الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ والَّذِي فَطَرَنا فاقْضِ ما أنْتَ قاضٍ إنَّما تَقْضِي هَذِهِ الحَياةَ الدُنْيا﴾ ﴿إنّا آمَنّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وما أكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِحْرِ واللهُ خَيْرٌ وأبْقى﴾ قالَ السَحَرَةُ لِفِرْعَوْنَ لِما تَدْعُوهُمْ: ﴿لَنْ نُؤْثِرَكَ﴾، أيْ: لَنْ نُفَضِّلَكَ ونُفَضِّلَ السَلامَةَ مِنكَ عَلى ما رَأيْنا مِن حُجَّةِ اللهِ تَعالى وآياتِهِ المُبَيِّناتِ وعَلى الَّذِي فَطَرَنا، هَذا عَلى قَوْلِ جَماعَةٍ إنَّ الواوَ في قَوْلِهِ: "والَّذِي" عاطِفَةٌ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هي واوُ القَسَمِ، و "فَطَرَنا" مَعْناهُ: خَلَقْنا واخْتَرَعْنا، فافْعَلْ يا فِرْعَوْنُ ما شِئْتَ، وإنَّما قَضاؤُكَ في هَذِهِ الحَياةِ الدُنْيا، والآخِرَةُ مِن وراءِ ذَلِكَ لَنا بِالنَعِيمِ ولَكَ بِالعَذابِ. وهَؤُلاءِ السَحَرَةُ اخْتَلَفَ الناسُ هَلْ نَفَذَ فِيهِمْ وعِيدُ فِرْعَوْنَ ؟ فَقالَتْ طائِفَةٌ: صَلَبَهم عَلى الجُذُوعِ كَما قالَ، فَأصْبَحَ القَوْمُ سَحَرَةً وأمْسَوْا شُهَداءَ بِلُطْفِ اللهِ وبِرَحْمَتِهِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: إنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وقَدْ كانَ اللهُ تَعالى وعَدَ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ أنَّهُ ومَن مَعَهُ الغالِبُونَ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا كُلُّهُ مُحْتَمَلٌ، وصَلْبُ السَحَرَةِ وقَطْعُ أيْدِيهِمْ لا يَدْفَعُ في أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ ومَن مَعَهُ غَلَبَ إلّا بِظاهِرِ العُمُومِ، والِانْفِصالِ عن ذَلِكَ بَيِّنٌ. وقَوْلُهُ: ﴿وَما أكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِحْرِ﴾، قالَتْ فِرْقَةٌ: أرادُوا ما ضَمَّهم إلَيْهِ مِن مُعارَضَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ وحَمْلِهِمْ عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ كانَ فِرْعَوْنُ قَدِيمًا يَأْخُذُ ولِدانَ الناسِ بِتَعْلِيمِ السِحْرِ ويُجْبِرُهم عَلى ذَلِكَ، فَأشارَ السَحَرَةُ إلى ذَلِكَ. وقَوْلُهُمْ: ﴿واللهُ خَيْرٌ وأبْقى﴾ رَدٌّ عَلى قَوْلِهِ: ﴿أيُّنا أشَدُّ عَذابًا وأبْقى﴾ [طه: ٧١]. (p-١١٣)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب