الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿فَأتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ ﴿يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أبُوكِ امْرَأ سَوْءٍ وما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾
رُوِيَ أنَّ مَرْيَمَ عَلَيْها السَلامُ لَمّا اطْمَأنَّتْ بِما رَأتْ مِنَ الآيَةِ، وعَلِمَتْ أنَّ اللهَ تَعالى سَيُبَيِّنُ عُذْرَها، أتَتْ بِهِ تَحْمِلُهُ مِنَ المَكانِ القَصِيِّ الَّذِي انْتَبَذَتْ فِيهِ، رُوِيَ أنَّ قَوَّمَها (p-٢٧)خَرَجُوا في طَلَبِها فَلَقُوها وهي مُقْبِلَةٌ. و"الفَرِيُّ": العَظِيمُ الشَنِيعُ، قالَهُ مُجاهِدٌ والسُدِّيُّ، وافْتَراهُ: اخْتَلَقَهُ، وهو مِنَ الفِرْيَةِ، وفَراهُ يَفْرِيهِ: شَقَّهُ وأفْسَدَهُ، وأفْراهُ: أصْلَحَهُ، مِن قَوْلِهِمْ: فَرَيْتُ الأدِيمَ: قَطَعْتُهُ عَلى جِهَةِ الإصْلاحِ، وأمّا قَوْلُهم في المَثَلِ: "فُلانٌ يَفْرِي الفَرِيَّ" فَمَعْناهُ: جاءَ بِعَمَلٍ عَظِيمٍ، في قَوْلٍ أو فِعْلٍ مِمّا قُصِدَ ضَرْبُ المَثَلِ لَهُ، وهو مُسْتَعْمَلٌ فِيما يُخْتَلَقُ ويُفْعَلُ، والفَرِيُّ مِنَ الأسْقِيَةِ الجَدِيدُ، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ: "شَيْئًا فَرِيًّا" بِسُكُونِ الراءِ.
واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في مَعْنى قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أُخْتَ هارُونَ﴾ فَقالَتْ فِرْقَةٌ: كانَ لَها أخٌ اسْمُهُ هارُونُ ؛ لِأنَّ هَذا الِاسْمَ كانَ كَثِيرًا في بَنِي إسْرائِيلَ تَبَرُّكًا باسِمْ هارُونَ أخِي مُوسى عَلَيْهِما السَلامُ، ورَوى المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أرْسَلَهُ إلى نَجْرانَ في أمْرٍ مِنَ الأُمُورِ، فَقالُوا: إنَّ صاحِبَكَ يَزْعُمْ أنَّ مَرْيَمَ هي أُخْتُ هارُونَ، وبَيْنَهُما في المُدَّةِ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ، قالَ المُغِيرَةُ: فَلَمْ أدْرِ ما أقُولُ فَلَمّا قَدِمْتُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقالَ: "ألَمْ يَعْلَمُوا أنَّهم كانُوا يُسَمُّونَ بِأسْماءِ الأنْبِياءِ والصالِحِينَ"؟».
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
فالمَعْنى أنَّهُ اسْمٌ وافَقَ اسْمًا، وقالَ السُدِّيُّ وغَيْرُهُ: بَلْ نَسَبُوها إلى هارُونَ أخِي مُوسى لِأنَّها كانَتْ مَن نَسْلِهِ، وهَذا كَما تَقُولُ مِن قَبِيلَةِ: يا أخا فُلانَةٍ، ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: «إنْ أخا صُداءٍ أذَّنَ، ومَن أذَّنَ فَهو يُقِيمُ»، وقالَ كَعْبُ الأحْبارِ بِحَضْرَةِ عائِشَةَ أُمُ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عنها: لَيْسَتْ بِأُخْتِ هارُونَ أخِي مُوسى "، فَقالَتْ عائِشَةُ: كَذَبْتَ، فَقالَ لَها: يا أُمُ المُؤْمِنِينَ، إنْ كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قالَهُ فَهو أصْدَقُ وأخْبَرُ، وإلّا (p-٢٨)فَإنِّي أجِدُ بَيْنَهُما مِنَ المُدَّةِ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ، قالَ: فَسَكَتَتْ، وقالَ قَتادَةُ: كانَ في ذَلِكَ الزَمَنِ في بَنِي إسْرائِيلَ رَجُلٌ عابِدٌ مُنْقَطِعٌ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ يُسَمّى هارُونَ، فَنَسَبُوها إلى أُخُوَّتِهِ مِن حَيْثُ كانَتْ عَلى طَرِيقَتِهِ، قِيلَ: إذْ كانَتْ مَوْقُوفَةً عَلى خِدْمَةِ البِيَعِ، أيْ: يا هَذِهِ المَرْأةُ الصالِحَةُ ما كُنْتِ أهْلًا لِما أتَيْتِ بِهِ: وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ كانَ في ذَلِكَ الزَمَنِ رَجُلٌ فاجِرٌ اسْمُهُ هارُونُ، فَنَسَبُوها إلَيْهِ عَلى جِهَةِ التَعْيِيرِ والتَوْبِيخِ، ذِكْرَهُ الطَبَرِيُّ ولَمْ يُسَمِّ قائِلَهُ، والمَعْنى: ما كانَ أبُوكِ ولا أُمُّكِ أهْلًا لِهَذِهِ الفِعْلَةِ: فَكَيْفَ جِئْتِ أنْتِ بِها؟ و"البَغِيُّ": الَّتِي تَبْغِي الزِنى، أيْ تَطْلُبُهُ، أصْلُها: بَغُويٌ، فَعُولٌ، وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["فَأَتَتۡ بِهِۦ قَوۡمَهَا تَحۡمِلُهُۥۖ قَالُوا۟ یَـٰمَرۡیَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَیۡـࣰٔا فَرِیࣰّا","یَـٰۤأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءࣲ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِیࣰّا"],"ayah":"یَـٰۤأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءࣲ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق