الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكم واشْكُرُوا لِلَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ والدَمَ ولَحْمَ الخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّ اللهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلَ اللهُ مِنَ الكِتابِ ويَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ ما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ إلا النارَ ولا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾
الطَيِّبُ هُنا يَجْمَعُ الحَلالَ المُسْتَلِذَّ، والآيَةُ تُشِيرُ بِتَبْعِيضِ "مِن" إلى أنَّ الحَرامَ رِزْقٌ. وحَضَّ تَعالى عَلى الشُكْرِ، والمَعْنى في كُلِّ حالَةٍ، و"إنْ" شَرْطٌ، والمُرادُ بِهَذا الشَرْطِ التَثْبِيتُ وهَزُّ النَفْسِ، كَما تَقُولُ: افْعَلْ كَذا إنْ كُنْتَ رَجُلًا.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ﴾، "إنَّما" هُنا حاصِرَةٌ. و"المَيْتَةَ" نُصِبَ بـِ "حَرُمَ"، وقَرَأ أبُو جَعْفَرِ بْنِ القَعْقاعِ "المَيِّتَةَ" بِالتَشْدِيدِ. وقالَ الطَبَرِيُّ، وجَماعَةٌ مِنَ اللُغَوِيِّينَ: (p-٤١١)التَشْدِيدُ والتَخْفِيفُ مِن "مَيْتٍ" و"مَيِّتٍ" لُغَتانِ. وقالَ أبُو حاتِمٍ، وغَيْرُهُ: ما قَدْ ماتَ فَيُقالانِ فِيهِ، وما لَمْ يَمُتْ بَعْدُ فَلا يُقالُ فِيهِ "مَيْتٌ" بِالتَخْفِيفِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
هَكَذا هو اسْتِعْمالُ العَرَبِ، ويَشْهَدُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ لَيْسَ مَن ماتَ فاسْتَراحَ بِمَيِّتٍ إنَّما المَيِّتُ مَيِّتُ الأحْياءِ
اسْتَراحَ: مِنَ الراحَةِ، وقِيلَ: مِنَ الرائِحَةِ. ولَمْ يَقْرَأْ أحَدٌ بِتَخْفِيفٍ فِيما لَمْ يَمُتْ، إلّا ما رَوى البَزِّيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ "وَما هو بِمَيِّتٍ" والمَشْهُورُ عنهُ التَثْقِيلُ، وأمّا قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ إذا ما ماتَ مَيِّتٌ مِن تَمِيمٍ ∗∗∗ فَسَرَّكَ أنْ يَعِيشَ فَجِيءَ بِزادِ
فالأبْلَغُ في الهِجاءِ أنْ يُرِيدَ المَيِّتَ حَقِيقَةً، وقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الناسِ إلى أنَّهُ أرادَ مَن شارَفَ المَوْتَ، والأوَّلُ أشْهَرُ. وقَرَأ قَوْمٌ "المَيْتَةُ" بِالرَفْعِ عَلى أنْ تَكُونَ "ما" بِمَعْنى الَّذِي وإنَّ عامِلَةٌ.
وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَحْمَنِ السِلْمِيُّ: "حَرَّمَ" عَلى ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ورَفْعِ ما ذُكِرَ تَحْرِيمُهُ، فَإنْ كانَتْ ما كافَّةً، فالمَيْتَةُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وإنْ كانَتْ بِمَعْنى الَّذِي فالمَيْتَةُ خَبَرٌ.
ولَفْظُ "المَيْتَةَ" عُمُومٌ، والمَعْنى مُخَصَّصٌ لِأنَّ الحُوتَ والجَرادَ لَمْ يَدْخُلْ قَطُّ في هَذا العُمُومِ. و"المَيْتَةَ": ما ماتَ دُونَ ذَكاةٍ مِمّا لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ، والطافِي مِنَ الحُوتِ، جَوَّزَهُ (p-٤١٢)مالِكٌ وغَيْرُهُ، ومَنَعَهُ العِراقِيُّونَ. وفي المَيِّتِ دُونَ تَسَبُّبٍ مِنَ الجَرادِ خِلافٌ. مَنَعَهُ مالِكٌ، وجُمْهُورُ أصْحابِهِ، وجَوَّزَهُ ابْنُ نافِعٍ، وابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ. وقالَ ابْنُ وهْبٍ: إنْ ضَمَّ في غَرائِرَ فَضَمُّهُ ذَكاتُهُ. وقالَ ابْنُ القاسِمِ: لا، حَتّى يَصْنَعَ بِهِ شَيْءٌ يَمُوتُ مِنهُ كَقَطْعِ الرُؤُوسِ والأجْنِحَةِ والأرْجُلِ، أوِ الطَرْحِ في الماءِ، وقالَ سَحْنُونُ: لا يُطْرَحُ في ماءٍ بارِدٍ، وقالَ أشْهَبُ: إنْ ماتَ مِن قَطْعِ رَجْلٍ أو جَناحٍ لَمْ يُؤْكَلْ لِأنَّها حالَةٌ قَدْ يَعِيشُ بِها ويَنْسَلُّ.
و"الدَمَ" يُرادُ بِهِ المَسْفُوحُ، لِأنَّ ما خالَطَ اللَحْمَ فَغَيْرُ مُحَرَّمٍ بِإجْماعٍ. وفي دَمِ الحُوتِ المُزايِلِ لِلْحُوتِ اخْتِلافٌ، رُوِيَ عَنِ القابِسِيِّ أنَّهُ طاهِرٌ، ويَلْزَمُ مِن طَهارَتِهِ أنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ.
وخُصَّ ذِكْرُ اللَحْمِ مِنَ الخِنْزِيرِ لِيَدُلَّ عَلى تَحْرِيمِ عَيْنِهِ؛ ذُكِّيَ أو لَمْ يُذْكَّ، ولِيَعُمَّ الشَحْمَ وما هُنالِكَ مِنَ الغَضارِيفِ وغَيْرِها، وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ.
(p-٤١٣)وَفِي خِنْزِيرِ الماءِ كَراهِيَةُ أبِي مالِكٍ أنْ يُجِيبَ فِيهِ، وقالَ: أنْتُمْ تَقُولُونَ: خِنْزِيرًا. وذَهَبَ أكْثَرُ اللُغَوِيِّينَ إلى أنَّ لَفْظَةَ الخِنْزِيرِ رُباعِيَّةٌ، وحَكى ابْنُ سِيدَهْ عن بَعْضِهِمْ أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِن خَزْرِ العَيْنِ لِأنَّهُ كَذَلِكَ يَنْظُرُ، فاللَفْظَةُ عَلى هَذا ثُلاثِيَّةٌ.
﴿وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ﴾، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وغَيْرُهُ: المُرادُ ما ذُبِحَ لِلْأنْصابِ والأوثانِ، و"أُهِلَّ" مَعْناهُ: صِيحَ، ومِنهُ اسْتِهْلالُ المَوْلُودِ، وجَرَتْ عادَةُ العَرَبِ بِالصِياحِ بِاسْمِ المَقْصُودِ بِالذَبِيحَةِ، وغَلَبَ ذَلِكَ في اسْتِعْمالِهِمْ حَتّى عَبَّرَ بِهِ عَنِ النِيَّةِ الَّتِي هي عِلَّةُ التَحْرِيمِ، ألا تَرى أنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ راعى النِيَّةَ في الإبِلِ الَّتِي نَحَرَها غالِبُ أبُو الفَرَزْدَقِ، فَقالَ: إنَّها مِمّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ، فَتَرَكَها الناسُ ورَأيْتُ في أخْبارِ الحَسَنِ بْنِ أبِي الحَسَنِ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأةٍ مُتْرَفَةٍ صَنَعَتْ لِلِعَبِها عُرْسًا، فَذَبَحَتْ جَزُورًا، فَقالَ الحَسَنُ: لا يَحِلُّ أكْلُها، فَإنَّها إنَّما ذُبِحَتْ لِصَنَمٍ. وفي ذَبِيحَةِ المَجُوسِيِّ اخْتِلافٌ، ومالكٌ لا يُجِيزُها البَتَّةَ. وذَبِيحَةُ النَصْرانِيِّ واليَهُودِيِّ جائِزَةٌ. واخْتُلِفَ فِيما حُرِّمَ عَلَيْهِمْ كالطَرِيفِ والشَحْمِ وغَيْرِهِ بِالإجازَةِ والمَنعِ. وقالَ ابْنُ حَبِيبٍ ؛ ما حَرُمَ عَلَيْهِمْ بِالكِتابِ فَلا يَحِلُّ لَنا مِن ذَبْحِهِمْ، وما حَرَّمُوهُ بِاجْتِهادِهِمْ فَذاكَ لَنا حَلالٌ. وعِنْدَ مالِكٍ كَراهِيَةٌ فِيما سَمّى عَلَيْهِ الكِتابِيُّ المَسِيحَ أو ذَبَحَهُ لِكَنِيسَتِهِ، ولا يُبَلِّغُ بِذَلِكَ التَحْرِيمِ.
(p-٤١٤)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ الآيَةُ، ضَمَّتِ النُونَ لِلِالتِقاءِ إتْباعًا لِلضَّمَّةِ في الطاءِ حَسَبَ قِراءَةِ الجُمْهُورِ، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، وأبُو السَمالِ: "فَمَنِ اضْطُرَّ" بِكَسْرِ الطاءِ، وأصْلُهُ "اضْطَرَرَ" فَلَمّا أُدْغِمَ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الراءِ إلى الطاءِ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "فَمَنِ اطُّرَّ" بِإدْغامِ الضادِ في الطاءِ، وكَذَلِكَ حَيْثُ ما وقَعَ في القُرْآنِ.
ومَعْنى "اضْطُرَّ": ضَمَّهُ عُدْمٌ وغَرْثٌ، هَذا هو الصَحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ العُلَماءِ والفُقَهاءِ. وقِيلَ: مَعْناهُ أُكْرِهَ وغَلَبَ عَلى أكْلِ هَذِهِ المُحَرَّماتِ.
و" غَيْرَ باغٍ " في مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلى الحالِ، والمَعْنى فِيما قالَ قَتادَةُ، والرَبِيعُ، وابْنُ زَيْدٍ، وعِكْرِمَةُ وغَيْرُهُمْ: غَيْرُ قاصِدٍ فَسادَ وتَعَدٍّ، بِأنْ يَجِدَ عن هَذِهِ المُحَرَّماتِ مَندُوحَةً ويَأْكُلَها، وهَؤُلاءِ يُجِيزُونَ الأكْلَ مِنها في كُلِّ سِفْرٍ مَعَ الضَرُورَةِ، وقالَ مُجاهِدٌ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وغَيْرُهُما: المَعْنى غَيْرُ باغٍ عَلى المُسْلِمِينَ وعادَ عَلَيْهِمْ، فَيَدْخُلُ في الباغِي والمُعادِي قَطّاعُ السُبُلِ، والخارِجُ عَلى السُلْطانِ، والمُسافِرُ في قَطْعِ الرَحِمِ والغارَةِ عَلى المُسْلِمِينَ وما شاكَلَهُ، ولِغَيْرِ هَؤُلاءِ هي الرُخْصَةُ. وقالَ السُدِّيُّ: " غَيْرَ باغٍ " أيْ غَيْرَ مُتَزَيِّدٍ عَلى حَدِّ إمْساكِ رَمَقِهِ، وإبْقاءِ قُوَّتِهِ، فَيَجِيءُ أكْلُهُ شَهْوَةً، "وَلا عادٍ" أيْ مُتَزَوِّدٍ.
وقالَ مالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: يَأْكُلُ المُضْطَرُّ شِبَعَهُ، وفي المُوَطَّأِ -وَهُوَ لِكَثِيرٍ مِنَ العُلَماءِ- أنَّهُ يَتَزَوَّدُ إذا خَشِيَ الضَرُورَةَ فِيما بَيْنَ يَدَيْهِ مِن مَفازَةٍ وقَفْرٍ.
وعادٍ مَعْناهُ: عائِدٌ، فَهو مِنَ المَقْلُوبِ كَشاكِي السِلاحِ، أصْلُهُ شائِكٌ، وكَهارٍ أصْلُهُ هائِرٌ، وكَلاثٍ أصْلُهُ لائِثٌ.
(p-٤١٥)وَباغٍ أصْلُهُ باغِي، اسْتُثْقِلَتِ الكَسْرَةُ عَلى الياءِ فَسَكَنَتْ، والتَنْوِينُ ساكِنٌ، فَحُذِفَتِ الياءُ، والكَسْرَةُ تَدُلُّ عَلَيْها، ورَفَعَ اللهُ الإثْمَ لَمّا أحَلَّ المَيْتَةَ لِلْمُضْطَرِّ، لِأنَّ التَحْرِيمَ في الحَقِيقَةِ مُتَعَلَّقُهُ التَصَرُّفَ بِالأكْلِ، لا عَيْنَ المُحَرَّمِ، ويُطْلَقُ التَحْرِيمُ عَلى العَيْنِ تَجَوُّزًا.
ومَنَعَ قَوْمٌ التَزَوُّدَ مِنَ المَيْتَةِ وقالُوا: لَمّا اسْتَقَلَّتْ قُوَّةُ الآكِلِ صارَ كَمَن لَمْ تُصِبْهُ ضَرُورَةٌ قَبْلُ.
ومِنَ العُلَماءِ مَن يَرى أنَّ المَيْتَةَ مِنِ ابْنِ آدَمَ والخِنْزِيرِ لا تَكُونُ فِيها رُخْصَةَ اضْطِرارٍ لِأنَّهُما لا تَصِحُّ فِيهِما ذَكاةٌ بِوَجْهٍ، وإنَّما الرُخْصَةُ فِيما تَصِحُّ الذَكاةُ في نَوْعِهِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ﴾ الآيَةُ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ، والرَبِيعُ، والسُدِّيُّ: المُرادُ أحْبارُ اليَهُودِ، الَّذِينَ كَتَمُوا أمْرَ مُحَمَّدٍ ﷺ، و"الكِتابُ": التَوْراةُ والإنْجِيلُ، والضَمِيرُ في "بِهِ" عائِدٌ عَلى "الكِتابِ"، ويُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ عَلى "ما" وهو جُزْءٌ مِنَ الكِتابِ فِيهِ أمْرُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وفِيهِ وقْعُ الكَتْمِ لا في جَمِيعِ الكِتابِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ عَلى الكِتْمانِ.
والثَمَنُ القَلِيلُ: الدُنْيا والمَكاسِبُ، ووَصْفُ بِالقِلَّةِ لِانْقِضائِهِ ونَفادِهِ، وهَذِهِ الآيَةُ؛ وإنْ كانَتْ نَزَلَتْ في الأحْبارِ، فَإنَّها تَتَناوَلُ مِن عُلَماءِ المُسْلِمِينَ مَن كَتَمَ الحَقَّ مُخْتارًا لِذَلِكَ لِسَبَبِ دُنْيا يُصِيبُها.
(p-٤١٦)وَذُكِرَتِ البُطُونُ في أكْلِهِمُ المُؤَدِّي إلى النارِ، دَلالَةً عَلى حَقِيقَةِ الأكْلِ، إذْ قَدْ يُسْتَعْمَلُ مَجازًا في مِثْلِ أكَلَ فُلانٌ أرْضِي ونَحْوَهُ، وفي ذِكْرِ البَطْنِ أيْضًا تَنْبِيهٌ عَلى مَذَمَّتِهِمْ، لِأنَّهم باعُوا آخِرَتَهم بِحَظِّهِمْ مِنَ المَطْعَمِ، الَّذِي لا خَطَرَ لَهُ، وعَلى هُجْنَتِهِمْ بِطاعَةِ بُطُونِهِمْ. وقالَ الرَبِيعُ، وغَيْرُهُ: سُمِّيَ مَأْكُولُهم نارًا لِأنَّهُ يَؤُولُ بِهِمْ إلى النارِ، وقِيلَ: مَعْنى الآيَةِ: إنَّ اللهَ تَعالى يُعاقِبُهم عَلى كِتْمانِهِمْ بِأكْلِ النارِ في جَهَنَّمَ حَقِيقَةً.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا يُكَلِّمُهُمُ﴾، قِيلَ: هي عِبارَةٌ عَنِ الغَضَبِ عَلَيْهِمْ، وإزالَةُ الرِضى عنهُمْ، إذْ في غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ القُرْآنِ ما ظاهِرُهُ أنَّ اللهَ تَعالى يُكَلِّمُ الكافِرِينَ كَقَوْلِهِ: ﴿اخْسَئُوا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] ونَحْوَهُ، فَتَكُونُ هَذِهِ الآيَةُ بِمَنزِلَةِ قَوْلِكَ: فُلانٌ لا يُكَلِّمُهُ السُلْطانُ، ولا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وأنْتَ إنَّما تُعَبِّرُ عَنِ انْحِطاطِ مَنزِلَتِهِ لَدَيْهِ. وقالَ الطَبَرِيُّ وغَيْرُهُ: المَعْنى: ولا يُكَلِّمُهم بِما يُحِبُّونَ، وقِيلَ: المَعْنى: لا يُرْسِلُ إلَيْهِمُ المَلائِكَةَ بِالتَحِيَّةِ.
" ولا يُزَكِّيهِمْ " مَعْناهُ: لا يُطَهِّرُهم مِن مُوجِباتِ العَذابِ، وقِيلَ: المَعْنى لا يُسَمِّيهِمْ أزْكِياءَ، و"ألِيمٌ" اسْمُ فاعِلٍ بِمَعْنى مُؤْلِمٍ.
{"ayahs_start":172,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُلُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا رَزَقۡنَـٰكُمۡ وَٱشۡكُرُوا۟ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ","إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَیۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَیۡرَ بَاغࣲ وَلَا عَادࣲ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡتُمُونَ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنࣰا قَلِیلًا أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا یُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَلَا یُزَكِّیهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ"],"ayah":"إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَیۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَیۡرَ بَاغࣲ وَلَا عَادࣲ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق