الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقالَ الضُعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا مِن عَذابِ اللهِ مِن شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانا اللهِ لَهَدَيْناكم سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا ما لَنا مِن مَحِيصٍ﴾ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ مَعْناهُ: صارُوا بِالبِرازِ، وهي الأرْضُ المُتَّسِعَةُ كالبَراحِ والعَراءِ والخَبارِ، فاسْتُعِيرَ ذَلِكَ لِجَمْعِ يَوْمِ القِيامَةِ، وقَوْلُهُ: "تَبَعًا" يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ (p-٢٣٨)مَصْدَرًا فَيَكُونُ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِمْ: "يَوْمُ عَدْلٍ ويَوْمُ حَرْبٍ"، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ جَمْعُ "تابِعٌ" عَلى نَحْوِ "غايِبٌ وغَيَبٌ"، وهو تَأْوِيلُ الطَبَرِيُّ. وفَسَّرَ الناسُ "الضُعَفاءُ" بِالأتْباعِ، و"المُسْتَكْبِرِينَ" بِالقادَةِ وأهْلِ الرَأْيِ، وقَوْلُهُمْ: ﴿مُغْنُونَ عَنّا﴾ مِنَ الغَناءِ، وهي المَنفَعَةُ الَّتِي تَكُونُ مِنَ الإنْسانِ لِلْآخَرِ في الدِفاعِ وغَيْرِهِ. والألِفُ في قَوْلِهِ: "أجَزِعْنا" ألِفُ التَسْوِيَةِ ولَيْسَتْ بِألِفِ اسْتِفْهامٍ، بَلْ هي كَقَوْلِهِ: "أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا"، و"المَحِيصُ": المَفَرُّ والمَلْجَأُ، مَأْخُوذٌ مِن "حاصَ يَحِيصُ" إذا نَفَرَ وفَرَّ، ومِنهُ في حَدِيثِ هِرَقْلَ: (فَحاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلى الأبْوابِ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، وعن مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أنَّ أهْلَ النارِ يَقُولُونَ: إنَّما نالَ أهْلُ الجَنَّةِ الرَحْمَةَ بِالصَبْرِ عَلى طاعَةِ اللهِ تَعالى، فَلْنَصْبِرْ، فَيَصْبِرُونَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ، فَلا يَنْتَفِعُونَ، فَيَقُولُونَ: فَلْنَجْزَعْ، فَيَضِجُّونَ ويَصِيحُونَ ويَبْكُونَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ أُخْرى، فَلا يَنْتَفِعُونَ، فَيَقُولُونَ هَذا القَوْلَ الَّذِي في الآيَةِ، وظاهِرُ الآيَةِ أنَّهم يَقُولُونَها في مَوْقِفِ العَرْضِ وقْتَ البُرُوزِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب