الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهم كَلْبُهم ويَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهم كَلْبُهم رَجْمًا بِالغَيْبِ ويَقُولُونَ سَبْعَةٌ وثامِنُهم كَلْبُهم قُلْ رَبِّي أعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهم إلا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إلا مِراءً ظاهِرًا ولا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنهم أحَدًا﴾ ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا﴾ ﴿إلا أنْ يَشاءَ اللهُ واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ وقُلْ عَسى أنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأقْرَبَ مِن هَذا رَشَدًا﴾ الضَمِيرُ في قَوْلِهِ تَعالى: "سَيَقُولُونَ" يُرادُ بِهِ أهْلُ التَوْراةِ مِن مُعاصِرِي مُحَمَّدٍ ﷺ، وذَلِكَ أنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في عَدَدِ أهْلِ الكَهْفِ هَذا الِاخْتِلافَ المَنصُوصَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "ثَلاثَةٌ"، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "ثَلاثٌ" بِإدْغامِ التاءِ في الثاءِ، وقَرَأ شِبْلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ: "خَمْسَةَ" بِفَتْحِ المِيمِ اتِّباعًا لِعَشَرَةَ، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: (خِمِسَةَ) بِكَسْرِ الخاءِ والمِيمِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَجْمًا بِالغَيْبِ﴾ مَعْناهُ: ظَنًّا، وهو مُسْتَعارٌ مِنَ الرَجْمِ، كَأنَّ الإنْسانَ (p-٥٨٨)يَرْمِي المَوْضِعَ المُشْكَلَ المَجْهُولَ عِنْدَهُ بِظَنِّهِ المَرَّةَ بَعْدَ المَرَّةِ، يَرْجُمُهُ بِهِ عَسى أنْ يُصِيبَ، ومِن هَذا: التُرْجُمانُ، وتَرْجَمَةُ الكِتابِ، ومِنهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ: ؎ وما الحَرْبُ إلّا ما عَلِمْتُمْ وذُقْتُمْ ∗∗∗ وما هو عنها بِالحَدِيثِ المُرَجَّمِ والواوُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَثامِنُهم كَلْبُهُمْ﴾ طَرِيقُ النَحْوِيِّينَ فِيها أنَّها واوُ عَطْفٍ دَخَلَتْ في آخِرِ إخْبارٍ عن عَدَدِهِمْ، لِتَفْصِلَ أمْرَهُمْ، وتَدُلَّ عَلى أنَّ هَذا نِهايَةُ ما قِيلَ، ولَوْ سَقَطَتْ لَصَحَّ الكَلامُ،[ ولَوْ كانَتْ فِيما قَبْلَ مِن قَوْلِهِ: "رابِعُهُمْ" و"سادِسُهُمْ" لَصَحَّ الكَلامُ]، وتَقُولُ فِرْقَةٌ مِنها ابْنُ خالَوَيْهَ: هي واوُ الثَمانِيَةِ، وذَكَرَ ذَلِكَ الثَعْلَبِيُّ عن أبِي بَكْرِ بْنِ عَيّاشٍ، أنَّ قُرَيْشًا كانْتْ تَقُولُ في عَدَدِها: سِتَّةً، سَبْعَةً، وثَمانِيَةً، تِسْعَةً، فَتَدْخُلُ الواوُ في الثَمانِيَةِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُها، وهي في القُرْآنِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ والناهُونَ عَنِ المُنْكَرِ﴾ [التوبة: ١١٢]،وَقَوْلُهُ: ﴿وَفُتِحَتْ أبْوابُها﴾ [الزمر: ٧٣]، وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثَيِّباتٍ وأبْكارًا﴾ [التحريم: ٥]، وقَوْلُهُ: ﴿سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ﴾ [الحاقة: ٧] فَتَوُهِّمَ في هَذَيْنَ المَوْضِعَيْنِ أنَّها واوُ الثَمانِيَةِ ولَيْسَتْ بِها، بَلْ هي لازِمَةٌ لا يَسْتَغْنِي الكَلامُ عنها. (p-٥٨٩)وَقَدْ أمَرَ اللهُ تَعالى نَبِيَّهُ صَلِيَ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في هَذِهِ أنْ يَرُدَّ عِلْمَ عِدَّتِهِمْ إلَيْهِ عَزَّ وجَلَّ، ثُمَّ أخْبَرَ أنَّ عالِمَ ذَلِكَ مِنَ البَشَرِ قَلِيلٌ، والمُرادُ بِهِ قَوْمٌ مِن أهْلِ الكِتابِ، وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما يَقُولُ: "أنا مِن ذَلِكَ القَلِيلِ، وكانُوا سَبْعَةً وثامِنُهم كَلْبُهُمْ". قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: ويُسْتَدَلُّ عَلى هَذا مِنَ الآيَةِ، فَإنَّ القُرْآنَ لَمّا حَكى قَوْلَ مَن قالَ ثَلاثَةً وخَمْسَةً قَرَنَ بِالقَوْلِ أنَّهُ رَجَمَ بِالغَيْبِ، فَقَدَحَ ذَلِكَ فِيهِما، ثُمَّ حَكى هَذِهِ المَقالَةَ ولَمْ يَقْدَحْ فِيها بِشَيْءٍ، بَلْ تَرَكَها مُسَجَّلَةً، وأيْضًا فَيُقَوِّي ذَلِكَ عَلى القَوْلِ بِأنَّها واوُ الثَمانِيَةِ لِأنَّها إنَّما تَكُونُ حَيْثُ عَدَدُ الثَمانِيَةِ صَحِيحٌ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا تُمارِ فِيهِمْ إلا مِراءً ظاهِرًا﴾ مَعْناهُ عَلى بَعْضِ الأقْوالِ، أيْ: بِظاهِرِ ما أوحَيْناهُ إلَيْكَ وهو رَدُّ عِلْمِ عِدَّتِهِمْ إلى اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، وقِيلَ: مَعْنى الظاهِرِ أنْ يَقُولَ: لَيْسَ كَما تَقُولُونَ، ونَحْوَ هَذا، ولا يَحْتَجُّ هو عَلى أمْرٍ مُقَدَّرٍ في ذَلِكَ، فَإنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِراءً في باطِنٍ مِنَ الأمْرِ، وقالَ التَبْرِيزِيُّ: "ظاهِرًا" مَعْناهُ: ذاهِبًا، وأنْشَدَ: ؎ وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عنكَ عارُها. ولَمْ يُبِحْ لَهُ في هَذِهِ الآيَةِ أنْ يُمارِيَ، ولَكِنَّ قَوْلَهُ: ﴿إلا مِراءً﴾ اسْتِعارَةٌ، مِن حَيْثُ يُمارِيهِ أهْلُ الكِتابِ سُمِّيَتْ مُراجَعَتُهُ لَهم مِراءً، ثُمَّ قَيَّدَ بِأنَّهُ ظاهِرٌ فَفارَقَ المِراءَ الحَقِيقِيَّ المَذْمُومَ. و"المِراءُ" مُشْتَقٌّ مِنَ المِرْيَةِ، وهو الشَكُّ، فَكَأنَّهُ المُشاكَكَةُ. والضَمِيرُ في قَوْلِهِ تَعالى: "فِيهِمْ" عائِدٌ عَلى أهْلِ الكَهْفِ، وفي قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: "مِنهُمْ" عائِدٌ عَلى أهْلِ الكِتابِ المُعاصِرِينَ. وقَوْلُهُ: ﴿فَلا تُمارِ فِيهِمْ﴾ يَعْنِي: في عِدَّتِهِمْ، وحُذِفَتِ العُدَّةُ لِدَلالَةِ ظاهِرِ القَوْلِ عَلَيْها. (p-٥٩٠)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ﴾ الآيَةَ. عاتَبَ اللهُ تَعالى فِيها نَبِيَّهُ صَلِيَ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلى قَوْلِهِ لِلْكُفّارِ: غَدًا أُخْبِرُكم بِجَوابِ أسْئِلَتِكُمْ، ولِمَ يَسْتَثْنِي في ذَلِكَ، فاحْتَبَسَ عنهُ الوَحْيُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَتّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وأرْجَفَ الكَفّارُ بِهِ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُورَةُ مُفَرِّجَةً، وأُمِرَ في هَذِهِ الآيَةِ ألّا يَقُولَ في أمْرٍ مِنَ الأُمُورِ: إنِّي أفْعَلُ غَدًا كَذا وكَذا إلّا وأنْ يُعَلِّقَ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ. واللامُ في قَوْلِهِ تَعالى: "لِشَيْءٍ" بِمَنزِلَةِ "فِي"، أو كَأنَّهُ قالَ: لِأجْلِ شَيْءٍ. وقَوْلُهُ: ﴿إلا أنْ يَشاءَ اللهُ﴾، في الكَلامِ حَذْفٌ يَقْتَضِيهِ الظاهِرُ ويُحْسِنُهُ الإيجازُ، تَقْدِيرُهُ: إلّا أنْ تَقُولَ "إلّا أنْ يَشاءَ اللهُ"، أو إلّا أنْ تَقُولَ "إنْ شاءَ اللهُ". فالمَعْنى: إلّا أنْ تَذْكُرَ مَشِيئَةَ اللهِ، فَلَيْسَ ﴿إلا أنْ يَشاءَ اللهُ﴾ مِنَ القَوْلِ الَّذِي نُهِيَ عنهُ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: قَوْلُهُ: ﴿إلا أنْ يَشاءَ اللهُ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن قَوْلِهِ: "وَلا تَقُولَنَ". قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذا قَوْلٌ حَكاهُ الطَبَرِيٌّ ورَدَّ عَلَيْهِ، وهو مِنَ الفَسادِ بِحَيْثُ كانَ الواجِبُ ألّا يُحْكى. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ: مَعْناهُ والإشارَةُ بِهِ إلى الِاسْتِثْناءِ، أيْ: ولْتَسْتَثْنِ بَعْدَ مُدَّةٍ إذا نَسِيَتِ الِاسْتِثْناءَ أوَّلًا لِتَخْرُجَ مِن جُمْلَةِ مَن لَمْ يُعَلِّقْ فِعْلَهُ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وقالَ عِكْرِمَةُ: المَعْنى: واذْكُرْ رَبَّكَ إذا غَضِبْتَ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وتَكَلَّمَ الناسُ في هَذِهِ الآيَةِ في الِاسْتِثْناءِ في اليَمِينِ، والآيَةُ لَيْسَتْ في الأيْمانِ، وإنَّما هي في سُنَّةِ الِاسْتِثْناءِ في غَيْرِ اليَمِينِ، ولَكِنْ مِن حَيْثُ تَكَلَّمَ الناسُ فِيها يَنْبَغِي أنْ نَذْكُرَ شَيْئًا مِن ذَلِكَ. (p-٥٩١)أمّا مالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ وجَمِيعُ أصْحابِهِ -فِيما عَلِمْتُ- وكَثِيرٌ مِنَ العُلَماءِ فَيَقُولُونَ: لا يَنْفَعُ الِاسْتِثْناءُ ويُسْقِطُ الكَفّارَةَ إلّا أنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِاليَمِينِ. وقالَ عَطاءٌ: لَهُ أنْ يَسْتَثْنِيَ في قَدْرِ حَلْبِ الناقَةِ الغَزِيرَةِ. وقالَ قَتادَةُ: إنِ اسْتَثْنى قَبْلَ أنْ يَقُومَ فَلَهُ ثَنَياهُ. وقالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَهُ الِاسْتِثْناءُ ما دامَ في ذَلِكَ الأمْرِ، وقالَهُ ابْنُ راهَوَيْهَ. وقالَ طاوُسٌ، والحَسَنُ: يَنْفَعُ الِاسْتِثْناءُ ما دامَ الحالِفُ في مَجْلِسِهِ. وقالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: يَنْفَعُ الِاسْتِثْناءُ بَعْدَ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ فَقَطْ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: يَنْفَعُ الِاسْتِثْناءُ ولَوْ بَعْدَ سَنَةٍ. وقالَ مُجاهِدٌ: بَعْدَ سَنَتَيْنِ، وقالَ أبُو العالِيَةِ: يَنْفَعُ أبَدًا. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: واخْتَلَفَ الناسُ في التَأْوِيلِ عَلى ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فَقالَ الطَبَرِيٌّ وغَيْرِهِ: إنَّما أرادَ ابْنُ عَبّاسٍ أنَّهُ يَنْفَعُ في أنْ يَجْعَلَ الحالِفَ في رُتْبَةِ المُسْتَثْنِينَ بَعْدَ سَنَةٍ مِن حَلِفِهِ، وأمّا الكَفّارَةُ فَلا تَسْقُطُ عنهُ، قالَ الطَبَرِيٌّ: ولا أعْلَمَ أحَدًا يَقُولُ (يَنْفَعُ الِاسْتِثْناءُ بَعْدَ مُدَّةٍ) يَقُولُ بِسُقُوطِ الكَفّارَةِ، قالَ ويَرُدُّ ذَلِكَ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "مَن حِلَفَ عَلى يَمِينٍ ثُمَّ رَأى غَيْرَها خَيْرًا مِنها فَلْيُكَفِّرْ ولْيَأْتِ الَّذِي هو خَيْرٌ"،» فَلَوْ كانَ الِاسْتِثْناءُ يُسْقِطُ الكَفّارَةَ لَكانَ أخَفَّ عَلى الأُمَّةِ، ولَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الكَفّارَةِ فائِدَةٌ. وقالَ الزَهْراوِيُّ: إنَّما تَكَلَّمَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما في أنَّ الِاسْتِثْناءَ بَعْدَ سَنَةٍ لِمَن قالَ: أنا أفْعَلُ كَذا، لا لِحالِفٍ أرادَ حَلَّ يَمِينِهِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وذَهَبَتْ فِرْقَةُ مِنَ الفُقَهاءِ إلى أنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما سُقُوطُ الكَفّارَةِ، وألْزَمُوا كُلَّ مَن يَقُولُ (يَنْفَعُ الِاسْتِثْناءُ بَعْدَ مُدَّةٍ) إسْقاطَ الكَفّارَةِ، ورَدُّوا عَلى القَوْلِ بَعْدَمِ إلْزامِهِ، ولَيْسَ الِاسْتِثْناءُ إلّا في اليَمِينِ بِاللهِ، لا يَكُونُ في طَلاقٍ ونَحْوِهِ، ولا في مَشْيٍ إلى مَكَّةَ، هَذا قَوْلُ مالِكٍ وجَماعَةٌ. وقالَ الشافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، وأصْحابُ الرَأْيِ، وطاوُسٌ وحَمّادٌ: الِاسْتِثْناءُ في ذَلِكَ (p-٥٩٢)جائِزٌ، ولَيْسَ في اليَمِينِ الغَمُوسِ اسْتِثْناءٌ يَنْفَعُ، ولا يَكُونُ الِاسْتِثْناءُ بِالقَلْبِ، وإنَّما يَكُونُ قَوْلًا ونُطْقًا. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقُلْ عَسى أنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي﴾ الآيَةَ. قالَ مُحَمَّدٌ الكُوفِيُّ المُفَسِّرُ: إنَّها بِألْفاظِها مِمّا أُمِرَ أنْ يَقُولَها كُلٌّ مَن لَمْ يَسْتَثْنِ، وإنَّها كَفّارَةٌ لِنِسْيانِ الِاسْتِثْناءِ. وقالَ الجُمْهُورُ: هو دُعاءٌ مَأْمُورٌ بِهِ دُونَ هَذا التَخْصِيصِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "يَهْدِينِي" بِإثْباتِ الياءِ، وهي قِراءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ، ونافِعٍ، وأبِي عَمْرٍو. وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مَصْرِفٍ: "يَهْدِينَ" دُونَ ياءٍ في الوَصْلِ، وهي قِراءَةُ ابْنِ عامِرٍ، وعاصِمٍ، وحَمْزَةَ، والكِسائِيِّ. والإشارَةُ بِـ "هَذا" إلى الِاسْتِدْراكِ الَّذِي يَقَعُ مِن ناسِي الِاسْتِثْناءُ وقالَ الزَجّاجُ: المَعْنى: عَسى أنْ يُيَسِّرَ اللهُ مِنَ الأدِلَّةِ عَلى نُبُوَّتِي أقْرَبَ مِن دَلِيلِ أصْحابِ الكَهْفِ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وما قَدَّمْتُهُ أصْوَبُ، أيْ: عَسى أنْ يُرْشِدَنِي فِيما اسْتَقْبَلَ مِن أمْرِي. وهَذِهِ الآيَةُ مُخاطَبَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلِيَ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وهي بَعْدُ تَعُمُّ جَمِيعَ أُمَّتِهِ، لِأنَّهُ حُكْمٌ يَتَرَدَّدُ الناسُ بِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ، واللهُ المُوَفِّقُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب