الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَزَكَرِيّا إذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وأنْتَ خَيْرُ الوارِثِينَ﴾ ﴿فاسْتَجَبْنا لَهُ ووَهَبْنا لَهُ يَحْيى وأصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إنَّهم كانُوا يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ ويَدْعُونَنا رَغَبًا ورَهَبًا وكانُوا لَنا خاشِعِينَ﴾ تَقَدَّمَ أمْرُ زَكَرِيّا عَلَيْهِ السَلامُ في سُورَةِ مَرْيَمَ، وإصْلاحِ الزَوْجَةِ، قِيلَ: بِأنْ جَعَلَها (p-١٩٨)تَحْمَلُ وهِي عاقِرٌ، فَحاضَتْ وحَمَلَتْ، وهَذا هو الَّذِي يُشْبِهُ الآيَةَ، وقِيلَ: بِأنْ أُزِيلَ بَذاءٌ كانَ في لِسانِها. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا ضَعِيفٌ، وعُمُومُ اللَفْظَةِ يَتَناوَلُ كُلَّ وُجُوهِ الإصْلاحِ. وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "وَيَدْعُونَنا"، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "وَيَدْعُونا"، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "رَغَبًا" بِفَتْحِ الراءِ والغَيْنِ، "وَرَهَبًا" كَذَلِكَ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ بِضَمِّ الراءِ فِيهِما وبِسُكُونِ الغَيْنِ والهاءِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ بِفَتْحِ الراءِ وسُكُونِ الغَيْنِ والهاءِ، والمَعْنى أنَّهم يَدْعُونَ في وقْتِ تَعَبُّدِهِمْ وهم بِحالِ رَغْبَةٍ ورَجاءٍ ورَهْبَةٍ وخَوْفٍ في حالٍ واحِدَةٍ؛ لِأنَّ الرَغْبَةَ والرَهْبَةَ مُتَلازِمَتانِ، وقالَ بَعْضُ الناسِ: الرَغَبُ أنْ تُرْفَعَ بُطُونُ الأكُفِّ نَحْوَ السَماءِ، والرَهَبُ أنْ تُرْفَعَ ظُهُورُهُما. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وتَلْخِيصُ هَذا أنَّ عادَةَ كُلِّ داعٍ مِنَ البَشَرِ أنْ يَسْتَعِينَ بِيَدَيْهِ، فالرَغَبُ - مِن حَيْثُ هو طَلَبٌ - يَحْسُنُ مَعَهُ أنْ يُوَسِّعَ باطِنَ الراحِ نَحْوَ المَطْلُوبِ مِنهُ؛ إذْ هو مَوْضِعُ الإعْطاءِ، وبِها يَتَمَلَّكُ، والرَهَبُ - مِن حَيْثُ هو دَفْعُ مَضَرَّةٍ - يَحْسُنُ مَعَهُ طَرْحُ ذَلِكَ والإشارَةُ إلى ذِهابِهِ وتَوَقِّيهِ بِنَفْضِ اليَدَيْنِ ونَحْوِهِ. و"الخُشُوعُ": التَذَلُّلُ بِالبَدَنِ المُتَرَكِّبِ عَلى التَذَلُّلِ بِالقَلْبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب