الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلَقَدْ أرْسَلْنا نُوحًا إلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ أفَلا تَتَّقُونَ﴾ ﴿فَقالَ المَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ ما هَذا إلا بَشَرٌ مِثْلُكم يُرِيدُ أنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكم ولَوْ شاءَ اللهُ لأنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهَذا في آبائِنا الأوَّلِينَ﴾ ﴿إنْ هو إلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتّى حِينٍ﴾ ﴿قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ﴾ هَذا ابْتِداءُ تَمْثِيلٍ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ بِأُمَمٍ كَفَرَتْ بِأنْبِيائِها فَأُهْلِكُوا، فَفي ضِمْنِ ذَلِكَ الوَعِيدِ بِأنْ يَحِلَّ لَهم بَلاءٌ نَحْوَ ما حَلَّ بِأُولَئِكَ. ونُوحٌ -عَلَيْهِ السَلامُ- أوَّلُ نَبِيٍّ أُرْسِلَ إلى الناسِ، وإدْرِيسُ -عَلَيْهِ السَلامُ- أوَّلُ مَن نُبِّئَ ولَمْ يُرْسَلْ. و"المَلَأُ": الأشْرافُ لِأنَّهم عنهم يَصْدُرُ المَلَأُ، وهو جَمْعُ القَوْمِ، وفي قَوْلِ "هَؤُلاءِ" اسْتِبْعادُ بِعْثَةِ البَشَرِ، وهم قَوْمٌ مُقِرُّونَ بِالمَلائِكَةِ، وذَلِكَ لا شَكَّ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَهم مِن بَقايا نُبُوَّةِ آدَمَ وإدْرِيسَ -عَلَيْهِما السَلامُ- وغَيْرِهِما، ولَمْ يَكُنْ عن عِلْمٍ صَحِيحٍ ولا مُعْرِفَةٍ بِأخْبارِ نُبُوَّةٍ. و"الجِنَّةُ": الجُنُونُ، و"تَرَبَّصُوا" مَعْناهُ: اصْبِرُوا وانْتَظِرُوا هَلاكَهُ، و"حَتّى حِينٍ". (p-٢٩٠)مَعْناهُ: إلى وقْتٍ، ولَمْ يُعِينُوهُ، وإنَّما أرادُوا: إلى وقْتٍ يُرِيحُكُمُ القَدْرُ مِنهُ. ثُمْ إنَّ نُوحًا -عَلَيْهِ السَلامُ- دَعا عَلى قَوْمِهِ حِينَ يَئِسَ مِنهم وإنْ كانَ دُعاؤُهُ في هَذِهِ الآيَةِ لَيْسَ بِنَصٍّ، وإنَّما هو ظاهِرٌ مِن قَوْلِهِ: "بِما كَذَّبُونِ"، فَهو يَقْتَضِي طَلَبَ العُقُوبَةِ، وأمّا النُصْرَةُ بِمَجْرَّدِها فَكانَتْ تَكُونُ بِرَدِّهِمْ إلى الإيمانِ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ: "رَبِّ انْصُرْنِي". بِرَفْعِ الباءِ، وكَذَلِكَ "رَبِّ احْكُمْ" وشِبْهَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب