الباحث القرآني

(p-١٥٨)قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلَهُ مَن في السَماواتِ والأرْضِ ومَن عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن عِبادَتِهِ ولا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ ﴿يُسَبِّحُونَ اللَيْلَ والنَهارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ قَوْلُهُ تَعالى: "وَلَهُ" يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ ابْتِداءَ كَلامٍ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مُعادِلًا لِقَوْلِهِ: "وَلَكُمُ الوَيْلُ"، كَأنَّهُ تَقْسِيمُ الأمْرِ في نَفْسِهِ، أيْ: لِلْمُخْتَلِقِينَ هَذِهِ المَقالَةَ الوَيْلُ ولَهُ تَعالى مَن في السَماواتِ والأرْضِ، واللامُ في "لَهُ" لامُ المِلْكِ، و﴿مَن في السَماواتِ والأرْضِ﴾ يَعُمُ المَلائِكَةَ والنَبِيِّينَ وغَيْرَهُمْ، ثُمْ خَصَّصَ مِن هَذا العُمُومِ مَن أرادَ تَشْرِيفَهُ مِنَ المَلائِكَةِ بِقَوْلِهِ: "وَمَن عِنْدَهُ"؛ لِأنَّ "عِنْدَ" هُنا لَيْسَتْ في المَسافاتِ، وإنَّما هي تَشْرِيفٌ في المَنزِلَةِ، فَوَصَفَهم تَعالى بِأنَّهم لا يَسْتَكْبِرُونَ عن عِبادَةِ اللهِ، ولا يَسْأمُونَها ولا يَكِلُّونَ فِيها. و"الحَسِيرُ" مِنَ الإبِلِ: المُعْيِي، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ: ؎ هُنَّ الوَجى كَمْ كُنَّ عَوْنًا عَلى النَوى ولا زالَ مِنها ضالِعٌ وحَسِيرُ و"حَسَرَ" و"اسْتَحْسَرَ" بِمَعْنًى واحِدٍ، وهَذا مَوْجُودٌ في كَثِيرٍ مِنَ الأفْعالِ، وإنْ كانَ في اسْتَفْعَلَ لِطَلَبِ الشَيْءِ. وقَوْلُهُ تَعالى: "لا يَفْتُرُونَ"، رُوِيَ عن كَعْبِ الأحْبارِ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى أنَّهُ قالَ: جَعَلَ اللهُ لَهُمُ التَسْبِيحَ كالنَفَسِ وطَرْفِ العَيْنِ لِلْبَشَرِ، يَقَعُ مِنهم دائِمًا دُونَ أنْ تَلْحَقُهم فِيهِ سَآمَةٌ، وقالَ قَتادَةُ رَحِمَهُ اللهُ: «ذُكِرَ لَنا أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَيْنَما هو جالِسٌ مَعَ أصْحابِهِ إذْ قالَ: "تَسْمَعُونَ ما أسْمَعُ؟ " قالُوا: ما نَسْمَعُ مِن شَيْءٍ يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: "إنِّي لَأسْمَعُ أطِيطَ السَماءِ، وحُقَّ لَها أنْ تَئِطَّ، لَيْسَ فِيها مَوْضِعُ راحَةٍ إلّا وفِيها مَلَكٌ ساجِدٌ أو قائِمْ"».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب