الباحث القرآني
(p-٤١٦)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةِ الفُرْقانِ
هَذِهِ السُورَةُ مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الجُمْهُورِ، وقالَ الضِحاكُ: هي مَدَنِيَّةٌ، وفِيها آياتٌ مَكِّيَّةٌ، قَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] الآياتُ.
قوله عزّ وجلّ:
﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا﴾ ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَماواتِ والأرْضِ ولَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ ﴿واتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وهم يَخْلُقُونَ ولا يَمْلِكُونَ لأنْفُسِهِمْ ضَرًّا ولا نَفْعًا ولا يَمْلِكُونَ مَوْتًا ولا حَياةً ولا نُشُورًا﴾
"تَبارَكَ" وزْنُهُ تَفاعَلَ، وهو فِعْلٌ مُضارِعٌ. "بارَكَ"، مِنَ البَرَكَةِ، و"بارَكَ" فاعِلٌ مِن واحِدٍ، مَعْناهُ: زادَ، و"تَبارَكَ" فِعْلٌ مُخْتَصٌّ بِاللهِ تَعالى، لَمْ يُسْتَعْمَلْ في غَيْرِهِ، ولِذَلِكَ لَمْ يُصْرَفْ مِنهُ مُسْتَقْبَلٌ، ولا اسْمُ فاعِلٍ، وهو صِفَةُ فِعْلٍ، أيْ: كَثُرَتْ بَرَكاتُهُ، ومِن جُمْلَتِها إنْزالُ كِتابِهِ الَّذِي هو الفُرْقانَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ. وصَدْرُ هَذِهِ الآيَةِ إنَّما هو رَدٌّ عَلى مَقالاتٍ كانَتْ لِقُرَيْشٍ، فَمِن جُمْلَتِها قَوْلُهُمْ: "إنِ القُرْآنَ افْتَراهُ مُحَمَّدٌ، وإنَّهُ لَيْسَ مِن عِنْدِ اللهِ"، فَهو رَدٌّ عَلى هَذِهِ المَقالاتِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: "عَلى عَبْدِهِ"، وقَرَأ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُبَيْرِ: "عَلى عِبادِهِ"، والضَمِيرُ في قَوْلِهِ: "لِيَكُونَ" يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، وهو عَبْدُهُ المَذْكُورُ، وهَذا تَأْوِيلُ ابْنِ (p-٤١٧)زَيْدٍ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ لِلْقُرْآنِ، وأمّا عَلى قِراءَةِ ابْنِ الزُبَيْرِ فَهو لِلْقُرْآنِ، لا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ إلّا بِكُرْهٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ عامٌّ في كُلِّ إنْسِيٍّ وجِنِّيٍّ، عاصَرَهُ أو جاءَ بَعْدَهُ، وهو مُؤَيَّدٌ مِن غَيْرِ ما مَوْضِعٍ مِنَ الحَدِيثِ المُتَواتِرِ وظاهِرِ الآياتِ. و"النَذِيرُ": المُحَذِّرُ مِنَ الشَرِّ، والرَسُولُ مِن عِنْدِ اللهِ نَذِيرٌ، وقَدْ يَكُونُ نَذِيرًا لَيْسَ بِرَسُولٍ، كَما رُوِيَ في ذِي القَرْنَيْنِ، وكَما ورَدَ في رُسُلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إلى الجِنِّ، فَإنَّهم نُذُرٌ ولَيْسُوا بِرُسُلٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَماواتِ والأرْضِ﴾ الآيَةُ، هي مِنَ الرَدِّ عَلى قُرَيْشٍ في قَوْلِهِمْ: "إنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا"، وفي قَوْلِهِمْ: "اتَّخَذَ البَناتِ"، وفي قَوْلِهِمْ في التَلْبِيَةِ: "إلّا شَرِيكٌ هو لَكَ". وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ عامٌّ في كُلِّ مَخْلُوقٍ، وتَقْدِيرُ الأشْياءِ هو حَدُّها بِالأمْكِنَةِ والأزْمانِ والمَقادِيرِ والمَصْلَحَةِ والإتْقانِ.
ثُمْ عَقَّبَ تَعالى ذِكْرَ هَذِهِ الصِفاتِ الَّتِي هي لِلْأُلُوهِيَّةِ بِالطَعْنِ عَلى قُرَيْشٍ في اتِّخاذِهِمْ آلِهَةً لَيْسَتْ لَهم هَذِهِ الصِفاتُ، فالعَقْلُ يُعْطِي أنَّهم لَيْسُوا بِآلِهَةٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهم يُخْلَقُونَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ: يَخْلُقُهُمُ اللهُ بِالِاخْتِراعِ والإيجادِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ: يَخْلُقُهُمُ البَشَرُ بِالنَحْتِ والنِجارَةِ، وهَذا التَأْوِيلُ أشَدُّ إبْداءً لِخَساسَةِ الأصْنامٍ، وخَلْقُ البَشَرِ يَجُوزُ، ولَكِنَّ العَرَبَ تَسْتَعْمِلُهُ، ومِنهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
؎ ولَأنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وبَعْـ ـضُ القَوْمِ يَخْلُقُ ثُمْ لا يَفْرِي
وهَذا مِن: خَلَقْتُ الجَلْدَ، إذا عَمِلْتُ فِيهِ رُسُومًا يُقْطَعُ عَلَيْها، فالفَرْيُ هو أنْ يَقْطَعَ عَلى تَرْكِ الرُسُومِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَوْتًا ولا حَياةً﴾ يُرِيدُ: إماتَةً ولا إحْياءً، و"النُشُورُ": بَعْثُ الناسِ مِنَ القُبُورِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["تَبَارَكَ ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِیَكُونَ لِلۡعَـٰلَمِینَ نَذِیرًا","ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا","وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةࣰ لَّا یَخۡلُقُونَ شَیۡـࣰٔا وَهُمۡ یُخۡلَقُونَ وَلَا یَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ ضَرࣰّا وَلَا نَفۡعࣰا وَلَا یَمۡلِكُونَ مَوۡتࣰا وَلَا حَیَوٰةࣰ وَلَا نُشُورࣰا"],"ayah":"ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق