الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهم وما يُعْلِنُونَ﴾ ﴿وَهُوَ اللهُ لا إلَهَ إلا هو لَهُ الحَمْدُ في الأُولى والآخِرَةِ ولَهُ الحُكْمُ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَيْلَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ مَن إلَهٌ غَيْرُ اللهُ يَأْتِيكم بِضِياءٍ أفَلا تَسْمَعُونَ﴾ ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَهارَ (p-٦٠٧)سَرْمَدًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ مَن إلَهٌ غَيْرُ اللهُ يَأْتِيكم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أفَلا تُبْصِرُونَ﴾ ﴿وَمِن رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَيْلَ والنَهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ولِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾
ذَكَرَ تَعالى في هَذِهِ الآياتِ أُمُورًا يَشْهَدُ عَقْلُ كُلِّ مَفْطُورٍ بِأنَّ الأصْنامَ لا شَرِكَةَ لَها فِيها، فَمِنها عِلْمُ ما في النُفُوسِ وما يَهْجِسُ بِالخَواطِرِ. و"تُكِنُّ" مَعْناهُ: تَسْتُرُ، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "تَكُنُّ" بِفَتْحِ التاءِ وضَمِّ الكافِ، وعَبَّرَ عَنِ القَلْبِ بِالصَدْرِ حَيْثُ كانَ مُحْتَوِيًا عَلَيْهِ، ومَعْنى الآيَةِ أنَّ اللهَ تَعالى يَعْلَمُ السِرَّ والإعْلانَ.
ثُمْ أفْرَدَ نَفْسَهُ بِالأُلُوهِيَّةِ ونَفاها عَمّا سِواهُ، وأخْبَرَ أنَّ الحَمْدَ لَهُ في الدُنْيا والآخِرَةِ، إذْ لَهُ الصِفاتُ الَّتِي تَقْتَضِي ذَلِكَ، والحُكْمُ لَهُ. وهو -فِي هَذا المَوْضِعِ- الفَصْلُ والقَضاءُ في الأُمُورِ، ثُمْ أخْبَرَ تَعالى بِالرَجْعَةِ إلَيْهِ والحَشْرِ.
ثُمْ أخْبَرَ تَعالى نَبِيَّهُ أنْ يُوقِفَهم عَلى أمْرِ اللَيْلِ والنَهارِ، وما مَنَحَ اللهُ تَعالى فِيهِما مِنَ المَصالِحِ والمَرافِقِ، وأنْ يُوقِفَهم عَلى إنْعامِهِ تَعالى بِتَوْفِيقِ اللَيْلِ والنَهارِ، وأنَّهُ لَوْ مَدَّ أحَدَهُما سَرْمَدًا لَما وجَدَ مَن يَأْتِي بِالآخَرِ. و"السَرْمَدُ" مِنَ الأشْياءِ: الدائِمُ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ. وقَرَأتْ فِرْقَةٌ هي الجُمْهُورُ: "بِضِياءٍ" بِالياءِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ في رِوايَةِ قُنْبُلَ: "بِضِئاءٍ" بِهَمْزَتَيْنِ، وضَعَّفَهُ أبُو عَلِيٍّ. ثُمْ ذَكَرَ عَزَّ وجَلَّ انْقِسامَ اللَيْلِ والنَهارِ عَلى السُكُونِ وابْتِغاءِ الفَضْلِ بِالمَشْيِ والتَصَرُّفِ، وهَذا هو الغالِبُ في أمْرِ اللَيْلِ والنَهارِ، فَعَدَّدَ النِعْمَةَ بِالأغْلَبِ، وإنْ وُجِدَ مَن يَسْكُنُ بِالنَهارِ ويَبْتَغِي فَضْلَ اللهِ بِاللَيْلِ فَشاذٌّ نادِرٌ لا يُعْتَدُّ بِهِ. وقالَ بَعْضُ الناسِ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَيْلَ والنَهارَ﴾ إنَّما عَبَّرَ بِهِ عَنِ الزَمانِ، فَكَأنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ لِتَقْسِيمٍ، أيْ: في هَذا الوَقْتِ الَّذِي هو لَيْلٌ ونَهارٌ يَقَعُ السُكُونُ وابْتِغاءُ الفَضْلِ.
وقَوْلُهُ: "وَلَعَلَّكُمْ" أيْ عَلى نَظَرِ البَشَرِ، مَن يَرى هَذا التَلَطُّفَ والرِفْقَ يَرى أنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي الشُكْرَ ولا بُدَّ.
{"ayahs_start":69,"ayahs":["وَرَبُّكَ یَعۡلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمۡ وَمَا یُعۡلِنُونَ","وَهُوَ ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمُ ٱلَّیۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَنۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَأۡتِیكُم بِضِیَاۤءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ","قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَنۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَأۡتِیكُم بِلَیۡلࣲ تَسۡكُنُونَ فِیهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ","وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُوا۟ فِیهِ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"],"ayah":"وَهُوَ ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق