الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالِحاتِ وهو مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْمًا ولا هَضْمًا﴾ ﴿وَكَذَلِكَ أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهم يَتَّقُونَ أو يُحْدِثُ لَهم ذِكْرًا﴾ ﴿فَتَعالى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ ولا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ مِن قَبْلِ أنْ يُقْضى إلَيْكَ وحْيُهُ وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ﴾ مُعادِلٌ لِقَوْلِهِ: ﴿مَن حَمَلَ ظُلْمًا﴾ [طه: ١١١]، وفي قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿مِنَ الصالِحاتِ﴾ تَيْسِيرٌ في الشَرْعِ؛ لِأنَّها "مِنَ" الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ، و"الظُلْمُ" أعَمُّ مِنَ "الهَضْمِ"، وهُما مُتَقارِبانِ في المَعْنى ويَتَداخَلانِ، ولَكِنْ مِن حَيْثُ تَناسَقا في هَذِهِ الآيَةِ ذَهَبَ قَوْمٌ إلى تَخْصِيصِ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما بِمَعْنى، فَقالُوا: الظُلْمُ أنْ تَعْظُمْ عَلَيْهِ سَيِّئاتُهُ وتَكْثُرَ أكْثَرَ مِمّا يَجِبُ، والهَضْمُ أنْ يَنْقُضَ حَسَناتِهِ ويَبْخَسَها، وكُلَّهم قَرَأ: "فَلا (p-١٣٦)يَخافُ" عَلى الخَبَرِ، غَيْرُ ابْنِ كَثِيرٍ فَإنَّهُ قَرَأ: "فَلا يَخْفَ" عَلى النَهْيِ
ثُمْ قالَ تَعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أنْزَلْناهُ﴾ أيْ: كَما قَدَّرْنا هَذِهِ الأُمُورَ وجَعَلْناها حَقِيقَةً بِالمِرْصادِ لِلْعِبادِ، كَذَلِكَ حَذَّرْنا هَؤُلاءِ أمْرَنا، وأنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا، وتَوَعَّدْنا فِيهِ بِأنْواعٍ مِنَ الوَعِيدِ، لَعَلَّهم - بِحَسْبِ تَوَقُّعِ البَشَرِ وتَرَجِّيهِمْ - يَتَّقُونَ ويَخْشَوْنَ عِقابَهُ فَيُؤْمِنُونَ ويَتَذَكَّرُونَ نِعَمَهُ عِنْدَهم وما حَذَّرَهم مِن ألِيمِ عِقابِهِ، هَذا تَأْوِيلُ فِرْقَةٍ في قَوْلِهِ: ﴿أو يُحْدِثُ لَهم ذِكْرًا﴾، وقالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْناهُ: أو يُكْسِبُهم شَرَفًا، ويُبْقِي عَلَيْهِمْ إيمانَهم وذِكْرًا صالِحًا في الغابِرِينَ. وقَرَأ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "أو يَحْدُثْ" ساكِنَةَ الثاءِ، وقَرَأ مُجاهِدٌ: "أو نُحْدِثُ" بِالنُونِ وسُكُونِ الثاءِ، ولا وجْهَ لِلْجَزْمِ إلّا عَلى أنَّ تَسْكِينَ حَرْفِ الإعْرابِ اسْتِثْقالًا لِحَرَكَتِهِ، وهَذا نَحْوَ قَوْلِ جَرِيرٍ:
؎ ................................ ولا تَعْرِفْكُمُ العَرَبُ
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَعالى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ﴾ خَتْمٌ لِلْقَوْلِ؛ لِأنَّهُ لَمّا قَدَّمَ صِفَةَ سُلْطانِهِ يَوْمَ القِيامَةِ وعِظَمَ قُدْرَتِهِ وذِلَّةَ عَبِيدِهِ وتَلَطُّفَهُ بِهِمْ، خَتَمَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ، وجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ الأمْرِ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ القَوْلِ. وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ﴾، قالَتْ فِرْقَةٌ: سَبَبُهُ أنَّ النَبِيَّ ﷺ كانَ يَخافُ وقْتَ تَكَلُّمْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَلامُ لَهُ أنْ يَنْسى أوَّلَ القُرْآنِ، فَكانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أنْ يَسْتَتِمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَلامُ الوَحْيَ، فَنَزَلَتْ في ذَلِكَ، وهي بِمَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦]، وقالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرى: سَبَبُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّ النَبِيَّ ﷺ كانَ إذا أُوحِيَ إلَيْهِ القُرْآنَ أمَرَ بِكُتُبِهِ لِلْحِينِ، فَأمَرَ اللهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ أنْ (p-١٣٧)يَتَأنّى حَتّى تُفَسَّرَ لَهُ المَعانِي وتُقَرَّرَ عِنْدَهُ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: سَبَبُ الآيَةِ «أنَّ امْرَأةً شَكَتْ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّ زَوْجَها لَطَمَها، فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ ﷺ: "بَيْنَكُما القِصاصُ"، ثُمْ نَزَلَتْ ﴿الرِجالُ قَوّامُونَ﴾ [النساء: ٣٤]»، ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِمَعْنى التَثَبُّتِ في الحُكْمِ بِالقُرْآنِ حَتّى يُبَيِّنَ، واللهُ أعْلَمُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "مِن قَبْلِ أنْ يَقْضِيَ إلَيْكَ وحْيَهُ"، وقَرَأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، "مِن قَبْلِ أنْ يَقْضِيَ إلَيْكَ وحْيَهُ"، وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ، رَغْبَةً في خَيْرٍ.
{"ayahs_start":112,"ayahs":["وَمَن یَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَا یَخَافُ ظُلۡمࣰا وَلَا هَضۡمࣰا","وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِیࣰّا وَصَرَّفۡنَا فِیهِ مِنَ ٱلۡوَعِیدِ لَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ أَوۡ یُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرࣰا","فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن یُقۡضَىٰۤ إِلَیۡكَ وَحۡیُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا"],"ayah":"فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن یُقۡضَىٰۤ إِلَیۡكَ وَحۡیُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق