الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكم لِتُحْصِنَكم مِن بَأْسِكم فَهَلْ أنْتُمْ شاكِرُونَ﴾ ﴿وَلِسُلَيْمانَ الرِيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأمْرِهِ إلى الأرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وكُنّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ﴾
عَدَّدَ اللهُ تَعالى عَلى البَشَرِ أنْ عَلَّمَ داوُدَ عَلَيْهِ السَلامُ صَنْعَةَ الدُرُوعِ وألانَ لَهُ الحَدِيدَ فَكانَ يَصْنَعُها أحْكَمَ صَنْعَةٍ لِتَكَوُّنَ وِقايَةً مِنَ الحَرْبِ وسَبَبَ نَجاةٍ مِنَ العَدُوِّ، و"اللَبُوسِ" في اللُغَةِ: السِلاحُ، فَمِنهُ الدِرْعُ والسَيْفُ والرُمْحُ وغَيْرُ ذَلِكَ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ ومَعِيَ لَبُوسٌ لِلْبَئِيسِ كَأنَّهُ رَوْقَ بِجَبْهَةِ ذِي نَعاجٍ مُجْفَلِ
يَعْنِي الرُمْحَ.
وقَرَأ نافِعٌ والجُمْهُورُ: "لِيُحْصِنَكُمْ" بِالياءِ عَلى مَعْنى: لِيُحْصِنَكم داوُدُ عَلَيْهِ السَلامُ أوِ اللَبُوسُ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وحَفَصٌ عن عاصِمْ: "لِتُحْصِنَكُمْ" بِالتاءِ عَلى مَعْنى: لِتُحْصِنَكُمُ الصَنْعَةُ أوِ الدُرُوعُ الَّتِي أوقَعَ عَلَيْها اللَبُوسَ، وقَرَأ أبُو بَكْرٍ عن عاصِمْ: "لِنُحْصِنَكُمْ" بِالنُونِ عَلى مَعْنى رَدِّ الفِعْلِ إلى اللهِ تَعالى، ويُرْوى أنَّهُ كانَ الناسُ يَتَّخِذُ القَوِيُّ مِنهم لِباسًا مِن صَفائِحِ الحَدِيدِ، فَكانَ ثِقْلُهُ يَقْطَعُ بِأكْثَرِ الناسِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "الرِيحَ" بِالنَصْبِ عَلى مَعْنى: وسَخَّرَنا الرِيحَ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "الرِيحُ" بِالرَفْعِ عَلى الِابْتِداءِ والخَبَرُ في المَجْرُورِ قَبْلَهُ. ويُرْوى أنَّ الرِيحَ العاصِفَةَ كانَتْ تَهُبُّ عَلى سَرِيرِ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَلامُ الَّذِي فِيهِ بِساطُهُ، وقَدْ مَدَّ حَوْلَ البِساطِ بِالخَشَبِ والألْواحِ حَتّى صَنَّعَ سَرِيرًا يَحْمِلُ جَمِيعَ عَسْكَرِهِ وأقْواتِهِ، فَتُقِلُّهُ مِنَ الأرْضِ في الهَواءِ ثُمْ تَتَوَلّاهُ الرِيحُ الرُخاءُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَحْمِلُهُ إلى حَيْثُ أرادَ سُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَلامُ.
(p-١٩٠)وَقَوْلُهُ: ﴿إلى الأرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها﴾، اخْتَلَفَ الناسُ فِيها، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: هي أرْضُ الشامِ وكانَتْ مَسْكَنَهُ ومَوْضِعَ مُلْكِهِ، وخَصَّصَ في هَذِهِ الآيَةِ انْصِرافَهُ في سَفَراتِهِ إلى أرْضِهِ لِأنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي سَفَرَهُ إلى المَواضِعِ الَّتِي سافَرَ إلَيْها، و"البَرَكَةُ" في أرْضِ الشامِ بَيِّنَةُ الوُجُوهِ، وقَدْ قالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العاصِفَةَ هي في القُبُولِ عَلى عادَةِ البَشَرِ والدَوابِّ في الإسْراعِ إلى الوَطَنِ، والرُخاءَ كانَتْ في البَدْأةِ حَيْثُ أصابَ، أيْ حَيْثُ يَقْصِدُهُ؛ لِأنَّ ذَلِكَ وقْتُ تَأنٍّ وتَدْبِيرِ وتَقَلُّبِ رَأْيٍ، وقالَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: في الآيَةِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٍ، والكَلامُ تامٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ: "إلى الأرْضِ"، وقَوْلِهِ: "الَّتِي بارَكْنا فِيها" صِفَةٌ لَلرِّيحِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ الأرْضَ الَّتِي يَسِيرُ إلَيْها سُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَلامُ كائِنَةً ما كانَتْ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسِيرُ إلى أرْضٍ إلّا أصْلَحَها، وقَتَلَ كُفّارَها، وأثْبَتَ فِيها الإيمانَ، وبَثَّ فِيها العَدْلَ، ولا بَرَكَةَ أعْظَمُ مِن هَذا، فَكَأنَّهُ قالَ: إلى أيِّ أرْضٍ بارَكْنا فِيها فَبَعَثْنا سُلَيْمانَ إلَيْها.
{"ayahs_start":80,"ayahs":["وَعَلَّمۡنَـٰهُ صَنۡعَةَ لَبُوسࣲ لَّكُمۡ لِتُحۡصِنَكُم مِّنۢ بَأۡسِكُمۡۖ فَهَلۡ أَنتُمۡ شَـٰكِرُونَ","وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ عَاصِفَةࣰ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦۤ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَیۡءٍ عَـٰلِمِینَ"],"ayah":"وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ عَاصِفَةࣰ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦۤ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَیۡءٍ عَـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق