الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿فَجُمِعَ السَحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ ﴿وَقِيلَ لِلنّاسِ هَلْ أنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ﴾ ﴿لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَحَرَةَ إنْ كانُوا هُمُ الغالِبِينَ﴾ ﴿فَلَمّا جاءَ السَحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أإنَّ لَنا لأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ ﴿قالَ نَعَمْ وإنَّكم إذًا لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ ﴿قالَ لَهم مُوسى ألْقُوا ما أنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ ﴿فَألْقَوْا حِبالَهم وعِصِيَّهم وقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إنّا لَنَحْنُ الغالِبُونَ﴾ اليَوْمُ هو يَوْمُ الزِينَةِ، ويُقالُ: يَوْمَ كُسِرَ خَلِيجُ النِيلِ، فَهو يَوْمُ الزِينَةِ عَلى وجْهِ الدَهْرِ (p-٤٨٠)بِمِصْرَ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: إنَّ هَذا الجَمْعَ كانَ بِالإسْكَنْدَرِيَّةِ. وقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَحَرَةَ﴾ لَيْسَ مَعْناهُ نَتَّبِعُهُمُ في السِحْرِ، إنَّما أرادَ ما مَعْناهُ: نَتَّبِعُهُمُ في نُصْرَةِ دِينِنا ومِلَّتِنا، والإبْطالِ عَلى مُعارِضِها. وقَرَأ الأعْرَجُ، وأبُو عَمْرٍو: "أئِنَّ لَنا" بِألِفِ الِاسْتِفْهامِ، وقَرَأ نافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وشَيْبَةُ: "إنَّ لَنا" عَلى الإيجابِ، وقَرَأ عِيسى: "نَعِمْ" بِكَسْرِ العَيْنِ. والتَقْرِيبُ الَّذِي وعَدَهم بِهِ فِرْعَوْنُ هو الجاهُ الزائِدُ عَلى العَطاءِ الَّذِي طَلَبُوهُ، والقُرْبُ مِنَ المَلِكِ الَّذِي كانَ عِنْدَهم إلَهَهم. واخْتَلَفَ الناسُ في عَدَدِ السَحَرَةِ، وقَدْ ذَكَرْنا ذَلِكَ فِيما تَقَدَّمَ، وكانُوا مَجْمُوعِينَ مِن مَدائِنِ مِصْرَ ورِيفِ النِيلِ، وهي كانَتْ بِلادَ السِحْرِ كالفَرَما وغَيْرِ ذَلِكَ، ومُعْظَمُهم كانَ مِنَ الفَرَما والجِبالِ، والعِصِيُّ كانَتْ أوقارَ الإبِلِ. وقَوْلُهُ: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما القَسَمُ، فَكَأنَّهُمُ أقْسَمُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ، كَما تَقُولُ: بِاللهِ لا أفْعَلُ كَذا وكَذا، فَكانَ قَسَمُهم بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ غَيْرَ مَبْرُورٍ، والآخَرُ أنْ يَكُونَ عَلى جِهَةِ التَعْظِيمِ لِفِرْعَوْنَ -إذْ كانُوا يَعْبُدُونَهُ- والتَبَرُّكِ بِاسْمِهِ، كَما تَقُولُ -إذا ابْتَدَأْتَ بِعَمَلِ شُغْلٍ-: بِاسْمِ اللهِ، وعَلى بَرَكَةِ اللهِ، ونَحْوِ هَذا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب