قوله عزّ وجلّ:
﴿والَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وقِيامًا﴾ ﴿والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا﴾ ﴿إنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقامًا﴾
. هَذِهِ آيَةٌ فِيها تَحْرِيضٌ عَلى القِيامِ بِاللَيْلِ لِلصَّلاةِ، قالَ الحَسَنُ: لَمّا فَرَغَ مِن وصْفِ نَهارِهِمْ وصَفَ في هَذِهِ لَيْلَهُمْ، وقالَ بَعْضُ الناسِ: مَن صَلّى العِشاءَ الآخِرَةَ، وشَفَعَ وأوتَرَ، فَهو داخِلٌ في هَذِهِ الآيَةِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
إلّا أنَّهُ دُخُولٌ غَيْرُ مُسْتَوْفى، وقَرَأ أبُو البَرَهْسَمِ: "سُجُودًا".
ومَدَحَهم تَبارَكَ وتَعالى بِدُعائِهِمْ في صَرْفِ عَذابِ جَهَنَّمَ مِن حَيْثُ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى صِحَّةِ عَقِيدَتِهِمْ وإيمانِهِمْ، ومِن حَيْثُ أعْمالُهم بِحَسَبِهِ، و "غَرامًا" مَعْناهُ: مُلازِمًا ثَقِيلًا (p-٤٥٧)مُجْحِفًا، ومِنهُ غَرامُ الحُبِّ، ومِنهُ قَوْلُ الأعْشى:
؎ إنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَرامًا وإنْ يُعْـ ـطِ جَزِيلًا فَإنَّهُ لا يُبالِي
وقَوْلُ بِشْرِ بْنِ أبِي خازِمْ:
؎ ويَوْمَ النِسارِ ويَوْمَ الجِفا ∗∗∗ رِ كانَ عِقابًا وكانَ غَرامًا
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "مُقامًا" بِضَمِّ المِيمِ، مِنَ الإقامَةِ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ حَيُّوا المُقامَ وحَيَّوْا ساكِنَ الدارِ
وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "مَقامًا" بِفَتْحِ المِيمِ، مِن قامَ يَقُومُ، فَجَهَنَّمُ مَوْضِعُ مَقامٍ لَهُمْ، والأوَّلُ أفْصَحُ وأشْهَرُ.
{"ayahs_start":64,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدࣰا وَقِیَـٰمࣰا","وَٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا","إِنَّهَا سَاۤءَتۡ مُسۡتَقَرࣰّا وَمُقَامࣰا"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدࣰا وَقِیَـٰمࣰا"}