الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَجَعَلْنا في الأرْضِ رَواسِيَ أنْ تَمِيدَ بِهِمْ وجَعَلْنا فِيها فِجاجًا سُبُلا لَعَلَّهم يَهْتَدُونَ﴾ ﴿وَجَعَلْنا السَماءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وهم عن آياتِها مُعْرِضُونَ﴾ ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَيْلَ والنَهارَ والشَمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ "الرَواسِي" جَمْعُ راسِيَةٍ، أيْ ثابِتَةٍ، يُقالُ: رَسا يَرْسُو إذا ثَبَتَ واسْتَقَرَ، ولا يُسْتَعْمَلُ إلّا في الأجْرامِ الكِبارِ كالجِبالِ والسَفِينَةِ ونَحْوِها. ويُرْوى أنَّ الأرْضَ كانَتْ تُكْفَأُ بِأهْلِها حَتّى ثَقَّلَها اللهُ تَعالى بِالجِبالِ فاسْتَقَرَّتْ. و"المَيْدُ": التَحَرُّكُ، و"الفِجاجُ": الطُرُقُ المُتَّسِعَةُ في الجِبالِ وغَيْرِها، و"سُبُلًا": جَمْعُ سَبِيلٍ، والضَمِيرُ في قَوْلِهِ تَعالى: "فِيها" يَحْتَمِلُ أنْ يَعُودَ عَلى الرَواسِي، ويَحْتَمِلُ أنْ يَعُودَ عَلى الأرْضِ، وهو أحْسَنُ. و"يَهْتَدُونَ" مَعْناهُ: في مَسالِكِهِمْ وتَصْرِفِهِمْ. (p-١٦٥)وَ "السَقْفُ": ما عَلا، و الحِفْظُ هُنا عامٌّ في الحِفْظِ مِنَ الشَياطِينِ ومِنَ الوَهْيِ والسُقُوطِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآفاتِ. و"آياتِها": كَواكِبُها وأمْطارُها والرَعْدُ والبَرْقُ والصَواعِقُ وغَيْرُ ذَلِكَ مِمّا يُشْبِهُهُ. وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "عن آيَتِها" بِالإفْرادِ الَّذِي يُرادُ بِهِ الجِنْسُ. و "الفَلَكُ": الجِسْمُ الدائِرُ دَوْرَةَ اليَوْمِ واللَيْلَةِ، فالكُلُّ في ذَلِكَ سابِحٌ مُتَصَرِّفٌ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وعن بَعْضِ المُفَسِّرِينَ إلى الكَلامِ فِيما هو الفَلَكُ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: كَحَدِيدَةِ الرَحى، وقالَ بَعْضُهُمْ: كالطاحُونَةِ، وغَيْرُ هَذا مِمّا لا يَنْبَغِي التَسَوُّرُ عَلَيْهِ، غَيْرَ أنّا نَعْرِفُ أنَّ الفَلَكَ جِسْمٌ مُسْتَدِيرٌ، و"يَسْبَحُونَ" مَعْناهُ: يَتَصَرَّفُونَ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: الفَلَكُ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، ورَأوا قَوْلَهُ: "يَسْبَحُونَ" مِنَ السِباحَةِ وهو العَوْمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب