الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَكَذَلِكَ أعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أنَّ وعْدَ اللهِ حَقٌّ وأنَّ الساعَةَ لا رَيْبَ فِيها إذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهم أمْرَهم فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيانًا رَبُّهم أعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أمْرَهم لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾
الإشارَةُ بِـ "ذَلِكَ" في قَوْلِهِ تَعالى: "وَكَذَلِكَ" إلى بَعْثِهِمْ لِيَتَساءَلُوا، أيْ: كَما بَعَثْناهم أعْثَرْنا عَلَيْهِمْ.
و"أعْثَرَ" تَعْدِيَةُ "عَثَرَ" بِالهَمْزَةِ، وأصْلُ العِثارِ في القَدَمِ، فَلَمّا كانَ العاثِرُ في الشَيْءِ مُشَبِّهًا لَهُ شُبِّهَ بِهِ، مِن شِبْهِ الِعِلْمٍ بِشَيْءٍ عَنَّ لَهُ وثارَ بَعْدَ خَفائِهِ، والضَمِيرُ في "لِيَعْلَمُوا" يُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ عَلى الأُمَّةِ المُسْلِمَةِ الَّذِينَ بُعِثَ أهْلُ الكَهْفِ عَلى عَهْدِهِمْ، وإلى هَذا ذَهَبَ الطَبَرِيٌّ، وذَلِكَ أنَّهم -فِيما رُوِيَ- دَخَلَتْهم حِينَئِذٍ فِتْنَةٌ في أمْرِ الحَشْرِ وبَعْثِ الأجْسادِ مِنَ القُبُورِ، فَشَكَّ في ذَلِكَ بَعْضُ الناسِ واسْتَبْعَدُوهُ، وقالُوا: إنَّما تُحْشَرُ الأرْواحُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى مِلْكِهِمْ وبَقِيَ حَيْرانَ لا يَدْرِي كَيْفَ يُبَيِّنُ أمْرَهُ لَهم حَتّى لَبِسَ المُسُوحَ وقَعَدَ عَلى الرَمادِ، وتَضَرَّعَ إلى اللهِ في حُجَّةٍ وبَيانٍ، فَأعْثَرَ اللهُ عَلى أهْلِ الكَهْفِ، فَلَمّا بَعَثَهُمُ اللهُ، وتَبَيَّنَ الناسُ أمْرَهم سُرَّ المَلِكُ، ورَجَعَ مَن كانَ شَكَّ في بَعْثِ الأجْسامِ إلى اليَقِينِ بِهِ، وإلى هَذا وقَعَتِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿إذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهم أمْرَهُمْ﴾ عَلى هَذا التَأْوِيلِ. ويُحْتَمَلُ أنْ يَعْمَلَ في "إذْ" -عَلى هَذا التَأْوِيلِ-، "أعْثَرْنا"، ويُحْتَمَلُ أنْ يَعْمَلَ فِيهِ "لِيَعْلَمُوا".
والضَمِيرُ في قَوْلِهِ: "لِيَعْلَمُوا" يُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ عَلى أصْحابِ الكَهْفِ، أيْ: يَجْعَلُ اللهُ تَعالى أمْرَهم آيَةً لَهم دالَّةً عَلى بَعْثِ الأجْسادِ مِنَ القُبُورِ. وقَوْلُهُ: ﴿إذْ يَتَنازَعُونَ﴾ -عَلى هَذا التَأْوِيلِ- ابْتِداءً خَبَرٌ عَنِ القَوْمِ الَّذِينَ بُعِثُوا عَلى عَهْدِهِمْ، والعامِلُ (p-٥٨٧)فِي "إذْ" فِعْلٌ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ: واذْكُرْ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَعْمَلَ فِيهِ: "فَقالُوا"، ويَكُونُ المَعْنى:فَقالُوا إذْ يَتَنازَعُونَ: ابْنُوا عَلَيْهِمْ، والتَنازُعُ -عَلى هَذا التَأْوِيلِ- إنَّما هو في أمْرِ البِناءِ والمَسْجِدِ لا في أمْرِ القِيامَةِ. و"الرَيْبُ": الشَكُّ، والمَعْنى أنَّ الساعَةَ في نَفْسِها وحَقِيقَتِها لا شَكَّ فِيها، وإنْ كانَ الشَكُّ قَدْ وقَعَ لِناسٍ فَذَلِكَ لا يَلْحَقُها مِنهُ شَيْءٌ، وقَدْ قِيلَ: إنِ التَنازُعَ إنَّما هو في أنِ اطَّلَعُوا عَلَيْهِمْ فَقالَ بَعْضُهُمْ: أمْواتٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: أحْياءٌ، ورُوِيَ أنَّ بَعْضَ القَوْمِ ذَهَبَ إلى طَمْسِ الكَهْفِ عَلَيْهِمْ، وتَرْكِهِمْ فِيهِ مُغَيَّبِينَ، فَقالَتِ الطائِفَةُ الغالِبَةُ عَلى الأمْرِ: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾، فاتَّخَذُوهُ، وقالَ قَتادَةُ: "الَّذِينَ غَلَبُوا هُمُ الوُلاةُ". وقَرَأ الحَسَنُ، وعِيسى الثَقَفِيُّ: "غُلِبُوا" بِضَمِّ الغَيْنِ وكَسْرِ اللامِ، والمَعْنى: إنَّ الطائِفَةَ الَّتِي دَعَتْ إلى البُنْيانِ إنَّها كانَتْ أرادَتْ بِناءَ بَيْعَةٍ أو مَصْنَعٍ لِكُفْرِهِمْ، فَمانَعَهُمُ المُؤْمِنُونَ، وقالُوا: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾. ورُوِيَ عن عَبِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ أنَّ اللهَ تَعالى عَمّى عَلى الناسِ حِينَئِذٍ أمْرَهم وحَجَبَهم عنهُمْ، فَلِذَلِكَ دَعا إلى بِناءِ البُنْيانِ لِيَكُونَ مَعْلَمًا لَهم.
{"ayah":"وَكَذَ ٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَیۡهِمۡ لِیَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَیۡبَ فِیهَاۤ إِذۡ یَتَنَـٰزَعُونَ بَیۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُوا۟ ٱبۡنُوا۟ عَلَیۡهِم بُنۡیَـٰنࣰاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِینَ غَلَبُوا۟ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیۡهِم مَّسۡجِدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق