الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿قالُوا وهم فِيها يَخْتَصِمُونَ﴾ ﴿تاللهِ إنْ كُنّا لَفي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ﴿إذْ نُسَوِّيكم بِرَبِّ العالَمِينَ﴾ ﴿وَما أضَلَّنا إلا المُجْرِمُونَ﴾ ﴿فَما لَنا مِن شافِعِينَ﴾ ﴿وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ ﴿فَلَوْ أنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآيَةً وما كانَ أكْثَرُهم مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَإنَّ رَبَّكَ لَهو العَزِيزُ الرَحِيمُ﴾ ثُمَّ وصَفَ تَعالى أنَّ أهْلَ النارِ يَخْتَصِمُونَ فِيها ويَتَلاوَمُونَ، ويَأْخُذُونَ في شَأْنِهِمْ بِجِدالٍ. ومِن جُمْلَةِ قَوْلِهِمْ لِأصْنامِهِمْ -عَلى جِهَةِ الإقْرارِ وقَوْلِ الحَقِّ-: قَسَمًا بِاللهِ إنْ كُنّا لَفي ضَلالٍ مُبِينٍ في أنْ نَعْبُدَكم ونَجْعَلَكم سَواءً مَعَ اللهِ تَعالى الَّذِي هو رَبُّ العالَمِينَ وخالِقُهم ومالِكُهُمْ، ثُمَّ عَطَفُوا يَرُدُّونَ المَلامَةَ عَلى غَيْرِهِمْ، أيْ: ما أضَلَّنا إلّا كُبَراؤُنا وأهَّلُ الحَزْمِ والجُرْأةِ والمَكانَةِ، ثُمَّ قالُوا -عَلى جِهَةِ التَلَهُّفِ والتَأسُّفِ- حِينَ رَأوا شَفاعَةَ المَلائِكَةِ والعُلَماءِ والأنْبِياءِ نافِعَةً في أهْلِ الإيمانِ عُمُومًا، وشَفاعَةَ الصَدِيقِ في صَدِيقِهِ خاصَّةً: ﴿فَما لَنا مِن شافِعِينَ﴾ ﴿وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾، وفي هَذِهِ اللَفْظَةِ تَنْبِيهٌ عَلى مَحِلِّ الصَدِيقِ مِنَ المَرْءِ. قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: "شافِعِينَ" مِنَ المَلائِكَةِ، و"صَدِيقٍ" مِنَ الناسِ. (p-٤٩٤)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: ولَفْظَةُ "الشَفِيعِ" تَقْتَضِي رِفْعَةَ مَكانَةٍ عِنْدَ المَشْفُوعِ عِنْدَهُ، ولَفْظَةُ "الصَدِيقِ" تَقْتَضِي شِدَّةَ مُساهَمَةٍ ونُصْرَةٍ، وهو (فَعِيلٌ) مِن صِدْقِ الوِدِّ مِن أبْنِيَةِ المُبالَغَةِ. و"الحَمِيمُ": الوَلِيُّ والقَرِيبُ الَّذِي يَخُصُّكَ أمْرُهُ ويَخُصُّهُ أمْرَكَ، وجامِعَةُ الرَجُلِ خاصَّتُهُ، وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ قَدْ مَضى. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذِهِ الآياتُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ﴾ [الشعراء: ٨٨] هي عِنْدِي مُنْقَطِعَةٌ مِن كَلامِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ، وهي إخْبارٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ تُعَلِّقُ مِن صِفَةِ اليَوْمَ الَّذِي وقَفَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَلامُ عِنْدَهُ في دُعائِهِ ألّا يَخْزى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب