الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿يَوْمَ يَدْعُوكم فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وتَظُنُّونَ إنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلا﴾ ﴿وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هي أحْسَنُ إنَّ الشَيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهم إنَّ الشَيْطانَ كانَ لِلإنْسانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ ﴿رَبُّكم أعْلَمُ بِكم إنْ يَشَأْ يَرْحَمْكم أو إنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكم وما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وكِيلا﴾ ﴿وَرَبُّكَ أعْلَمُ بِمَن في السَماواتِ والأرْضِ ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَبِيِّينَ عَلى بَعْضَ وآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا﴾
"يَوْمَ": بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ تَعالى: "قَرِيبًا"، ويَظْهَرُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: هو يَوْمٌ، جَوابًا لِقَوْلِهِمْ: ﴿مَتى هُوَ﴾ [الإسراء: ٥١] ويُرِيدُ: يَدْعُوكم مِن قُبُورِكم بِالنَفْخِ في الصُوَرِ لِيُقامَ الساعَةُ. وقَوْلُهُ: ﴿فَتَسْتَجِيبُونَ﴾ أيْ: بِالقِيامِ والعَوْدَةِ والنُهُوضِ نَحْوَ الدَعْوَةِ، وقَوْلُهُ: "بِحَمْدِهِ"، حَكى الطَبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أنَّهُ قالَ: مَعْناهُ: بِأمْرِهِ، وكَذَلِكَ قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وقالَ قَتادَةُ: مَعْناهُ: بِطاعَتِهِ ومَعْرِفَتِهِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا كُلُّهُ تَفْسِيرٌ لا يُعْطِيهِ اللَفْظُ، ولا شَكَّ أنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ بِأمْرِ اللهِ تَعالى، وإنَّما مَعْنى "بِحَمْدِهِ": إمّا أنَّ جَمِيعَ العالَمِينَ -كَما قالَ ابْنُ جُبَيْرٍ - يَقُومُونَ وهم يَحْمِدُونَ اللهَ تَعالى ويُمَجِّدُونَهُ لِما يَظْهَرُ لَهم مِن قُدْرَتِهِ، وإمّا أنَّ قَوْلَهُ: "بِحَمْدِهِ" هو كَما تَقُولُ لِرَجُلٍ إذا خاصَمْتُهُ أوَ حاوَرْتُهُ في عِلْمٍ: قَدْ أخْطَأْتُ بِحَمْدِ اللهِ، وكانَ النَبِيُّ ﷺ يَقُولُ لَهم في (p-٤٩٤)هَذِهِ الآياتِ: « "عَسى أنَّ الساعَةَ قَرِيبَةٌ، يَوْمَ تُدْعَوْنَ فَتَقُومُونَ، بِخِلافِ ما تَعْتَقِدُونَ الآنَ، وذَلِكَ بِحَمْدِ اللهِ عَلى صِدْقِ خَبَرِي"،» نَحا هَذا النَحْوَ الطَبَرِيُّ، ولَمْ يُخَلِّصْهُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَظُنُّونَ إنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلا﴾ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أحَدُهُما أنَّهُ أخْبَرَ أنَّهم لَمّا رَجَعُوا إلى حالَةِ الحَياةِ وتَصَرُّفِ الأجْسادِ، وقْعَ لَهم ظَنٌّ أنَّهم لَمْ يَنْفَصِلُوا عن حالِ الدُنْيا إلّا قَلِيلًا، لِمَغِيبِ عِلْمِ مِقْدارِ الزَمَنِ عنهُمْ؛ إذْ مَن في الآخِرَةِ لا يُقَدِّرُ زَمَنَ الدُنْيا؛ إذْ هم لا مَحالَةَ أشَدُّ مُفارَقَةً لَها مِنَ النائِمِينَ، وعَلى هَذا التَأْوِيلِ عَوَّلَ الطَبَرِيُّ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ في الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ﴾ [المؤمنون: ١١٢] ﴿قالُوا لَبِثْنا يَوْمًا أو بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف: ١٩]. والمَعْنى الآخَرُ أنْ يَكُونَ الظَنُّ بِمَعْنى اليَقِينِ، فَكَأنَّهُ قالَ لَهُمْ: يَوْمَ تُدْعَوْنَ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِ اللهِ، وتَتَيَقَّنُونَ أنَّكم إنَّما لَبِثْتُمْ قَلِيلًا، مِن حَيْثُ هو مُنْقَضٍ مُنْحَسِرٍ، وهَذا كَما يُقالُ في الدُنْيا بِأسْرِها: مَتاعٌ قِيلَ، فَكَأنَّهُ قِلَّةَ قَدَرٍ، عَلى أنَّ الظَنَّ بِمَعْنى اليَقِينِ يُقْلِقُ هاهُنا؛ لِأنَّهُ في شَيْءٍ قَدْ وقَعَ. وإنَّما يَجِيءُ الظَنُّ بِمَعْنى اليَقِينِ فِيما لَمْ يَخْرُجْ بَعْدُ إلى الكَوْنِ والوُجُودِ، وفي الكَلامِ تَقْوِيَةٌ لِلْبَعْثِ، كَأنَّهُ يَقُولُ: أيُّها المُكَذِّبُ بِالحَشْرِ الَّذِي تَعْتَقِدُ أنَّكَ لا تُبْعَثُ أبَدًا لا بُدَّ أنْ تُدْعى لِلْبَعْثِ فَتَقُومُ وتَرى أنَّكَ إنَّما لَبِثْتُ قَلِيلًا مُنْقَضِيًا مُنْصَرِمًا، وحَكى الطَبَرِيُّ عن قَتادَةَ أنَّهم لَمّا رَأوا هَوْلَ يَوْمِ القِيامَةِ احْتَقَرُوا الدُنْيا فَظَنُّوا أنَّهم لَبِثُوا فِيها قَلِيلًا.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هي أحْسَنُ﴾. اخْتَلَفَ النَحْوِيُّونَ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: "يَقُولُوا"، فَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أنَّهُ جَوابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٌ، تَقْدِيرُهُ: "وَقُلْ لِعِبادِي، إنَّكَ إنْ تَقُلْ لَهم يَقُولُوا"، وهَذا عَلى أصْلِهِ في أنَّ الأمْرَ لا يُجابُ، وإنَّما يُجابُ مَعَهُ شَرْطٌ مُقَدَّرٌ، ومَذْهَبُ الأخْفَشِ: أنَّ الأمْرَ يُجابُ، وأنَّ قَوْلَهُ تَعالى هاهُنا: "يَقُولُوا" إنَّما هو جَوابُ "قُلْ".
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
ولا يَصِحُّ المَعْنى عَلى هَذا بِأنْ يَجْعَلَ "قُلْ" مُخْتَصَّةً بِهَذِهِ الألْفاظِ، عَلى مَعْنى أنْ (p-٤٩٥)يَقُولَ لَهُمُ النَبِيُّ ﷺ: "قُولُوا الَّتِي هي أحْسَنُ"، وإنَّما يَصِحُّ بِأنْ يَكُونَ "قُلْ" أمْرًا بِالمُحاوَرَةِ في هَذا المَعْنى بِما أمْكَنَ مِنَ الألْفاظِ، كَأنَّهُ قالَ: "بَيِّنْ لِعِبادِي"، فَيَكُونُ ثَمَرَةَ ذَلِكَ القَوْلِ والبَيانِ قَوْلُهُمُ الَّتِي هي أحْسَنُ، وهَذا المَعْنى يُجَوِّزُهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ الَّذِي قَدَّمْنا. ومَذْهَبُ أبِي العَبّاسِ أنْ "يَقُولُوا" جَوابٌ لِأمْرٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: "وَقُلْ لِعِبادِي قُولُوا الَّتِي هي أحْسَنُ يَقُولُوا" فَحُذِفَ وطُوِيَ الكَلامُ. ومَذْهَبُ الزَجّاجُ أنْ "يَقُولُوا" جَزْمٌ بِالأمْرِ، بِتَقْدِيرِ: "قُلْ لِعِبادِي لِيَقُولُوا"، فَحُذِفَتِ اللامُ لِتَقَدُّمِ الأمْرِ، وحَكى أبُو عَلِيٍّ في "الحِلْيَتاتِ" في تَضاعِيفَ كَلامِهِ: أنَّ مَذْهَبَ أبِي عُثْمانَ المازِنِيِّ في "يَقُولُوا" أنَّهُ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ؛ لِأنَّهُ مُضارِعٌ حَلَّ مَحَلَّ المَبْنِيِّ الَّذِي هو فِعْلُ الأمْرِ؛ لِأنَّ المَعْنى: "قُلْ لِعِبادِي: قُولُوا".
واخْتَلَفَ الناسُ في ﴿الَّتِي هي أحْسَنُ﴾ -فَقالَتْ فِرْقَةٌ: هي "لا إلَهَ إلّا اللهَ"، ويَلْزَمُ -عَلى هَذا- أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعالى: لِعِبادِي يُرِيدُ بِهِ جَمِيعَ الخَلْقِ؛ لِأنَّ جَمِيعُهم مَدْعُوٌّ إلى "لا إلَهَ إلّا اللهَ"، ويَجِيءُ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿إنَّ الشَيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ غَيْرَ مُناسِبٍ لِلْمَعْنى إلّا عَلى تَكَرُّهٍ، بِأنْ يَجْعَلَ "بَيْنَهُمْ" بِمَعْنى "خِلالَهم وأثْناءَهُمْ"، ويَجْعَلُ "النَزْعَ" بِمَعْنى الوَسْوَسَةِ والإضْلالِ. وقالَ الجُمْهُورُ: الَّتِي هي أحْسَنُ هي المُحاوَرَةُ الحُسْنى، بِحَسَبِ المَعْنى مَعْنى، قالَ الحَسَنُ: "يَقُولُ: يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، يَرْحَمُكَ اللهُ".
وقَوْلُهُ تَعالى: "لِعِبادِي" خاصٌّ بِالمُؤْمِنِينَ، فَكَأنَّ الآيَةَ بِمَعْنى قَوْلِهِ ﷺ، "وَكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا"، ثُمَّ اخْتَلَفُوا -فَقالَتْ فِرْقَةٌ: أمَرَ اللهُ المُؤْمِنِينَ فِيما بَيْنَهم بِحُسْنِ الأدَبِ، وخَفْضِ الجَناحِ، وإلانَةِ القَوْلِ، واطِّراحِ نَزَغاتِ الشَيْطانِ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: إنَّما أمَرَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى في هَذِهِ الآيَةِ المُؤْمِنِينَ بِإلانَةِ القَوْلِ لِلْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، أيّامَ المُهادَنَةِ.
وسَبَبُ الآيَةِ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ شَتَمَهُ بَعْضُ الكَفَرَةِ، فَسَبَّهُ عُمَرُ وهَمَّ (p-٤٩٦)بِقَتْلِهِ، فَكادَ أنْ يُثِيرَ فِتْنَةً، فَنَزَلَتِ الآيَةُ، وهي مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ السَيْفِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: "يَنْزَغُ" بِفَتْحِ الزايِ، وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مَصْرِفٍ: "يَنْزَغُ" بِكَسْرِ الزايِ، عَلى الأصْلِ، قالَ أبُو حاتِمٍ: "لَعَلَّها لُغَةٌ، والقِراءَةُ بِالفَتْحِ". ومَعْنى النَزْغِ حَرَكَةُ الشَيْطانِ بِسُرْعَةٍ لِيُوجِبَ فَسادًا، ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "لا يُشِرْ أحَدُكم عَلى أخِيهِ بِالسِلاحِ لا يَنْزَغُ الشَيْطانُ في يَدِهِ"،» فَهَذا يُخْرِجُ اللَفْظَةَ عَنِ الوَسْوَسَةِ، وعَداوَةِ الشَيْطانِ البَيِّنَةِ هي قِصَّتُهُ مَعَ آدَمَ عَلَيْهِ السَلامُ فَيِما بَعْدُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَبُّكم أعْلَمُ بِكُمْ﴾ الآيَةُ. هَذِهِ الآيَةُ تُقَوِّي أنَّ الَّتِي قَبْلَها هي ما بَيْنَ العِبادِ المُؤْمِنِينَ وكُفّارِ مَكَّةَ، وذَلِكَ أنَّ هَذِهِ المُخاطَبَةَ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿رَبُّكم أعْلَمُ بِكُمْ﴾ هي لِكَفّارِ مَكَّةَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وكِيلا﴾، فَكَأنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أمَرَ المُؤْمِنِينَ أنْ لا يُخاشِنُوا الكُفّارَ في الدِينِ، ثُمَّ قالَ لِلْكُفّارِ: إنَّهُ أعْلَمَ بِهِمْ، ورَجّاهم وخَوَّفَهُمْ، ومَعْنى "يَرْحَمْكُمْ" بِالتَوْبَةِ عَلَيْكم مِنَ الكُفْرِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وغَيْرُهُ. ثُمَّ قالَ النَبِيُّ ﷺ: فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ، ولَسْتَ بِوَكِيلٍ عَلى إيمانِهِمْ ولا بُدَّ، فَتَتَناسَبُ الآياتُ بِهَذا التَأْوِيلِ.
ثُمَّ قالَ تَبارَكَ وتَعالى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ: ورَبُّكَ أعْلَمُ بِمَن في السَماواتِ والأرْضِ وهو الَّذِي فَضَّلَ بَعْضَ الأنْبِياءِ عَلى بَعْضٍ بِحَسَبِ عِلْمِهِ فِيهِمْ، فَهَذِهِ إشارَةٌ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ، وإلى اسْتِبْعادِ قُرَيْشٍ أنْ يَكُونَ الرَسُولُ بَشَرًا، والمَعْنى: لا تُنْكِرُوا أمْرَ مُحَمَّدٍ وأنْ أُوتِيَ قُرْآنًا، فَقَدْ فُضِّلَ النَبِيُّونَ، وأُوتِيَ داوُدُ زَبُورًا، فاللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ.
وتَفْضِيلُ بَعْضُ الرُسُلِ هو إمّا بِهَذا الإخْبارِ المُجْمَلِ دُونَ أنْ يُسَمّى المَفْضُولُ، وعَلى هَذا يَتَّجِهُ لَنا أنْ نَقُولَ: مُحَمَّدٌ أفْضَلُ البَشَرِ، وقَدْ نَهى عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ عن تَعْيِينِ أحَدٍ مِنهم في قِصَّةِ مُوسى ويُونُسَ، وإمّا أنْ يَكُونَ التَفْضِيلُ مُقَسَّمًا بَيْنَهُمْ: (p-٤٩٧)أُعْطِيَ هَذا التَكْلِيمُ، وأُعْطِيَتْ هَذِهِ الخُلَّةُ، ومُحَمَّدٌ الخَمْسُ، وعِيسى الإحْياءُ، فَكُلُّهم مَفْضُولٌ في وجْهٍ، فاضِلٌ عَلى الإطْلاقِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِمَن في السَماواتِ﴾. الباءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: "عَلِمَ بِمَن في السَماواتِ"، ذَهَبَ إلى هَذا أبُو عَلِيٍّ ؛ لِأنَّهُ لَوْ عَلَّقَها بِـ "أعْلَمُ" لاقْتَضى أنَّهُ لَيْسَ بِأعْلَمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا لا يَلْزَمُ، ويَصِحُّ تَعَلُّقُها بِـ "أعْلَمُ"، ولا يَلْتَفِتُ لِدَلِيلِ الخُطّابِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: "زَبُورًا" بِفَتْحِ الزايِ، وهو فَعَوْلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، وهو قَلِيلٌ، لَمْ تَجِيءُ إلّا في قَرُوعٍ ورَكُوبٍ وحَلُوبٍ، وقَرَأ حَمْزَةُ، ويَحْيى، والأعْمَشُ: "زَبُورًا" بِضَمِّ الزايِ، ولَهُ وجْهانِ: أحَدُهُما أنْ يَكُونَ جَمْعُ زَبُورٍ بِحَذْفِ الزائِدِ، كَما قالُوا في جَمْعِ طَرِيقٍ: طُرُوقٌ، والآخَرُ أنْ يَكُونَ جَمْعُ زَبُرٍ، كَأنَّ ما جاءَ بِهِ داوُدُ جُزِّئَ أجْزاءً، كُلُّ جُزْءٍ مِنها زَبْرٌ، سُمِّيَ بِمَصْدَرِ زَبَرَ يَزْبُرُ، ثُمَّ جَمَعَ تِلْكَ الأجْزاءِ عَلى زُبُورٍ، فَكَأنَّهُ قالَ: "آتَيْنا داوُدَ كِتابًا"، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ جَمْعُ "زَبْرٍ" الَّذِي هو العَقْلُ وسَدادُ النَظَرِ، لِأنَّ داوُدَ أُوتِيَ مِنَ المَواعِظِ والوَصايا كَثِيرًا، ومِن هَذِهِ اللَفْظَةِ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ في آخِرِ كِتابِ مُسْلِمٍ: « "وَأهْلُ النارِ خَمْسَةٌ: الضَعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ"،» قالَ قَتادَةُ: زَبُورُ داوُدَ مَواعِظٌ وحِكَمٌ ودُعاءٌ، لَيْسَ فِيهِ حَلالٌ ولا حَرامٌ.
{"ayahs_start":52,"ayahs":["یَوۡمَ یَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِیبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا","وَقُل لِّعِبَادِی یَقُولُوا۟ ٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ یَنزَغُ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوࣰّا مُّبِینࣰا","رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن یَشَأۡ یَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن یَشَأۡ یُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ عَلَیۡهِمۡ وَكِیلࣰا","وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِمَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بَعۡضَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ عَلَىٰ بَعۡضࣲۖ وَءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورࣰا"],"ayah":"وَقُل لِّعِبَادِی یَقُولُوا۟ ٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ یَنزَغُ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوࣰّا مُّبِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق