونَ" بِالتاءِ وفَتْحِ الجِيمَ، وقَرَأ عِيسى: "يَرْجِعُونَ" بِفَتْحِ التاءِ وكَسْرِ الجِيمِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِالوَجْهَيْنِ. كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ القَصَصِ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ والصَلاةُ والسَلامُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعِينَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب