الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَلَتَجِدَنَّهم أحْرَصَ الناسِ عَلى حَياةٍ ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا يَوَدُّ أحَدُهم لَوْ يُعَمَّرُ ألْفَ سَنَةٍ وما هو بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذابِ أنْ يُعَمَّرُ واللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ ﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وهُدًى وبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿مَن كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ ومَلائِكَتِهِ ورُسُلِهِ وجِبْرِيلَ ومِيكالَ فَإنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ﴾ ﴿وَلَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وما يَكْفُرُ بِها إلا الفاسِقُونَ﴾
(p-٢٩٠)"وَجَدَ" في هَذا المَعْنى تَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ، لِأنَّها مِن أفْعالِ النَفْسِ، ولِذَلِكَ صَحَّ تَعَدِّيها إلى ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ في قَوْلِ الشاعِرِ:
؎ تَلَفَّتَ نَحْوَ الحَيِّ حَتّى وجَدْتُنِي وجُعْتُ مِنَ الإصْغاءِ لِيتًا وأخْدَعا
«وَقالَ النَبِيُّ ﷺ في الضَبِّ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأرْضِ قَوْمِي فَأجِدُنِي أُعافُهُ».
وحِرْصُهم عَلى الحَياةِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِذُنُوبِهِمْ، وأنْ لا خَيْرَ لَهم عِنْدَ اللهِ تَعالى.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا﴾، قِيلَ: المَعْنى وأحْرَصُ مِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا، لِأنَّ مُشْرِكِي العَرَبِ لا يَعْرِفُونَ إلّا هَذِهِ الحَياةَ الدُنْيا، ألا تَرى إلى قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
؎ تَمَتَّعْ مِنَ الدُنْيا فَإنَّكَ فانٍ ∗∗∗..............
والضَمِيرُ في "أحَدُهُمْ" يَعُودُ في هَذا القَوْلِ عَلى اليَهُودِ، وقِيلَ: إنَّ الكَلامَ تَمَّ في قَوْلِهِ حَياةٍ، ثُمَّ اسْتُؤْنِفَ الإخْبارُ عن طائِفَةٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أنَّهم ﴿يَوَدُّ أحَدُهُمْ﴾، وهي المَجُوسُ، لِأنَّ تَشْمِيتَهم لِلْعاطِسِ لَفْظٌ بِلُغَتِهِمْ مَعْناهُ "عِشْ ألْفَ سَنَةٍ" فَكَأنَّ الكَلامَ: ومِنَ المُشْرِكِينَ قَوْمٌ ﴿يَوَدُّ أحَدُهُمْ﴾، وفي هَذا القَوْلِ تَشْبِيهُ بَنِي إسْرائِيلَ بِهَذِهِ الفِرْقَةِ مِنَ (p-٢٩١)المُشْرِكِينَ. وقَصَدَ الألِفَ بِالذِكْرِ لِأنَّها نِهايَةُ العَقْدِ في الحِسابِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما هو بِمُزَحْزِحِهِ﴾، اخْتَلَفَ النُحاةُ في "هُوَ"، فَقِيلَ: هو ضَمِيرُ الأحَدِ المُتَقَدِّمِ، فالتَقْدِيرُ: وما أحَدُهم بِمُزَحْزِحِهِ، وخَبَرُ الِابْتِداءِ في المَجْرُورِ، و﴿أنْ يُعَمَّرَ﴾ فاعِلٌ بِمُزَحْزِحِهِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هو ضَمِيرُ التَعْمِيرِ، والتَقْدِيرُ: وما التَعْمِيرُ بِمُزَحْزِحِهِ، والخَبَرُ في المَجْرُورِ، و"أنْ يَعْمُرَ" بَدَلٌ مِنَ التَعْمِيرِ في هَذا القَوْلِ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: "هُوَ" ضَمِيرُ الأمْرِ والشَأْنِ، وقَدْ رَدَّ هَذا القَوْلَ بِما حُفِظَ عَنِ النُحاةِ مِن أنَّ الأمْرَ والشَأْنَ إنَّما يُفَسَّرُ بِجُمْلَةٍ سالِمَةٍ مِن حَرْفِ جَرٍّ.
وقَدْ جَوَّزَ أبُو عَلِيٍّ ذَلِكَ في بَعْضِ مَسائِلِهِ الحَلَبِيّاتِ،.
وحَكى الطَبَرِيُّ عن فِرْقَةٍ أنَّها قالَتْ: هو عِمادٌ، وقِيلَ: "ما" عامِلَةٌ حِجازِيَّةٌ و"هُوَ" اسْمُها والخَبَرُ في "بِمُزَحْزِحِهِ". والزَحْزَحَةُ الإبْعادُ والتَنْحِيَةُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿واللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ وعِيدٌ، والجُمْهُورُ عَلى قِراءَةِ "يَعْمَلُونَ" بِالياءِ مِن أسْفَلَ، وقَرَأ قَتادَةُ، والأعْرَجُ، ويَعْقُوبُ، "تَعْمَلُونَ" بِالتاءِ مِن فَوْقَ، وهَذا عَلى الرُجُوعِ إلى خِطابِ المُتَوَعِّدِينَ مِن بَنِي إسْرائِيلَ.
وقَوْلُهُ: ﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ الآيَةُ، نَزَلَ عَلى سَبَبٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِيما مَضى مِنَ الآياتِ، ولَكِنْ أجْمَعَ أهْلُ التَفْسِيرِ أنَّ اليَهُودَ قالَتْ: جِبْرِيلُ عَدُوُّنا، واخْتُلِفَ في كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ، فَقِيلَ: «إنَّ يَهُودَ فَدْكٍ قالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: نَسْألُكَ عن أرْبَعَةِ أشْياءَ، فَإنَّ (p-٢٩٢)عَرَفْتَها اتَّبَعْناكَ، فَسَألُوهُ عَنِ الشَبَهِ في الوَلَدِ فَقالَ: أيُّ ماءٍ عَلا كانَ الشَبَهُ لَهُ، وسَألُوهُ عن نَوْمِهِ فَقالَ: تَنامُ عَيْنِي ولا يَنامُ قَلْبِي، وسَألُوهُ عَمَّنْ يَجِيئُهُ مِنَ المَلائِكَةِ فَقالَ: جِبْرِيلُ، فَلَمّا ذَكَرَهُ قالُوا: ذاكَ عَدُّونا، لِأنَّهُ مَلَكُ الحَرْبِ والشَدائِدِ والجَدْبِ، ولَوْ كانَ الَّذِي يَجِيئُكَ مِيكائِيلُ مَلَكُ الرَحْمَةِ والخَصْبِ والأمْطارِ لاتَّبَعْناكَ». وقِيلَ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ كانَ يَتَكَرَّرُ عَلى بَيْتِ المَدارِسِ، فاسْتَحْلَفَهم يَوْمًا بِالَّذِي أنْزَلَ التَوْراةَ عَلى مُوسى بِطُورِ سَيْناءَ، أتَعْلَمُونَ أنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ؟ قالُوا نَعَمْ، قالَ فَلِمَ تَهْلَكُونَ في تَكْذِيبِهِ؟ قالُوا صاحِبَهُ جِبْرِيلُ، وهو عَدُوُّنا. وذَكَرَ أنَّهم قالُوا سَبَبَ عَداوَتِهِمْ لَهُ: أنَّهُ حَمى بُخْتِ نَصَّرَ حِينَ بُعِثُوا إلَيْهِ قَبْلَ أنْ يَمْلِكَ مَن يَقْتُلُهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ لِقَوْلِهِمْ.
وفِي جِبْرِيلَ لُغاتٌ: "جِبْرِيلُ" بِكَسْرِ الجِيمِ والراءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ، وبِها قَرَأ نافِعٌ، وجَبْرِيلُ بِفَتْحِ الجِيمِ وكَسْرِ الراءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ، وبِها قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ورُوِيَ عنهُ أنَّهُ قالَ: رَأيْتُ النَبِيَّ ﷺ في النَوْمِ وهو يَقْرَأُ جِبْرِيلَ ومِيكالَ، فَلا أزالُ أقْرَؤُهُما أبَدًا كَذَلِكَ. وجَبْرَألُ بِفَتْحِ الجِيمِ والراءِ وهَمْزَةٍ بَيْنَ الراءِ واللامِ وبِها قَرَأ عاصِمٌ، وجَبْرَئِيلُ بِفَتْحِ الجِيمِ والراءِ وهَمْزَةٍ بَعْدَ الراءِ وياءٍ بَيْنَ الهَمْزَةِ واللامِ، وبِها قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ، وحَكاها الكِسائِيُّ عن عاصِمٍ، وجَبْرائِلُ بِألِفٍ بَعْدِ الراءِ ثُمَّ هَمْزَةٍ، وبِها قَرَأ عِكْرِمَةُ، وجِبْرائِيلُ بِزِيادَةِ ياءٍ بَعْدَ الهَمْزَةِ، وجِبْرايِيلُ بِياءَيْنِ، وبِها قَرَأ الأعْمَشُ، وجَبْرَألُ بِفَتْحِ الجِيمِ والراءِ وهَمْزَةٍ ولامٍ مُشَدَّدَةٍ، وبِها قَرَأ يَحْيى بْنُ يَعْمُرَ، وجَبْرالُ لُغَةٌ فِيهِ. و"جِبْرِينُ" بِكَسْرِ الجِيمِ والراءِ وياءٍ ونُونٍ، قالَ الطَبَرِيُّ: هي لُغَةُ بَنِي أسَدٍ، ولَمْ يَقْرَأْ بِها.
(p-٢٩٣)وجِبْرِيلُ اسْمٌ أعْجَمِيٌّ عَرَّبَتْهُ العَرَبُ فَلَها فِيهِ هَذِهِ اللُغاتُ، فَبَعْضُها هي مَوْجُودَةٌ في أبْنِيَةِ العَرَبِ وتِلْكَ أدْخَلُ في التَعْرِيبِ كَجِبْرِيلَ الَّذِي هو كَقِنْدِيلُ، وبَعْضُها خارِجٌ عن أبْنِيَةِ العَرَبِ، فَذَلِكَ كَمَثَلِ ما عَرَّبَتْهُ العَرَبُ ولَمْ تُدْخِلْهُ في بِناءٍ كَإبْرَيْسَمْ وفِرِنْدَ وآجِرَ ونَحْوِهِ. وذَكَرَ ابْنُ عَبّاسٍ، وغَيْرُهُ: أنَّ جَبْرَ، ومَيْكَ، وسَرافَ، هي كُلُّها بِالأعْجَمِيَّةِ بِمَعْنى عَبْدٍ ومَمْلُوكٍ، وإيلُ: اسْمُ اللهِ تَعالى، ويُقالُ فِيهِ: إلَّ، ومِنهُ قَوْلُ أبِي بَكْرٍ الصَدِيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ حِينَ سَمِعَ سَجْعَ مُسَيْلِمَةَ: هَذا كَلامٌ لَمْ يَخْرُجْ مِن إلَّ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ﴾ الضَمِيرُ في "فَإنَّهُ" عائِدٌ عَلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ، والضَمِيرُ في "نَزَّلَهُ" عائِدٌ عَلى جِبْرِيلَ ﷺ، والمَعْنى بِالقُرْآنِ وسائِرُ الوَحْيِ، وقِيلَ: الضَمِيرُ في (إنَّهُ) عائِدٌ عَلى جِبْرِيلَ، وفي "نَزَّلَهُ" عَلى القُرْآنِ، وخُصَّ القَلْبُ بِالذِكْرِ لِأنَّهُ مَوْضِعُ العَقْلِ والعِلْمِ وتَلَقِّي المَعارِفِ.
وجاءَتِ المُخاطَبَةُ بِالكافِ في "قَلْبِكَ" اتِّساعًا في العِبارَةِ، إذْ لَيْسَ ثُمَّ مَن يُخاطِبُهُ النَبِيُّ ﷺ بِهَذِهِ الكافِ، وإنَّما يَجِيءُ قَوْلُهُ: فَإنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِي، لَكِنَّ حَسُنَ هَذا إذْ يَحْسُنُ (p-٢٩٤)فِي كَلامِ العَرَبِ أنْ تُحْرِزَ اللَفْظَ الَّذِي يَقُولُهُ المَأْمُورُ بِالقَوْلِ، ويَحْسُنُ أنْ تُقْصَدَ المَعْنى الَّذِي يَقُولُهُ فَتَسْرُدُهُ مُخاطَبَةً لَهُ، كَما تَقُولُ لِرَجُلٍ: قُلْ لِقَوْمِكَ لا يُهِينُوكَ، فَكَذَلِكَ هي الآيَةُ، ونَحْوٌ مِن هَذا قَوْلُ الفَرَزْدَقِ
؎ ألَمْ تَرَ أنِّي يَوْمَ جَوِّ سَوِيقَةٍ ∗∗∗ بَكَيْتُ فَنادَتْنِي هُنَيْدَةُ ما لِيا
فَأحْرَزَ المَعْنى ونَكَبَ عن نِداءِ هُنَيْدَةَ: مالَكَ؟
و﴿بِإذْنِ اللهِ﴾ مَعْناهُ: بِعِلْمِهِ وتَمْكِينِهِ إيّاهُ مِن هَذِهِ المَنزِلَةِ، و"مُصَدِّقًا" حالٌ مِن ضَمِيرِ القُرْآنِ في "نَزَّلَهُ"، و( ما بَيْنَ يَدَيْهِ ): ما تَقَدَّمَهُ مِن كُتُبِ اللهِ تَعالى، و"هُدًى": إرْشادٌ، و"البُشْرى": أكْثَرُ اسْتِعْمالِها في الخَيْرِ، ولا تَجِيءُ في الشَرِّ إلّا مُقَيَّدَةً بِهِ، ومَقْصِدُ هَذِهِ الآيَةِ تَشْرِيفُ جِبْرِيلَ ﷺ وذَمُّ مُعادِيهِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ﴾ الآيَةُ، وعِيدٌ وذَمٌّ لِمُعادِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَلامُ، وإعْلامُ أنَّ عَداوَةَ البَعْضِ تَقْتَضِي عَداوَةَ اللهِ لَهم. وعَداوَةُ العَبْدِ لِلَّهِ هي مَعْصِيَتُهُ واجْتِنابُ طاعَتِهِ، ومُعاداةُ أولِيائِهِ. وعَداوَةُ اللهِ لِلْعَبْدِ تَعْذِيبُهُ وإظْهارُ أثَرِ العَداوَةِ عَلَيْهِ.
وذِكْرُ جِبْرِيلَ ومِيكائِيلَ وقَدْ كانَ ذِكْرُ المَلائِكَةِ عَمَّهُما تَشْرِيفًا لَهُما. وقِيلَ: خُصّا لِأنَّ اليَهُودَ ذَكَرُوهُما، ونَزَلَتِ الآيَةُ بِسَبَبِهِما، فَذِكْرُهُما واجِبٌ، لِئَلّا تَقُولَ اليَهُودُ: إنّا لَمْ نُعادِ اللهَ وجَمِيعَ مَلائِكَتِهِ. وقَرَأ نافِعٌ مِيكائِلَ بِهَمْزَةٍ دُونَ ياءٍ. وقَرَأ بِها ابْنُ كَثِيرٍ فِيما (p-٢٩٥)رُوِيَ عنهُ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وابْنُ كَثِيرٍ أيْضًا، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: مِيكائِيلَ بِياءٍ بَعْدَ الهَمْزَةِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ "مِيكالَ"، ورُوِيَتْ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ مُنْذُ رَآها في النَوْمِ كَما ذَكَرْنا. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ "مِيكَئِلَ" بِهَمْزَةٍ دُونَ ألِفٍ، وقَرَأ الأعْمَشُ: "مِيكايِيلَ" بِياءَيْنِ.
وظَهَرَ الِاسْمُ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّ اللهَ﴾، لِئَلّا يُشْكَلَ عَوْدُ الضَمِيرِ.
وجاءَتِ العِبارَةُ بِعُمُومِ الكافِرِينَ لِأنَّ عَوْدَ الضَمِيرِ عَلى "مَن" يُشَكِّلُ سَواءً أفْرَدَتْهُ أو جَمَعَتْهُ، ولَوْ لَمْ نُبالِ بِالإشْكالِ وقُلْنا: المَعْنى يَدُلُّ السامِعَ عَلى المَقْصِدِ لَلَزِمَ تَعْيِينُ قَوْمٍ بِعَداوَةِ اللهِ لَهُمْ، ويُحْتَمَلُ أنَّ اللهَ تَعالى قَدْ عَلِمَ أنَّ بَعْضَهم يُؤْمِنُ فَلا يَنْبَغِي أنْ تُطْلِقَ عَلَيْهِ عَداوَةَ اللهِ لِلْمَآلِ.
ورُوِيَ أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ، فَقالَ لَهُ: أرَأيْتَ جِبْرِيلَ الَّذِي يَزْعُمُ صاحِبُكَ أنَّهُ يَجِيئُهُ؟ ذَلِكَ عَدُوُّنا. فَقالَ لَهُ عُمْرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: ﴿مَن كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، فَنَزَلَتْ عَلى لِسانِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا الخَبَرُ ضَعِيفٌ مِن جِهَةِ مَعْناهُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ﴾، ذَكَرَ الطَبَرِيُّ «أنَّ ابْنَ صُورِيّا قالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يا مُحَمَّدُ. ما جِئْتَ بِآيَةٍ بَيِّنَةٍ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.» و"الفاسِقُونَ" هُنا: الخارِجُونَ عَنِ الإيمانِ، فَهو فِسْقُ الكُفْرِ، والتَقْدِيرُ: ما يَكْفُرُ بِها أحَدٌ إلّا الفاسِقُونَ، لِأنَّ الإيجابَ لا يَأْتِي إلّا بَعْدَ تَمامِ جُمْلَةِ النَفْيِ.
{"ayahs_start":96,"ayahs":["وَلَتَجِدَنَّهُمۡ أَحۡرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَیَوٰةࣲ وَمِنَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ۚ یَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ یُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةࣲ وَمَا هُوَ بِمُزَحۡزِحِهِۦ مِنَ ٱلۡعَذَابِ أَن یُعَمَّرَۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِمَا یَعۡمَلُونَ","قُلۡ مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّجِبۡرِیلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ","مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّلَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِیلَ وَمِیكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوࣱّ لِّلۡكَـٰفِرِینَ","وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲۖ وَمَا یَكۡفُرُ بِهَاۤ إِلَّا ٱلۡفَـٰسِقُونَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲۖ وَمَا یَكۡفُرُ بِهَاۤ إِلَّا ٱلۡفَـٰسِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق