الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلَقَدْ أرْسَلْنا إلى ثَمُودَ أخاهم صالِحًا أنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإذا هم فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ ﴿قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَيِّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ ﴿قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وبِمَن مَعَكَ قالَ طائِرُكم عِنْدَ اللهِ بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ هَذِهِ الآيَةُ عَلى جِهَةِ التَمْثِيلِ لِقُرَيْشٍ، و"أنْ" في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أنِ اعْبُدُوا اللهَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ مُفَسِّرَةً، وأنْ تَكُونَ في مَوْضِعِ نَصْبِ، والتَقْدِيرُ: بِأنِ اعْبُدُوا اللهَ. و"فَرِيقانِ" يُرِيدُ بِهِ: مَن آمَنَ بِصالِحٍ ومَن كَفَرَ بِهِ، و"اخْتِصامُهُمْ" تَنازُعُهم وحْدَهُمْ، فَذَكَرَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى ذَلِكَ في سُورَةِ الأعْرافِ. ثُمْ إنَّ صالِحًا عَلَيْهِ السَلامُ تَلَطَّفَ بِقَوْمِهِ، وتَرَفَّقَ بِهِمْ في الخِطابِ، فَوَقَّفَهم عَلى خَطَئِهِمْ في اسْتِعْجالِ العَذابِ مِمّا يَقْتَضِي هَلاكَهُمْ، ثُمْ حَضَّهم عَلى ما هو أيْسَرُ مِن ذَلِكَ وأعْوَدُ بِالخَيْرِ، وهو الإيمانُ وطَلَبُ المَغْفِرَةِ ورَجاءُ الرَحْمَةِ، فَأجابُوا -عِنْدَ ذَلِكَ- بِقَوْلٍ سَفْسافٍ، مَعْناهُ: تَشاءَمْنا بِكَ، قالَ المُفَسِّرُونَ: وكانُوا في قَحْطٍ فَجَعَلُوهُ لَذّاتِ (p-٥٤٥)صالِحٍ عَلَيْهِ السَلامُ. وأصْلُ الطِيَرَةِ ما تَعارَفَهُ أهْلُ الجَهْلِ مِن زَجْرِ الطَيْرِ، وشَبَّهَتِ العَرَبُ ما عَنَّ بِما طارَ حَتّى حَصَلَ، سُمِّيَ ما حَصَلَ لِلْإنْسانِ في فَزَعَةِ ونَحْوِهِ طائِرًا، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألْزَمْناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ﴾ [الإسراء: ١٣]، وخاطَبَهم صالِحٌ بِبَيانِ الحَقِّ، أيْ: طائِرُكم عَلى زَعْمِكم وتَسْمِيَتِكم -وَهُوَ حَظُّكم في الحَقِيقَةِ- مِن تَعْذِيبٍ أو إعْفاءٍ هو عِنْدَ اللهِ وتَعالى، وبِقَضائِهِ وقَدْرِهِ، وإنَّما هو أنَّهم قَوَّمَ تَخْتَبِرُونَ، وهَذا أحَدُ وُجُوهِ الفِتْنَةِ، وقَدْ يُمْكِنُ أنْ يُرِيدَ: بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تَوْلَعُونَ بِشَهَواتِكُمْ، وهَذا مَعْنى قَدْ تَعارَفَ الناسُ اسْتِعْمال لَفْظِ الفِتْنَةِ مِنهُ، ومِنهُ قَوْلُكَ: "فِتَنَ فَلانَ بِفُلانٍ"، وشاهِدُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب