الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿فَلَمّا أنْ أرادَ أنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هو عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أتُرِيدُ أنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إنْ تُرِيدُ إلا أنْ تَكُونَ جَبّارًا في الأرْضِ وما تُرِيدُ أنْ تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ﴾ ﴿وَجاءَ رَجُلٌ مِن أقْصى المَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إنَّ المَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فاخْرُجْ إنِّي لَكَ مِن الناصِحِينَ﴾ ﴿فَخَرَجَ مِنها خائِفًا يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظالِمِينَ﴾.
قَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "يَبْطِشُ" بِكَسْرِ الطاءِ، وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو جَعْفَرِ: "يَبْطِشُ" بِضَمِّ التاءِ، وهُما لُغَتانِ، فَقالَ الإسْرائِيلِيُّ لِمُوسى مَعْنى الآيَةِ بِلِسانِهِ وفَرَّ مِنهُ فَشَهَرَ أمْرَ القَتِيلِ. والجَبابِرَةُ شَأْنُهم قَتْلُ الناسِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَلِذَلِكَ جَعَلَهُ الإسْرائِيلِيُّ كَذَلِكَ ونَفى عنهُ الإصْلاحَ. قالَ الشَعْبِيُّ: مَن قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَهو جَبّارٌ، قالَ الشَعْبِيُّ: ولَمّا اشْتُهِرَ أنَّ مُوسى قَتَلَ القَتِيلَ، وكانَ قَوْلُ الإسْرائِيلِيِّ يَغْلِبُ عَلى النُفُوسِ تَصْدِيقِهِ عَلى مُوسى مَعَ ما كانَ لِمُوسى عَلَيْهِ السَلامُ مِنَ المُقَدِّماتِ أنَّهُ المُشارُ إلَيْهِ بِفَسادِ المَمْلَكَةِ، فَأنْفَذَ فِرْعَوْنُ إلَيْهِ مَن يَطْلُبُهُ مَن جُنْدِهِ ويَأْتِي بِهِ لِلْقَتْلِ، فَخَرَجَ عَلى الطَرِيقِ الأعْظَمِ، وأخَذَ رَجُلٌ -يُقالُ: إنَّهُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، ويُقالُ: إنَّهُ غَيْرُهُ- في بُنَيّاتِ الطَرِيقِ قَصْدًا إلى مَوْضِعِ مُوسى فَبَلَغَهُ وقالَ لَهُ: ﴿إنَّ المَلأ﴾ الآيَةُ.
(p-٥٨١)وَ "يَسْعى" مَعْناهُ: يُسْرِعُ في مَشْيِهِ، قالَهُ الزَجاجُ وغَيْرُهُ، وهو دُونُ الجَرْيِ، وقالَ ابْنُ الزَجاجِ: مَعْناهُ: يُعَجِّلُ ولَيْسَ بِالشَدِّ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذِهِ نَزْعَةُ مالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ في سَعْيِ الجُمْعَةِ، والأوَّلُ عِنْدِي أظْهَرُ في هَذِهِ الآيَةِ.
و"يَأْتَمِرُونَ" وزَنُهُ يَفْتَعِلُونَ، ويَفْتَعِلُونَ يَأْتِي كَثِيرًا بِمَعْنى يَتَفاعَلُونَ، ومِنهُ ازْدَوَجٌ بِمَعْنى تَزاوُجَ، وذَهَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ إلى أنَّهُ بِمَعْنى: يَأْمُرُ بَعْضُهم بَعْضًا، قالَ: لَوْ كانَ ذَلِكَ لَكانَ "يَتَآمَرُونَ".
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وذَهَبَ عنهُ أنْ يَفْتَعِلَ بِمَعْنى يَتَفاعَلُ، وفي القُرْآنِ: ﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكم بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: ٦]، وقَدْ قالَ النَمِرُ بْنُ تَوْلَبِ:
؎ أرى الناسَ قَدْ أحْدَثُوا شِيمَةً وفي كُلِّ حادِثَةٍ يُؤْتَمَرُ
وأنْشَدَ الطَبَرِيُّ:
؎ ما تَأْتَمِرْ فِينا فَأمْـ ∗∗∗ ـرُكَ في يَمِينِكَ أو شِمالِكَ
ومِنهُ قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ جَثْمٍ:
؎ أحارِ ابْنُ كَعْبٍ كَأنِّي خَمِرْ ∗∗∗ ويَعْدُو عَلى المَرْءِ ما يَأْتَمِرُ
(p-٥٨٢)فَخَرَجَ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ وأفْلَتَ مِنَ القَوْمِ فَلَمْ يَجِدُوهُ، وخَرَجَ بِحُكْمِ فَزَعِهِ إلى الطَرِيقِ إلى مَدْيَنَ، وهي مَدِينَةُ قَوْمِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَلامُ، وكانَ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ لا يَعْرِفُ ذَلِكَ الطَرِيقَ، ولَمْ يَصْحَبْ أحَدًا، فَرَكِبَ مَجْهَلَتَها واثِقًا بِاللهِ تَعالى ومُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ. قالَ السُدِّيُّ ومُقاتِلُ: فَرُوِيَ أنَّ اللهَ تَعالى بَعْثَ إلَيْهِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَلامُ -وَقِيلَ: مَلَكًا غَيْرَهُ- فَسَدَّدَهُ إلى طَرِيقٍ وأعْطاهُ عَصا يُقالُ هي كانَتْ عَصاهُ، ورُوِيَ أنَّ عَصاهُ إنَّما أخَذَها لِرَعْيِهِ الغَنَمَ في مَدْيَنَ، وهو أصَحُّ وأكْثَرُ. وبَيْنَ مَدِينَ ومِصْرَ ثَمانِيَةَ أيّامٍ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ والناسُ، وكانَ مَلِكُ مَدِينَ لِغَيْرِ فِرْعَوْنَ، وحَكى الطَبَرِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أوِ ابْنِ أبِي نُجَيْحٍ -شَكَّ الطَبَرِيُّ - أنَّهُ قالَ: إنِ الَّذِي أرادَ أنْ يَبْطِشَ هو الإسْرائِيلِيُّ، فَنَهاهُ مُوسى عن ذَلِكَ بَعْدَ أنْ قالَ لَهُ: ﴿إنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص: ١٨]، فَفَزِعَ الإسْرائِيلِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ مِن مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ وخاطَبَهُ بِالفَصِيحِ، وكانَ مُوسى مِنَ النَدامَةِ والتَوْبَةِ في حِينِ لا يَتَصَوَّرُ مَعَهُ أنْ يُرِيدَ البَطْشَ بِهَذا الفِرْعَوْنِيِّ الآخَرِ. ورَوى ابْنُ جُرَيْجٍ أنَّ اسْمَ الرَجُلِ الساعِي مِن أقْصى المَدِينَةِ شَمْعُونَ، وقالَ ابْنُ إسْحاقٍ: سَمْعانَ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
والثَبْتُ في هَذا ونَحْوَهُ بَعِيدٌ.
{"ayahs_start":19,"ayahs":["فَلَمَّاۤ أَنۡ أَرَادَ أَن یَبۡطِشَ بِٱلَّذِی هُوَ عَدُوࣱّ لَّهُمَا قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ أَتُرِیدُ أَن تَقۡتُلَنِی كَمَا قَتَلۡتَ نَفۡسَۢا بِٱلۡأَمۡسِۖ إِن تُرِیدُ إِلَّاۤ أَن تَكُونَ جَبَّارࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا تُرِیدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ","وَجَاۤءَ رَجُلࣱ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّی لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ","فَخَرَجَ مِنۡهَا خَاۤىِٕفࣰا یَتَرَقَّبُۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ"],"ayah":"فَخَرَجَ مِنۡهَا خَاۤىِٕفࣰا یَتَرَقَّبُۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق