الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ إلا نُوحِي إلَيْهِ أنَّهُ لا إلَهَ إلا أنا فاعْبُدُونِ﴾ ﴿وَقالُوا اتَّخَذَ الرَحْمَنُ ولَدًا سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ﴾ ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وهم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهم ولا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضى وهم مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ لَمّا أخْبَرَهم تَبارَكَ وتَعالى أنَّهم لا يَعْلَمُونَ الحَقَّ لِإعْراضِهِمْ أتْبَعَ ذَلِكَ بِإعْلامِهِمْ أنَّهُ ما أرْسَلَ رَسُولًا قَطُّ إلّا أوحى إلَيْهِ أنَّ اللهَ تَعالى فَرْدٌ صَمَدٌ، وهَذِهِ عَقِيدَةٌ لَمْ تَخْتَلِفْ فِيها النُبُوّاتُ، وإنَّما اخْتَلَفَتْ في الأحْكامِ. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "نُوحِي" بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ، وقَرَأ الباقُونَ: "يُوَحى" بِياءٍ مَضْمُومَةٍ، واخْتُلِفَ عن عاصِمْ. ثُمْ عَدَّدَ اللهُ تَعالى بَعْدَ ذَلِكَ نَوْعًا آخَرَ مِن كُفْرِهِمْ، وذَلِكَ أنَّهم مَعَ اتِّخاذِهِمْ آلِهَةً كانُوا يُقِرُّونَ بَأنَّ اللهَ تَعالى هو الخالِقُ الرازِقُ إلّا أنَّهم قالَ بَعْضُهُمُ: اتَّخَذَ المَلائِكَةَ بَناتٍ، وقالَ نَحْوَ هَذِهِ المَقالَةِ النَصارى في عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ، واليَهُودُ في عُزَيْرٍ، فَجاءَتْ هَذِهِ الآيَةُ رادَةً عَلى جَمِيعِهِمْ مُنَبِّهَةً عَلَيْهِمْ. ثُمْ نَزَّهَ تَعالى نَفْسَهُ عن مَقالَةِ الكَفَرَةِ، وأضْرَبَ عن مَقالِهِمْ، ونَصَّ ما هو الأمْرُ في نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ﴾، وهَذِهِ عِبارَةٌ تَشْمَلُ المَلائِكَةَ وعِيسى وعُزَيْرًا. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ﴾ عِبارَةٌ عن حُسْنِ طاعَتِهِمْ وعِبادَتِهِمْ ومُراعاتِهِمْ لِامْتِثالِ الأمْرِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ﴾ أيْ: ما تَقَدَّمَ مِن أفْعالِهِمْ وأعْمالِهِمْ والحَوادِثِ الَّتِي لَها إلَيْهِمْ تُنْسَبُ، وما تَأخَّرَ، ثُمْ أخْبَرَ أنَّهم لا يَشْفُعُونَ إلّا لِمَنِ ارْتَضى اللهُ أنْ يُشْفَعَ لَهُمْ، قالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: لِأهْلِ لا إلَهَ إلا اللهُ. و"المُشْفِقُ": البالِغُ في الخَوْفِ المُحْتَرِقُ مِنَ الفَزَعِ عَلى أمْرٍ ما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب