الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿رَبَّنا إنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وما نُعْلِنُ وما يَخْفى عَلى اللهِ مِن شَيْءٍ في الأرْضِ ولا في السَماءِ﴾ ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وهَبَ لِي عَلى الكِبَرِ إسْماعِيلَ وإسْحاقَ إنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُعاءِ﴾ ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَلاةِ ومِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾ ﴿رَبَّنا اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ ولِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسابُ﴾
مَقْصِدُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ التَنْبِيهُ عَلى اخْتِصارِهِ في الدُعاءِ، وتَفْوِيضِهِ إلى (p-٢٥٧)ما عَلِمَ اللهُ مِن رَغائِبِهِ وحِرْصِهِ عَلى هِدايَةِ بَنِيهِ والرِفْقِ بِهِمْ، وغَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ انْصَرَفَ إلى الثَناءِ عَلى اللهِ تَعالى بِأنَّهُ عَلّامُ الغُيُوبِ، وإلى حَمْدِهِ عَلى هِباتِهِ، وهَذِهِ مِنَ الآياتِ المُعْلِمَةِ أنَّ عِلْمَ اللهِ تَعالى بِالأشْياءِ هو عَلى التَفْصِيلِ التامِّ.
ورُوِيَ في قَوْلِهِ: ﴿عَلى الكِبَرِ﴾ أنَّهُ لَمّا وُلِدَ لَهُ إسْماعِيلُ وهو ابْنُ مِائَةٍ وسَبْعَةَ عَشَرَ عامًا، ورُوِيَ أقَلُّ مِن هَذا، وإسْماعِيلُ أسَنُّ مِن إسْحاقَ فِيما رُوِيَ، وبِحَسْبِ تَرْتِيبِ هَذِهِ الآيَةِ، ورُوِيَ عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ قالَ: بُشِّرَ إبْراهِيمُ وهو ابْنُ مِائَةٍ وسَبْعَةَ عَشَرَ عامًا.
وقَوْلُهُ: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَلاةِ ومِن ذُرِّيَّتِي﴾. دَعا إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَلامُ في أمْرٍ كانَ مُثابِرًا عَلَيْهِ، مُتَمَسِّكًا بِهِ، ومَتى دَعا الإنْسانُ في مِثْلِ هَذا فَإنَّما القَصْدُ إدامَةُ ذَلِكَ الأمْرِ واسْتِمْرارِهِ، وقَرَأ طَلْحَةُ والأعْمَشُ: "دُعاءِ رَبَّنا" بِغَيْرِ ياءٍ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وابْنُ كَثِيرٍ: "دُعايَ" بِياءٍ ساكِنَةٍ في الوَصْلِ، وأثْبَتَها بَعْضُهم في الوَصْلِ دُونَ الوَقْفِ، وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ بِغَيْرِ ياءٍ في وصْلٍ ولا وقْفٍ، ورَوى ورْشٌ عن نافِعٍ إثْباتَ الياءِ في الوَصْلِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "وَلِوالِدَيَّ"، واخْتُلِفَ في تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: كانَ هَذا مِن إبْراهِيمَ قَبْلَ يَأْسِهِ مِن إيمانِ أبِيهِ وتَبَيُّنِهِ أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، فَأرادَ أباهُ وأُمَّهُ لِأنَّها كانَتْ مُؤْمِنَةً، وقِيلَ: أرادَ أُمَّهُ ونُوحًا عَلَيْهِ السَلامُ، وقِيلَ: أرادَ آدَمَ وحَوّاءَ لِأنَّ أُمَّهُ لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً، وقِيلَ أرادَ آدَمَ ونُوحًا عَلَيْهِما السَلامُ، وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "وَلِوالِدِي" بِإفْرادِ الأبِ وحْدَهُ، وهَذا يَدْخُلُهُ ما تَقَدَّمَ مِنَ التَأْوِيلاتِ، وقَرَأ الزُهْرِيُّ، وإبْراهِيمُ النَخَعِيُّ: "وَلِوَلَدَيَّ" عَلى أنَّهُ دُعاءٌ لِإسْماعِيلَ وإسْحاقَ، وأنْكَرَها عاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ، وقالَ إنَّ في مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: "وَلِأبَوَيَّ"، وقَرَأ يَحْيى بْنُ يُعْمُرَ: "وَلِوُلْدِي" بِضَمِّ الواوِ وسُكُونِ اللامِ، والوُلْدُ لُغَةً في الوَلَدِ، ومِنهُ ما أنْشَدَهُ أبُو عَلِيٍّ وغَيْرُهُ:
؎ فَلَيْتَ زِيادًا كانَ في بَطْنِ أُمِّهِ ∗∗∗ ولَيْتَ زِيادًا كانَ وُلْدَ حِمارِ
ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ الوُلْدُ جَمْعَ وُلَدٍ، لا كَأُسْدٍ في جَمْعِ أسَدٍ.
(p-٢٥٨)وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الحِسابُ﴾ يَعْنِي: يَوْمَ يَقُومُ الناسُ لِلْحِسابِ، فَأسْنَدَ القِيامَ لِلْحِسابِ إيجازًا إذِ المَعْنى مَفْهُومٌ، ويَتَوَجَّهُ أنْ يُرِيدَ قِيامَ الحِسابِ نَفْسَهُ، ويَكُونُ القِيامُ بِمَعْنى ظُهُورِهِ وتَلَبُّسِ العِبادِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ بِهِ كَما تَقُولُ: قامَتِ السُوقُ، وقامَتِ الصَلاةُ، كَما قالَ: وقامَتِ الحَرْبُ عَلى ساقٍ.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["رَبَّنَاۤ إِنَّكَ تَعۡلَمُ مَا نُخۡفِی وَمَا نُعۡلِنُۗ وَمَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ","ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی وَهَبَ لِی عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَۚ إِنَّ رَبِّی لَسَمِیعُ ٱلدُّعَاۤءِ","رَبِّ ٱجۡعَلۡنِی مُقِیمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّیَّتِیۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَاۤءِ","رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ یَوۡمَ یَقُومُ ٱلۡحِسَابُ"],"ayah":"رَبَّنَاۤ إِنَّكَ تَعۡلَمُ مَا نُخۡفِی وَمَا نُعۡلِنُۗ وَمَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق