الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمِناتُ بِأنْفُسِهِمْ خَيْرًا وقالُوا هَذا إفْكٌ مُبِينٌ﴾ ﴿لَوْلا جاءُوا عَلَيْهِ بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُهَداءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الكاذِبُونَ﴾ الخِطابُ بِهاتَيْنِ الآيَتَيْنِ لِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ حاشا مَن تُوَلّى الكِبْرَ، ويُحْتَمَلُ دُخُولُهم في الخِطابِ، وفي هَذا عِتابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أيْ: كانَ الإنْكارُ واجِبًا عَلَيْهِمْ، والمَعْنى أنَّهُ كانَ يَنْبَغِي أنْ يَقِيسَ فُضَلاءُ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ الأمْرَ عَلى أنْفُسِهِمْ، فَإذا كانَ ذَلِكَ يَبْعُدُ فِيهِمْ فَكانُوا يَقْضُونَ بِأنَّهُ في صَفْوانَ وعائِشَةَ أبْعَدُ لِفَضْلِهِما رَضِيَ اللهُ عنهُما، ورُوِيَ أنَّ هَذا النَظَرَ السَدِيدَ وقَعَ مِن أبِي أيُّوبٍ الأنْصارِيِّ وامْرَأتِهِ، وذَلِكَ «أنَّهُ دَخَلَ عَلَيْها فَقالَتْ (p-٣٥٧)لَهُ: يا أبا أيُّوبٍ أسَمِعْتَ ما قِيلَ؟ قالَ: نَعِمْ، وذَلِكَ الكَذِبُ، أكُنْتِ أنْتِ يا أمَّ أيُّوبَ تَفْعَلِينَ ذَلِكَ؟ فَقالَتْ: لا واللهِ، قالَ: فَعائِشَةُ واللهِ أفْضَلُ مِنكِ، قالَتْ أمُّ أيُّوبَ: نَعَمْ». قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: فَذَلِكَ الفِعْلُ ونَحْوَهُ هو الَّذِي عاتَبَ اللهُ المُؤْمِنِينَ [عَلَيْهِ] إذْ لَمْ يَفْعَلْهُ جَمِيعُهُمْ، والضَمِيرُ في قَوْلِهِ: "جاءُوا" لِأُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَلَّوُا الكِبْرَ، وإذا كانُوا عِنْدَ اللهِ كَذَبَةً فَهي الحَقِيقَةُ فِيهِمْ، وعِنْدَ هَذا حُدُّوا، ولَمْ يُرْوَ في شَهِيرِ الدَواوِينِ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ حُدَّ، ويُشْبِهُ أنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَأنَّهُ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بِالمَقالَةِ بَيِّنَةٌ لِنِفاقِهِ وتَسَتُّرِهِ، وإنَّما كانَ يَخُوضُ فِيهِ مَعَ مَن يُذِيعُهُ ولا يَسْألُ عن شَهادَتِهِ كَما قالَ عُرْوَةُ في البُخارِيِّ: وأُخْبِرْتُ أنَّهُ كانَ يُقِرُّهُ ويَسْتَوْشِيه. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: ولَكِنْ ﷺ اسْتَعْذَرَ مِنهُ عَلى المِنبَرِ، ووَقَذَهُ بِالقَوْلِ، ووَقَعَ في أمْرِهِ بَيْنَ الأوسِ والخَزْرَجِ ما هو مُطَوَّلٌ في مُسْلِمْ في جُمْلَةِ حَدِيثِ الإفْكِ. (p-٣٥٨)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب