الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَنَجَّيْناهُ ولُوطًا إلى الأرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ﴾ ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلا جَعَلْنا صالِحِينَ﴾ ﴿وَجَعَلْناهم أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنا وأوحَيْنا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْراتِ وإقامَ الصَلاةِ وإيتاءَ الزَكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ﴾
رُوِيَ أنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ لَمّا أُخْرِجَ مِنَ النارِ أحْضَرَهُ النُمْرُودُ وكَلَّمَهُ، ثُمْ خَتَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِالكُفْرِ فُلَجَّ وقالَ لِإبْراهِيمَ في بَعْضِ قَوْلِهِ: يا إبْراهِيمُ أيْنَ جُنُودُ رَبِّكَ الَّذِي تَزْعُمُ؟ فَقالَ لَهُ: سَيُرِيكَ فِعْلَ أضْعَفِ جُنُودِهِ، فَبَعَثَ اللهُ تَعالى عَلى نُمْرُودَ وأصْحابِهِ سَحابَةً مِن بَعُوضٍ فَأكَلَتْهم عن آخِرِهِمْ ودَوابَّهم حَتّى كانَتِ العِظامُ تَلُوحُ بِيضًا، ودَخَلَتْ مِنها بَعُوضَةٌ في رَأْسِ نُمْرُودَ فَكانَ رَأْسُهُ يُضْرَبُ بِالعِيدانِ وغَيْرِها، ودامَ تَعْذِيبُهُ بِها زَمَنًا طَوِيلًا وهَلَكَ مِنها، وخَرَجَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَلامُ وابْنُ أخِيهِ لُوطٌ عَلَيْهِ السَلامُ مِن تِلْكَ الأرْضِ مُهاجِرِينَ، وهي كُوثا مِنَ العِراقِ، ومَعَ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ ابْنَةُ عَمِّهِ سارَةُ زَوْجُهُ، وفي تِلْكَ السَفْرَةِ لَقِيَ الجَبّارَ الَّذِي رامَ أخْذَها مِنهُ.
واخْتَلَفَ الناسُ في الأرْضِ الَّتِي بُورِكَ فِيها ونَجّى اللهُ إلَيْها إبْراهِيمَ وُلُوطًا عَلَيْهِما السَلامُ، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: هي مَكَّةُ، وذَكَرُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكًا﴾ [آل عمران: ٩٦]، وقالَ الجُمْهُورُ: مِن أرْضِ الشامِ، وهي الأرْضُ الَّتِي بارَكَ اللهُ فِيها، أمّا مِن جِهَةِ الآخِرَةِ فَبِالنُبُوَّةِ والإيمانِ، وأمّا مِن جِهَةِ الدُنْيا فَفي أطْيَبِ بِلادِ اللهِ أرْضًا، وأعْذَبِها ماءً، وأكْثَرِها ثَمَرَةً ونِعْمَةً، وهو المَوْضِعُ المَعْرُوفُ بِسُكْنى إبْراهِيمَ وعَقِبِهِ، ورُوِيَ أنَّهُ لَيْسَ في الأرْضِ ماءٌ عَذْبٌ إلّا وأصْلُهُ وخُرُوجُهُ مِن تَحْتِ صَخْرَةِ بَيْتِ المَقْدِسِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا ضَعِيفٌ. وهي أرْضُ المَحْشَرِ، وفِيها يُجْمَعُ الناسُ، وفِيها يَنْزِلُ عِيسى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَلامُ، وبِها يُهْلِكُ المَسِيحُ الدَجّالَ، ورُوِيَ عَنِ النَبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ يَوْمًا في خُطْبَةٍ: «إنَّهُ كانَ بِالشامِ جُنْدٌ، وبِالعِراقِ جُنْدٌ، وبِاليَمَنِ جُنْدٌ"، فَقالَ رَجُلٌ: (p-١٨٢)يا رَسُولَ اللهِ، خِرْ لِي، فَقالَ: "عَلَيْكَ بِالشامِ فَإنَّ اللهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشامِ وأهْلِهِ، ومَن بَقِيَ فَلْيَلْحَقْ بِأمْنِهِ»، وقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعالى عنهُ لِكَعْبِ الأحْبارِ: ألا تَتَحَوَّلُ إلى المَدِينَةِ ؟ فَقالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ إنِّي أجِدُ في كِتابِ اللهِ المُنَزَّلِ أنَّ الشامَ كَنْزُ اللهِ مِن أرْضِهِ، وبِها كَنْزُهُ مِن عِبادِهِ، ورُوِيَ أنَّ إبْراهِيمَ ولُوطًا عَلَيْهِما السَلامُ هاجَرا مِن كُوثا ومَرّا بِمِصْرَ، ولَيْسَتْ بِالطَرِيقِ ولَكِنَّهم نَكَبُوا خَوْفَ الِاتِّباعِ حَتّى جاءُوا الشامَ، فَنَزَلَ إبْراهِيمُ السَبْعَ مِنَ أرْضِ فِلِسْطِينَ وهي بَرِّيَّةُ الشامِ، ونَزَلَ لُوطٌ بِالمُؤْتَفِكَةِ.
و"إسْحاقُ" هو ابْنُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِما السَلامُ، و" يَعْقُوبُ " ولَدُ إسْحاقَ عَلَيْهِما السَلامُ، و"النافِلَةُ": العَطِيَّةُ، كَما تَقُولُ: نَفَلَنِي الإمامُ كَذا، ونافِلَةُ الطاعَةِ كَأنَّها عَطِيَّةٌ مِنَ اللهِ تَعالى لِعَبادِهِ يُثِيبُهم عَلَيْها، وقالَتْ فِرْقَةٌ: المَوْهُوبُ إسْحاقُ، و"النافِلَةُ" يَعْقُوبُ عَلَيْهِما السَلامُ، والأوَّلُ أبْيَنُ، و"يَهْدُونَ" مَعْناهُ: يُرْشِدُونَ غَيْرَهُمْ، و"إقامَ" مَصْدَرٌ، وِفي هَذا نَظَرٌ.
{"ayahs_start":71,"ayahs":["وَنَجَّیۡنَـٰهُ وَلُوطًا إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَا لِلۡعَـٰلَمِینَ","وَوَهَبۡنَا لَهُۥۤ إِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ نَافِلَةࣰۖ وَكُلࣰّا جَعَلۡنَا صَـٰلِحِینَ","وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ یَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُوا۟ لَنَا عَـٰبِدِینَ"],"ayah":"وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ یَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُوا۟ لَنَا عَـٰبِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق